بسم الله الرحمن الرحيم
مذبحة الدوايمة...
قال تعالى ( كيف وان يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم الا ولا ذمة ..) التوبة 8
وقال تعالى ( لا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ) التوبة 10
سياسيا ...
بعد سقوط الدولة العثمانية بسبب ضعف الأيمان في صدور أبناء الأمة , وبسبب الممارسات الخاطئة من قيادات الأمة آنذاك , وبفعل المؤامرات الدولية قسمت الدولة الأسلامية – الرجل المريض – كما سماها الاستعماربين دول الأستعمار وكما قال الله سبحانه وتعالى (.... وان كان مكرهم لتزول منه الجبال ) وفعلا أصبحت الدولة الاسلامية التي عاشت قرونا وأسهمت أسهاما هاما في صنع الحضارات وما زال أثرها حتى عصرنا الحالي .
بعد مضي سنوات عديدة ( عدة قرون ) على الأستعمار الغربي لوطننا العربي , وبعد المقاومات البطولية التي مارستها الأمة رأت القيادات الاستعمارية الخروج من المنطقة تاركة لها وكلاء من أبناء المنطقة – عملاء – كي يمارسوا ما كان يمارسه المستعمر من قتل للروح الوطنية , والمساهمة الفعالة في التخلف في شتى المجالات وذلك بطرد الخبرات العلمية للخارج ,ونهب الخيرات والأستمرارفي صنع الحروب والخلافات البينية بين أبناء الوطن الواحد أو بين الأنظمة المجاورة بعضها ببعض , وفوق كل هذا زرعوا في قلب الوطن العربي ( الكيان الصهيوني ) – المعسكر المتقدم للدول
الاستعمارية ولتكون هذه الدولة عنصر مفجر للمشاكل وعدم الأستقراربشن الحروب أو التهديد بشنها بين فينة وأخرى لتبقى المنطقة تحت صفيح ساخن ومهيئة للأبتزاز مع مزيد من استنزاف لقوته وامكانياته وقدراته ,هذه الجرثومة التي ابتلي بها الوطن العربي وبالأخص فلسطين هي لأخبث ملة شهد تاريخها الطويل جرائم بحق الأنسانية , وبحق الأنبياء والرسل وبحق الشعوب التي رزحت تحت سيطرتها وأكبر دليل على جرائمهم قديما تنفيذ مجزرة بحق أول مدينة في التاريخ ( مدينة أريحا) .
وما زالت جرائمهم مستمرة.
كانت فلسطين من نصيب المستعمر البريطاني بعد أن قسمت العصابات الأستعمارية الوطن العربي بينهم (فرنسا , بريطانيا , ايطاليا ..) فقامت بريطانيا باستجلاب اليهود من شرق الدنيا وغربها ودربتهم في معسكراتها وسلمتهم أسلحة وذخائر بعد أن نظفت الفلسطينيين من كل وسائل الدفاع عن النفس , وسيطرت هذه العصابات على كثير من أراضي الدولة – المسماه أراضي أميرية – كما وأغروا بعض العائلات الأقطاعية وهي من أصول لبنانية مارونية في شمال فلسطين وعن طريق الوكالة اليهودية وبدعم من بريطانيا وفرنسا وباغراآت مالية بنوا مستعمرات وجلبوا مهاجرين جدد.
وفي غفلة من الشعوب العربية المنهكة من مقاومة المستعمر وبتآمر من قيادات وعائلات عربية حاكمة , وبدعم من ما يسمى هيئة الأمم المتحدة أصبحت لهذه العصابات دولة , وشنت هذه الدولة حلقات من القتل المنظم ومجازر يقشعر منها الأبدان تحت سمع وبصر العالم .
كان من نصيب الدوايمة أن هاجمتها كتيبة ( الكوماندوز 89) التابعة للواء الثامن بقيادة الأرهابي ( موشي ديان ) وهذه الكتيبة مؤلفة من رجال عصابات خدموا في عصابات ( شتيرن والأرغون) وفي يوم الجمعه 28/10/1948م وبعد صلاة العصر اقتحمت هذه العصابات من ثلاث جهات ( الغربية والشمالية والجنوبية ) وتركوا الجهة الشرقية لمن ينجوا ليهرب لأسباب محسوبة أمنيا منها نقل أجواء المجازر للآخرين لخلق جو من الرعب آنذاك .
