كانت الواجهة الغربية للزيب تطل على البحر لا بل " فـقـسُ الموْج " كان تحت نوافذها، وكان الشاطئ الجنوبي رمليا وله ذكريات عند أهل القرية، منها لغز العطر على الرمل ومنها السمكة العملاقة وكان هذا الشاطئ ينتهي في أقصى الجنوب بصخور تتخذ منها نساء الزيب ساترا ومسبحا، وكانت في بحر الزيب جزيرة صغيرة قريبة من الشاطئ يقصدها الصبية ليصطادوا العصافير عليها، أما الشاطئ الشمالي فكان صخريا وكانت فيه مغارة عجيبة. تقصدها المرأة التي تأخر حبلها لتجد فيها العلاج . وعلى هذا الشاطئ كانوا يصطادون السمك بواسطة " التـفنيس " أي إعشاء السمك بتسليط الضوء القوي عليه واصطياده، أما في عرض البحر فكانوا يصطادون السمك عادة بواسطة الديناميت ويوقعون أنفسهم في حوادث تصل أحيانا الى حد المأساة.
الشاطئ الرملي
لغز العطر على الرمال و السمكة العملاقة
عثر بعض النسوة ذات يوم على وعاء مُلقى على رمال الشاطئ يقارب حجمه حجم " قدرة اللبن " كان البحر قد قذف به الى هناك ، وكانت تفوح منه رائحة عطرية فما إن رفعته إحداهن، إلا وتفتت بين يديها وانداح العطرُ المُكثف على الرمل وفاحت رائحته في الهواء. كل واحدة منهن حملت على طرف ثوبها قبضات من هذا الرمل المُعطر.
في البيت ملأت به طاسة أو طاستين ووزعت ما بقي منه. وما لبثت حكاية هذا العطر أن أصبحت حديث الناس في الزيب لأيام وأيام .لكن رائحة العطر بقيت في البيوت لأسابيع وأسابيع.
وبقي لغز هذا الوعاء سـرّا من أسـرار البحر.
اما بالنسبة للسمكة العملاقة فانه ذات جاد البحرُ على أهل الزيب بسمكة عملاقة وجدوها مُمددة على رمل الشاطئ طولها " طول الزلمة " أي الرجل و لونها أسود ضارب للزرقة وبطنها أبيض .تجمهر الصغار والكبار حولها لم يروا مثلها من قبل، احتاروا في تحديد اسـمها فهي ليست من صنف الحوت ولا من صنف كلب البحر، كما احتاروا فيما عـساهم يفعلون بها.
أخيرا أشـار عليهم أحدهم أن يذهب هو أو غيره الى محمود السِّلوادي ويدعوه لكي يأتي ويرى، وكان هذا الرجل الأسمر طويل القامة معروفا من أهل الزيب كان تاجر سمك وكان من عادته أن يأتي الى القرية من المدينة ويشتري ما يجد عند صيادي السمك.
جاء السِّلوادي ، وفحص السمكة وتم الاتفاق على أن يشحن السمكة الى عكا وأن يذهب معه اثنان من " أصحابها " وأن يبيعوها بالمفرّق إن لم يجدوا من يشتريها بالجملة، وأن يتقاسموا الثمن نصفه للسِّلوادي والنصف الثاني لأصحاب السمكة، ثم رفع الرجال السمكة العملاقة الى البيك أب.
وهكذا كان .
السباحة على البُـقباق
عند آخر الشاطئ الرملي لجهة الجنوب منطقة اسمها البقباق صخورها تشكل ساترا لمن أراد السباحة من النساء، وكان بعض فتيات القرية يذهبن الى البقباق مع امهاتهن أو أخواتهن الكبريات ويسبحن وهن في فرح عظيم.
وكانت تأتي الى البقباق مجموعات من النساء من قرى مجاورة للزيب منها ترشيحا.
الجزيرة
صيد العصافير
في بحر الزيب جزيرة صغيرة غير بعيدة عن الشاطئ وهي صخرية جرداء ولا اسم لها كانوا في الزيب حين يذكرونها يقولون الجزيرة.
كان الفتيان المهرة يذهبون اليها سباحة يمضون فيها بعض الوقت ويعودون وكانوا يتنافسون فيما بينهم على من يقطع المسافة بين الشاطئ والجزيرة قبل الآخر. وكان البعض منهم يقصدها ليصطاد العصافير التي تحط عليها وتبيت داخل الكوى والثغور في صخورها. يأتون الى الجزيرة حاملين معهم شبكة وعُبّا ويمكثون هناك حتى وقت الأصيل.
وكان الفتية والفتيات يقصدون هذه الجزيرة في مواسم الأعياد . يستمتعون بالنزهة البحرية على ظهر قارب الصيد ربما أكثر مما يستمتعون برؤية الجزيرة في حد ذاتها.
العلاج في مغارة ام طمْرون
الشاطئ الشمالي للقرية صخري وفي الصخور هناك خرْقٌ كبير يسميه أهل الزيب مغارة أم طمرون في داخلها صخرة على صورة جمل رابض في الماء. ومنهم من كان يعقتد أن المرأة التي تأخر حبلها يكون بها نقزة من شيئ أخافها وقذف الرعب في قلبها وكانوا يعتقدون أيضا أن هذه النقزة تزول عن هذه المرأة المرعوبة إن هي توكلت على الله وانقادت لأمر الداية التي ترافقها الى ذلك المكان.
العلاج في مغارة ام طمْرون
لشاطئ الشمالي للقرية صخري وفي الصخور هناك خرْقٌ كبير يسميه أهل الزيب مغارة أم طمرون في داخلها صخرة على صورة جمل رابض في الماء، ومنهم من كان يعقتد أن المرأة التي تأخر حبلها يكون بها نقزة من شيئ أخافها وقذف الرعب في قلبها وكانوا يعتقدون أيضا أن هذه النقزة تزول عن هذه المرأة المرعوبة إن هي توكلت على الله وانقادت لأمر الداية التي ترافقها الى ذلك المكان.
حول صيد السمك في عرض البحر
لم يكن صيد السمك في الزيب مهنة يتفرغ لها الصياد إلا فيما ندر فغالبا ما كان الصياد صاحب أرض ينقطع اليها كليا أو جزئيا في مواسم الفلاحة والحصاد. وكان يخرج في قارب الصيد الى عرض البحر ومعه رجل أو اثنين ويكون هو " ريِّـس " القارب وكان القارب يتم تحريكه عبر عملية التجديف، وكان الصيد أحيانا بالشباك، وبالديناميت في معظم الأحيان.
"الزيب كما عرفتها"
احمد سليم عودة
بتصرف