الموقع:
الجية قرية صغيرة نسبياً ولكنها عريقة تزيد مساحة أراضيها قليلاً عن 8500 دونما، تبعد عن غزة حوالي 20 كيلو متر، وتقع شرق الطريق البري المرصوف بين غزة والمجدل.
ويمر خط السكة الحديدية من الأراضي الغربية للقرية حيث يتجه هذا الخط من فلسطين إلى مصر.
ويبلغ متوسط ارتفاع سطح أراضي القرية 50 متر عن سطح البحر ويخترقها وادي واسع يمتلئ بالماء طوال فصل الشتاء وقد قام اليهود بتسوية هذا الوادي بعد عام 1948 تماماً كما أزالوا بئر المياه والمسجد بل والقرية كلها.
يحد أراضي الجية من الغرب نعليا ومن الجنوب والجنوب الغربي بربرة ومن الشرق والشمال الشرقي بيت طيما ومن الشمال الغربي المجدل.
عدد سكانها:
كان عدد سكانها عام 1948 "1427 نسمة" أما عددهم الآن فهو يقارب عشرة آلاف نسمة، القرية قديمة بدليل وجود بقايا أثرية وقطع معمارية وأعمدة قديمة في أراضيها.
تسميتها:
قد تكون كلمة الجية مأخوذة من كلمة الجواء بمعنى البر الواسع وقد يكون معناها "المكان البهيج اللطيف الممتلئ بالأزهار البرية في الربيع والصيف" وقد يكون المكان المنخفض الذي يحتوي على المستنقعات خاصة في الشتاء.
ولكن من شبه المؤكد أن التسمية جاءت بسبب خصوبة أرضها وانخفاض سطحها ولأن ترتبها طينية حمراء صلبة، ويتناقل الأحفاد عن الأجداد أن الجية كان اسمها الجهتين وأن شارعاً صغيراً كان يقسمها إلى شطرين أو جهتين تم رحل شطر منها أثر نزاع داخلي وسكنوا في حليقات وكوكبا.
وادي الجية:
يخترق الجية واد كبير يمتلئ بالماء طوال فصل الشتاء يمنع الاتصال بين جزأيها الشمالي والجنوبي. يبدأ هذا الواد رحلته من جبال الخليل ثم يسير متجهاً نحو الغرب إلى كوكبا وإلى بيت طيما ثم يخترق الجية من الشمال الشرقي وينحني فيها نحو الجنوب الغربي إلى أراضي بربرة الغربية ثم إلى بيت جرجا ثم إلى دير سنيد ليتحد مع وادي الحسي وهذان الواديان يلتقيان مع وادي الحليب المتوسط فلم يتجه الوادي من الجية غرباً لأن أراضي نعليا مرتفعة نوعاً.
نبذة تاريخية عن الجية:
الجية كما قلنا سابقاً قرية قديمة أثرية بدليل وجود كثير من البقايا الأثرية والقطع المعمارية والأعمدة القديمة.
ورد ذكرها في مذكرات الحروب الصليبية حيث دمرها الصليبيون عندما احتلوها.
وكانوا قد أطلقوا عليها اسم Algie وأعاد بناءها فيما بعد محمد أبو نبوت وهو قائد مملوكي تابع لوالي عكا أحمد الجزار والذي بنى فيها الجامع وبئر المياه بجانبه وأسكن فيها السكان من جديد.
ملكية أراضي القرية:
مساحة أراض القرية متوسطة بالنسبة لغيرها من القرى التابعة لقضاء غزة فمساحة أرضها حوالي 8500 دونم منها 250 دونم للطرق والوادي والسكة الحديدية وغيرها و 45 دونم مساحة بيوت القرية.
وكانت الزراعة تعتمد على مياه الأمطار (بعلية) عدا الأراضي المزروعة بالحمضيات وأشجار التين والجميز والعنف فتروى من مياه الآبار.
بيوت القرية:
بيوت القرية مبنية من الطين المخلوط بالقش، وكذلك السقف وكان بئر القرية في الوسط وبالقرب منه مسجد القرية مسقوف بطريق العقود وبجانبه شجرة جميز ويصعد المؤذن على سطح الجامع لرفع الآذان من فوقه، أما المقبرة فكانت جنوب القرية.
ويتكون البيت من عدة غرف أمامها فناء واسع وفي طرف البيت غرفة واسعة تسمى بايكة لوضع التبن والبقر فيها.
وكان للبقر أهمية كبيرة عند أهل القرية للاستفادة من ألبنانها وأجبانها ولتشغيلها في عمليات الزراعة من حرث ودرس وغيرها.
وأمام البيت عريش أو رواق مرتفع قليلاً عن أرض الفناء للجلوس فيها صيفاً، ويسمى رواق.
والبيت كله يحتاج إلى إصلاح كل سنة قبل فصل الشتاء وتقوم بذلك النساء وبعض الرجال حيث يضعون طبقة جديدة من الطين المخلوط بالقش على جدرانه وسطحه.
