جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تَحِيّـة تُـراثِيّــة ..₪.. تعد صناعة البسط في فلسطين من أقدم الصناعات المنتشرة في أرجاء واسعة، وإن تركزت في القرن الأخير في قطاع غزة، وهذه الصناعة موجودة - كما يؤكد أصحابها - منذ عهد النبي داود عليه السلام، وتم تناقلها عبر الأجيال، وتم الحفاظ عليها رغم ظهور السجاد والموكيت والحصير.. فهي ما زالت موجودة حتى اليوم. وهي من الصناعات اليدوية من ألفها إلى يائها، وكان يعيش عليها الآلاف من المواطنين ... مراحل الصناعة حيث تبدأ من حلج صوف الأنعام من أغنام وخراف وإبل، وتجمع لتباع في الأسواق، ومنها تصل إلى أصحاب صناعة البُسط، وهم بدورهم يقومون بفصل ألوان الصوف الخام عن بعضها البعض، ثم يتم معالجتها بالتنشيف وإرسالها إلى البدويات لغزلها وتحويلها إلى خيوط ترسل للصباغة لتتحول إلى ألوان زاهية، ومن ثم تغسل بماء البحر لتثبيت الألوان ومن ثم تصنع على النول. والنول آلة لحياكة البسط يتكون من حفرة في الأرض مساحتها 120سم في مترين وعمق 80سم. ويوضع داخل الحفرة أجزاء من النول وهي: الدواسات وما يسمى بالمعدبات، وهي أدوات تمسك أجزاء النول الخارجية. : ثم يغرز ما يسمى "بالغرز" وهي أربع توضع في أركان الحفرة كانت تصنع من الخشب في الماضي والآن من الحديد، وهذه الغرز لتثبيت "المطواة" التي يلف عليها البساط أثناء الصنع، ويقابلها ما يسمى "المكلفة" وهي أيضا من الخشب وتستخدم لوضع "المسدية" المكونة من خيوط القطن التي ينسج عليها البساط. لا مكان للطبيعي! وصداً للمنافسة الحادة من السجاد والموكيت المستورد حاول أصحاب المهنة تطوير المادة المستخدمة سواء في النول أو الخيوط، فاستخدموا الخيوط المصنعة من مواد بترولية وغيرها بألوانها المتعددة وتوفيرًا للجهد الكبير الذي كانت تحتاجه الخيوط الطبيعية، وإن كانت أقل منها جودة وجمالا، فلم يعد في الحياة العصرية متسع للخيوط الطبيعية واستخداماتها، لذلك لجأ صناع البسط للخيوط الصناعية. ومن أهم العائلات التي اشتُهرت بصناعة البسط: عائلة الصواف، التي تقطن في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وفي فترة الستينيات والسبعينيات توسعت هذه الصناعة وازداد عددها ليصبح مئات الأنوال، ولكن بعد عدة سنوات انكمشت هذه الصناعة وعادت سيرتها الأولى، بل تناقص عدد الأنوال إلى العشرين إن لم يكن أقل، وذلك يعود إلى أن هناك صناعات منافسة كثيرة وأصبحت هذه المهنة أو الصناعة تراثية أكثر من أي شيء آخر وهي في انقراض مستمر، ويتم تسويق البسط الآن للزوار الأجانب ولبعض السكان ممن يحبون اقتناء الصناعات اليدوية