حينما سمع أهالي البلدة بالأجتياح الصهيوني هب الشباب وخاصة من استطاع أن يشتري سلاحا من ماله الخاص وبطريقته الخاصة للدفاع عن البلدة , وأما الآخرين من النساء والشيوخ والأطفال وممن لا يملك سلاحا ليقاوم هربوا الى الكهوف والمغر ومسجد البلدة ومنهم اتجه شرقا الى القرى المجاورة , ولكن العصابات الصهيونية لاحقتهم فقتلوا من قتلوا في سوق البلدة والذي كان يسمى آنذاك ( سوق البرين ) وذلك لكبره واعتماد الناس والتجار عليه من الجبل والساحل , ومن دخل المسجد قتل
دون أن يراعي هؤلاء الصهاينة حرمة المسجد ثم أحرقوا المسجد ليخفوا جريمتهم , ثم قاموا بتمشيط البلدة وقتل كل من وجدوه في بيته , ثم اكتشفت هذه العصابات مجموعة من أهالي البلدة مختبئه في كهف ( يسمى طور الزاغة ) قتلوا كل من وجدوه في هذا المكان من أطفال ونساء ورجال بدم بارد .
تقديرات لعدد الشهداء ...
هناك اختلاف في عدد الشهداء وذلك لأختلاف الروايات , وكذلك بسبب محاولة طمس العدو الصهيوني لهذه المجزرة لسنوات طويلة , وشطب كل المعلومات التي كانت ترد من اللجان الداخلية للكيان أو حتى الدولية منها , حيث ورد عن المؤرخ الأسرائيلي (بني مورس ) في كتابه (تصحيح غلطة ) اذ يقول بهذا الخصوص : ( لقد تمت المجزرة بأوامر من الحكومة الأسرائيلية , وان فقرات كاملة حذفت من محضر اجتماع لجنة حزب مبام عن فظائع ارتكبت في قرية الدوايمة وأن الجنود قاموا بقتل المئات من سكان القرية لأجبار البقية على الهروب , وما ورد عن معلومات عامة من اللجنة الدولية من مراقبي الأمم المتحدةبرئاسة العسكري البلجيكي ( فان فاسن هوفي )وكان بصحبته عسكريين يهود حيث شاهد الدخان يتصاعد من مسجد القرية فطلب منهم دخول المسجد ولم يسمحوا له بحجة أن هذا المكان مقدس عند المسلمين ولا يجوز دخوله , ولكن البلجيكي شعر أن هناك مجزرة داخل المسجد وذلك بعد أن استرق النظر من نافذة المسجد واشتم رائحة كريهة صادرة من حرق جثث بشرية , وقدرت بعض الجهات بأن عدد الشهداء داخل المسجد كان ما بين ( 50-70) شهيدا , أما طور الزاغة وكان قد لجأ اليه بعض العائلات وكان عددهم ما بين (25-30) عائلة , أمروا في البداية الشباب والرجال بالخروج وصفوهم وأطلقوا عليهم النيران أمام أهلهم , ثم قاموا بقتل ما تبقى من نساء وأطفال وقدر عدد الشهداء ما بين (70-100) شهيد , وكذلك استشهد عدد كبيرا ممن لجأوا الى القرية من القرى المجاورة في بعض البيوت وكذلك في سوق البلدة ) . لقد حاول العدو اخفاء جريمته سنين عديدة الى أن كشفته صحيفة اسرائيلية في 24/8/1984م بعد اجراء مقابلة مع أحد أبناء الدوايمة ممن عاش تلك الأيام وهو المختار ( حسن محمود هديب ) وكان يسكن مخيم العروب بالقرب من مدينة الخليل وحملت المقابلة شهادات منها شهادة قائد الفصيل (أ) في الوحدة المهاجمة للقرية(89) ,وكذلك شهادة ( يعقوب أهروني) مسؤول المتفجرات في الكتيبة وغيرهم ممن أيدوا وقوع المجازر حسب ضمائرهم ومسؤولياتهم التاريخية , وحسب قناعتهم بما ارتكبوه .. وممن ذكر هذه المجزرة المؤرخ ( ميلشطين , والمؤرخ مائير بيل وهو مؤرخ عسكري ..) .