ويتم تخزين القمح بعد حصاده في مطامير والمطمورة حفرة واسعة تحت الأرض، تكون أسفل فناء الدار، أما القمح والذرة التي سيتم استهلاكها فتوضع في الخابية حيث تبنى في أحد البيوت على شكل اسطواني ولها فتحتان: علوية لوضع الحبوب عن طريقها في الخابية وسفلية لأخذ الحبوب منها.
أما عملية طحن الحبوب فكانت تتم في مطاحن المجدل أو بربرة أو في مطحنة قسطنجي أو قسطندي على أرض الجية.
وللعلم أن مخزون الفلاح من القمح أو الذرة أو الشعير إذا كان يكفي مئونة عائلة الفلاح لمدة سنة فهو بخير.
حارات الجية وعائلاتها: تقسم الجية إلى ثلاث حارات وهي:
أ- حارة الشنطي وتضم العائلات التالية:
1- عائلة الطيبي.
2- عائلة يوسف وسلمان.
3- عائلة السحار.
4- عائلة الحاج إبراهيم.
5- عائلة طه.
6- عائلة أبو عواد.
7- عائلة علوش.
8- عائلة حماد.
9- عائلة خير الدين.
10- عائلة درويش.
11- عائلة عباس وزايد.
12- عائلة حسين إبراهيم.
ب- حارة القطوري: وتضم العائلات التالية:
1- عائلة سويدان.
2- عائلة عابد.
3- عائلة شاهين.
4- عائلة المشني.
5- عائلة صباح.
6- عائلة موسى.
7- عائلة نصر الله.
8- عائلة عوض وشعبان.
9- عائلة جبر (ريان).
ج- حارة الغبون: وتضم العائلات التالية:
1- عائلة محجز.
2- عائلة أبو شنب.
3- عائلة سليمان.
4- عائلة سليم.
5- عائلة صيام.
6- عائلة راضي (شاهين).
7- عائلة ياسين حلوة.
8- عائلة ربيع.
9- عائلة سالم وسلامة.
10- عائلة الأخرس.
هذا التقسيم عرقي واجتماعي ولكل حارة من الحارات الثلاث مختار يرجع إليه أهل الحارة في كثير من الأمور، عدا عن اتصاله بالجهات الرسمية أو بالعكس.
التعليم:
تميزت الجية عن غيرها من القرى بالتعليم منذ أمد بعيد قبل الهجرة فقد تخرج من أبنائها عدد لا بأس به من العلماء من الأزهر الشريف بمصر.
وهؤلاء أسهموا في تعليم الكثير من المتعلمين والفقهاء من أهل القرية حيث كانوا يفتحون بيوتهم لتعليم أبناء القرية القرآن الكريم والحساب واللغة العربية وغيرها (كّتاب).
وبعد ذلك يذهب التلاميذ للدراسة في المدارس الحكومية في المجدل أو بربرة وغيرهما.
وفي السنوات الأخيرة اتفق أهل الجية على إنشاء مدرسة بقريتهم إلا أن الهجرة والنكبة لم تمكنهم من ذلك وكان بعض هؤلاء العلماء يذهبون إلى القرى المجاورة أو إلى العربان لإتمام عقود الزواج أو للصلاة بالناس خاصة في شهر رمضان أو لتعريف الناس بأمور دينهم.
وبعد الهجرة تابع معظم الطلاب تعليمهم في المدارس والجامعات حتى تخرج من بينهم علماء وأطباء ومهندسون مشهورون توزعوا على الدول العربية: كالسعودية والإمارات وغيرهما ونال كثير منهم مراكز مرموقة.
وكل ذلك بسبب اهتمام أهل الجية بالتعليم قبل الهجرة وأصبحت نسبة التعليم في القرية عالياً جداً تشمل مختلف التخصصات والعلوم.
وبرز الكثير كأساتذة ومحاضرين في كثير من الجامعات في الداخل والخارج كما تخرج الكثير من الأطباء والمهندسين والمدرسين والمحامين.
الزراعة:
كانت معظم أراضي الجية الزراعية تقع حول بيوت القرية وفي محيطها وكما سبق فإن هذه الأراضي تتميز بخصوبتها وبترتبها الطينية الحمراء خصوصاً بعد تسميدها بالأسمدة العضوية في معظم السنوات حتى يكون الإنتاج الزراعي جيداً.
وكانت الزراعة تعتمد في غالبيتها على مياه الأمطار التي تسقط في فصل الشتاء وتسمى بالزراعة البعلية عدا الأراضي المزروعة بالأشجار والحمضيات.
كانت الأرض مقسمة إلى موارس طويلة وتزرع مرة واحدة في السنة وبعضها يزرع مرتين في السنة.
أهم المحاصيل:
الشعير والذرة والقمح والبقوليات كالعدس والفول كما تزرع البندورة والكوسا والبامية والحلبة والسمسم والباذنجان والقصب وكثير من الخضار.
ومن المعلوم أن القمح والشعير من المحاصيل الشتوية التي يتم حصدها في شهري أبريل ومايو، أما الذرة الرفيعة المعروفة بالشامية فتزرع في فبراير وتحصد في يوليو.
مواسم الزراعة:
الزراعة هي أهم عمل للسكان وكانت أراضي القرية تحيط بها من جميع الجهات وتعتمد الزراعة على مياه الأمطار في الشتاء عدا الأراضي المزروعة بالحمضيات والأشجار المثمرة.
وكانت الأرض مقسمة إلى موارس طويلة وتزرع مرة واحدة أو أكثر في السنة، وكان الشعير والقمح والبقوليات والبامية والبندورة والخضار والذرة هي أهم المحاصيل.
وكان الشعير والقمح يحصد في أبريل ومايو أما الذرة فتزرع في فبراير وتحصد في يوليو.
الأدوات الزراعية التي كان الفلاح يستعملها في عمليات الزراعة المختلفة:
1- المحراث أو الفرد.
2- الطورية.
3- الكريك.
4- البلطة.
5- القدوم.
6- المنشار.
7- لوح الدراس.
8- الغربال.
9- الطاحونة.
10- المنجل.
11- الشنشرة.
12- البردعة.
الرعي وتربية الحيوانات:
نظراً لوفرة الأمطار وكثرة الإنتاج الزراعي عمل أهالي الجية على تربية الحيوانات على نطاق واسع أهمها: الأغنام والأبقار والحمير والإبل مما أدى إلى توفر إنتاج الحليب واللبن والجبن والزبدة بكميات كبيرة حيث تباع في سوق المجدل.
إضافة إلى هذا فإنهم يستخدمون البقر والحمير والجمال في جميع عمليات الزراعة من حرث ونقل ودرس.
وتربى هذه الحيوانات على الأعشاب في المناطق العشبية أو على مخلفات الإنتاج الزراعي.
الحرف والتجارة:
كانت الحرف والتجارة بسيطة تعتمد على المقايضة فيشترون ما يشاءون من الدكاكين أو من الباعة المتجولين بكميات قليلة من القمح أو الشعير أو الذرة ولكن في السنوات الأخيرة بدأوا يشترون ويبيعون بالنقود.
وكانت ثروة الفلاحين معظمها من الإنتاج الزراعي ومما يملكونه من الأغنام والأبقار على نطاق واسع.
وكانت الجية مشهورة بالحليب واللبن والجبنة حيث تباع في سوق المجدل وكان في الجية جزارون هم:
شحادة الأخرس وحسن سلامة وأحمد حسين إبراهيم وعبد القادر شعبان عوض.
وكان في القرية أربع محلات للبقالة (العبد شكير) وأحمد أبو شنب ومحمد أبو عواد وأحمد عوض.
أما من يقوم بالحلاقة فهو محمود صالح أبو شنب. وكان في القرية سيارة شحن واحدة يملكها حسن طه.
أما بئر القرية فكان يعتمد على الحيوانات في استخراج الماء بالقواديس من البئر ولكن في السنوات الأخيرة تم تركيب ماتور لاستخراج الماء.
المأكولات:
كان الناس يعتمدون في غذائهم على ما تنتجه أرضهم من المحاصيل كالحبوب والبقوليات والخضار بحيث يمكن أن يقال أنهم مكتفون ذاتياً إلا في بعض المواد الغذائية الأخرى.
وكانت النساء تقوم بعملية الخبز في الطابون وكان الخبز يصنع من الذرة أو القمح أو الشعير.
لذلك كان الناس يخزنون حبوبهم التي تنتجها أرضهم في المطامير ليكفيهم مؤونة السنة وبعض الناس لا يكفيهم فيضطرون إلى الاستدانة.
أما المشروبات فهي في الغالب: القهوة السادة وصاروا يشربون الشاي في السنوات الأخيرة بالإضافة إلى الدخان العربي.
الصناعة:
كانت الجية مشهورة ببعض الصناعات البسيطة التي تعتمد على الإنتاج الزراعي والحيواني مثل: الجبن واللبن والمفارش والبسط وبعض أدوات النجارة التي تستخدم في عمليات الزراعة المختلفة كالمحاريث الخشبية وغيرها وكان البعض يقوم بأعمال الخياطة أو الحلاقة أو الجزارة.
تطورت بعض هذه الأعمال بعد الهجرة حيث اشتهر بعضهم بصناعة الأثاث والموبيليات والأبواب والشبابيك وكثير من مصانع الخياطة والصناعات البلاستيكية.
الحياة الاجتماعية لأهل الجية:
كان أهل الجية يعيشون متحابين ومتعاطفين يعاون بعضهم بعضاً كأنهم أسرة واحدة، ولكل عائلة ديوان أو أكثر يجلس فيه الرجال يتحدثون ويتسامرون يشربون القهوة ويسلى بعضهم بعضاً بالحواديث ويتشاورون في حل بعض المشاكل التي قد تظهر بينهم أو بينهم وبين العائلات الأخرى.
أرسلها: marr2009@hotmail.com