هذه الجرائم بقيت طي النسيان لسنوات لعدة أسباب :
1- محاولة العدو طمس معالم الجريمة بعد أن تحقق لهم أهدافهم باخلاء البلدة , ودب الرعب في القرى المجاورة وذلك باحراق الجثث ودفن الأخرى في آبار البلدة وتدمير البيوت ثم جرفها .
2- تآمر وصمت بعض الجهات الدولية وخاصة من أطراف رسمية وأخرى أهلية متعاطفة مع اليهود أو مورست ضدها عوامل ترغيب وترهيب فأسقطوا شهادات ومشاهد من تقاريرهم .
3- تأخر ورود اعترافات صهيونية من جنود أو سياسيين أو مؤرخين وذلك لشعورهم بالعار من جراء ما اقترفته أياديهم , ولسبب آخر وهو ايمان البعض من هؤلاء المجرمين القتلة بصوابية ما صنعوه من جرائم وعدم الكشف عنها مصلحة صهيونية في الوقت الحالي – بعد عام 1967م-
4- استمرار الهجرات والنكبات وتفرق وتشتيت الأهل والأقرباء مما حدى بكثير من الأهالي بتوقع وجود أبنائهم أو أقاربهم بمنطقة ما - من مناطق النزوح -.. قد يلتقي بهم قريبا على هذا الأمل مرت السنين دون أن يتمكنوا بوقوع هذه الجرائم بهذا الحجم وبهذا الشكل المرعب .
5- الجهل وعدم التمكن من الوصول الى وسائل الأعلام ليتم نشر ما حدث أو تجميع الروايات ممن شاهد أو أصيب , أو فقد له قريب .
هذه صورة من صور المجازر التي عمت كثيرا من قرى ومدن فلسطين وذلك بدعم وتأييد الحكومة البريطانية , والتخاذل العربي , وصمت المؤسسات الدولية وجميعهم مسؤولين عن دماء شعبنا , وهذه القوى ما زالت تحول دون أن ينال الشعب الفلسطيني حقه في التحرير وهؤلاء هم من يدعمون العدو الصهيوني بالمال والسلاح والرجال والحماية الدولية في أروقة المؤسسات الدولية .
ونذكر بعض من أسماء الشهداء الذين قتلوا داخل القرية في يوم الأجتياح 28/10/2011م
1- محمد عبد القادر سربل 2- محمد أحمد سلامة العيسة
3- محمود محمد ظاهر العيسة 4- محمود أحمد سلمان هديب
5- حليمة عبد الفتاح العيسة 6- جبريل فياض هديب
7- أحمد يحيى سالم هديب 8- ابراهيم خليل سالم هديب
9-عبد الله حسن حجي 10- اسماعيل أحمد علي عبد الدين
11- أحمد اسماعيل شحادة عبد الدين 12- ابراهيم عيسى العداربة
13- أحمد عيسى العداربة 14- عرابي محمد سلامة العداربة
15- عبد ربه اسماعيل العداربة 16- عبد الله سليمان سربل
17- أحمد عبد الهادي حرب القيسية 18- ابراهيم حباس السباتين
19- أم خليل سلامة حمدان بصبوص 20- أحمد سالم الأقطش
21- أحمد عثمان الزعاترة 22- محمود حسن لافي
23- أحمد محمود الغوانمة 24- أم محمد زرارة الغوانمة
25-عبد الله محمد عبد الدين 26- عائشه أحمد عبد الدين
27- عبد الله موسى أبو صبيح 28-مسلم سلامة أبو صبيح
29- مريم فريح زوجة مسلم أبو صبيح 30- محمد سلمان صندوقة
31- محبوبة حسين صندوقة 32- أولاد وبنات أحمد غنية عدد(5)
33- محمد الشيخ علي العبسي 34- فاطمة محمد عبد الرحمن العبسي
35- راتب محمد عبد الرحمن العبسي 36- الحاج عثمان عبد القادر أبو خضرة
37- صالح الشيخ علي العبسي 38- سليمان أبو صفية
39- محمد الشيخ علي العبسي 40- الحاج سلامة أبو معيلش
41- حسن – زوجة عبد الفتاح العداربة 42- حليمة زوجة محمد عيسى أبو هريرة
43- حمدة زوجة سالم الزبن 44- حليمة الجواوده
45- رقية زوجة سلامة عياش 46- رفعة موسى أبو سلعوم
47- زينب زوجة محمد سلامة أبو معيلش 48- زينب أبو دية القيسية
49- زينب سالم لافي 50- خضرة زوجة صالح العداربة
51- عائشه أحمد عبد الدين 52 –آمنة زوجة خليل أبو عواد
53- أم خليل سلامة حمدان بصبوص 54- أم أحمد مسلم أبو خضرة
55- زوجة أحمد محمود الغوانمة 56- آمنة زوجة أحمد الحاج القيسية
57- فاطمة المقوسي زوجةمصطفى القيسية 58-مريم سلامه عباس القيسية
59-سارة عباس القيسية 60- فاطمة زوجة حسن القيسية
61- مريم عبد الهادي ابو صفية 62- موسى سليمان عبد الزعاترة
63- محمود سالم الزعاترة 64- فاطمة القيسية ام حسن الصادق الزعاتره
65- محمد موسى أبو هريرة 66- الشيخ محمود مطلق الغوانمة
67- محمد سالم حماد ابو خضرة 68- عبد الرحمن ابو صفية
وهذه بعض ممن اسشهد في طور الزاغ من أبناء الدوايمة....
1- ابراهيم جوده العامري 2- محمود دخل الله العامري
3- محمد دخل الله العامري 4- فاطمة محمد العبسي
5- فضة دخل الله العامري 6- عائشة مسلم اسماعيل هديب
7- مسلم اسماعيل أحمد هديب 8- صبيحة محمود سلامة الغوانمة
9- دخل الله محمود العوادي وزوجته 10- اسماعيل أحمد الحاج القيسية
11- ابراهيم جوده العامري 12- آمنة شحادة عبد الجواد
13- زبيدة حسين حجي 14- لبيبة حسين مسلم هديب
15- مريم مصطفى القيسية 16- زينب حسين عشا
17- محمود حسين الحاج القيسية وأفراد أسرته ...
18- صبيحة دخل الله العامري 19- زوجة محمود أحمد العوادي
هذه ثلة من الشهداء الذين قتلوا بيد العصابات الصهيونية وهم عزل من السلاح وأغلبهم نساء وشيوخ
حاولوا النجاة من الموت الا أن العصابات الصهيونية لاحقتهم فاغتالتهم بيد آثمة , واذ نحمل العدو الصهيوني دماء الشهداء مما سقطوا على أرض الدوايمة وعلى أرض فلسطين كل فلسطين وفي المنافي
أرض الشتات فاننا لا نعفي بعض القيادات العربية والأسر الحاكمة التي عملت على اضعاف الفلسطينيين وتجريدهم من كل أسباب القوة بدعوى أن الجيوش العربية السبعة هي من ستحرر فلسطين وتصد العصابات الصهيونية .... ولكننا تحت ظلال هذه القيادات نتقدم من هزيمة الى نكسة , ومن مجزرة الى مجزرة على أيدي العصابات الصهيونية , أو العصابات العربية .
الى أن يأخذ الشعب الفلسطيني ثأره من المجرمين لن يهدأ للأبناء أو الأحفاد بالا لذلك نسجل هذه المعلومات ليحفظها التاريخ ويحفظها أبنائنا فان لم يكن اليوم يوم العدالة فبالتأكيد سيتمكن أبنائنا أو أحفادنا بأن يحققوا العدالة ممن ظلم آبائهم وأجدادهم ..
مع تحيات –ابراهيم سربل الدوايمة – أسير محرر ...23/6/2011م
المراجع :كتاب الدوايمة لكاتبه موسى هديب
سلسلة القرى المنسية – منشورات جامعة بير زيت1997م – احمد العداربة
كتاب الدوايمة وعائلة الأقطش لكاتبه : يحيى سالم الأقطش .