لأنها خليل الرحمن التي عرفت بعبق إيمان أهلها وبمساجدها المنتشرة وزواياها التي انزرعت في حاراتها القديمة، هذه المدينة الجميلة التي تربعت في الجنوب الفلسطيني، كانت مثار اهتمام الصهاينة وغزو مستوطناتهم لها، بل أصبحت هدفًا لاستيطانهم منذ عام 1969م، الذي بنيت فيه مستوطنة كريات أربع، أكبر المستوطنات الصهيونية في محافظة الخليل، حيث تلاها بناء عشرات المستوطنات الدينية والعلمانية التي أحاطت بالمحافظة، كإحاطة السوار بالمعصم، فصنع وجودها حالة من العبث الاستيطاني حيث مصادرة الأراضي واقتلاع الأشجار وحرق المزروعات وتعكير صفو الحياة على مواطني الخليل.
خبير الاستيطان في محافظة الخليل، الأستاذ عبد الهادي حنتش، اعتبر أن هذه المحافظة كانت الأوفر حظًا في تنامي الاستيطان، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية التي تم بناؤها منذ بداية عام 2011 نحو ثلاثة آلاف وحدة سكنية، توزعت على كافة المستوطنات المحيطة والمطوقة للمحافظة.
وأضاف حنتش أن أبرز مواقع الاستيطان في مستوطنات "سوسيا، تينه، بيت حاجاي" والتي تقع جنوب مدينة الخليل.
فيما تم توسيع مستوطنة "كرميتسور" في الشمال الغربي للمدينة، والتي أقيمت على أراضي بلدتي حلحول وبيت أمر، حيث شهدت المستوطنة بناء المزيد من الوحدات السكنية داخلها وخارجها.
وقال حنتش "لا زال البناء يتواصل في محيط مستوطنة اشكيلوت ومستوطنة افيجايل، وتم زيادة الوحدات السكنية فيها عدة مرات، هذه المستوطنات التي تقع في المنطقة الجنوبية للمحافظة، أما مستوطنة ماحال نيجهوت، فقد أتم المجلس الاستيطاني الأعلى بناء مائتي وحدة سكنية فيها، هذه المستوطنة التي تقع غربي بلدة دورا، حيث التهمت المئات من الدونمات لسكان البلدة منذ تأسيسها".
من جانبه اعتبر الناشط في اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان محمد عياد عوض، أن تنامي توسيع المستوطنات مستمر وخاصة في منطقتي حلحول وبيت أمر، حيث يجري بناء وحدات سكنية خارج حدود وسياج مستوطنة كارميتسور على طول 400 متر وعرض 200 متر في الأراضي الزراعية السهلة لبلدتي حلحول وبيت أمر، حيث قدرت الأرض التي يجري البناء عليها الآن بـ 500 دونم، وهي أراضي مزروعة بالعنب والمشمش والخوخ وتعود ملكيتها للعائلات الفلسطينية آل عوض، وصبارنه، أبو مارية، وعائلة الصليبي.
وأضاف الناشط الحقوقي عوض قائلا "لقد بدأت عملية السيطرة على الأراضي من خلال أعمال استفزازية كقطع الأشجار وحرق المزروعات ورشها أحيانا بالمبيدات السامة، إضافة إلى طرد أصحاب الأراضي منها، ومنعهم من الاهتمام بها زراعيا تحت حجة أنها مناطق عسكرية مغلقة.
واعتبر عوض أن هذه الأعمال الاستيطانية تجري تحت حماية الجيش، وخارج إطار القانون، حيث رفع أصحاب هذه الأراضي قضايا حقوقية للمحاكم العليا وأثبتوا أوراقهم القانونية التي تشير إلى ملكيتهم لها منذ أقدم العصور إلا أن سلطات الاحتلال لا تبالي لكل ذلك، حيث قامت جرافات الاحتلال بتهيئة المكان للبناء، وبعد ذلك بدأت عملية البناء من خلال سياسة الأمر الواقع.
ورغم أن جزءا كبيرا من هذه المستوطنات تم تأسيسها في ظل حكومات حزب العمل، إلا أنه يلاحظ توسيعها وتضخيمها في ظل حكومات الليكود وخاصة حكومة نتنياهو اليمينية.
وقالت مصادر فلسطينية حقوقية وسياسية، إن ثمة توافق وتناغم بين اليمين واليسار في الكيان الصهيوني لزرع المزيد من المستوطنات وتنامي الاستيطان، لا بل يتم التوافق على إقرار ميزانيات الاستيطان في الكنيست الصهيوني دون معارضات حزبية عدا الكتل البرلمانية العربية.
ويأتي استهداف محافظة الخليل من قبل اليمين الصهيوني تحت ذرائع دينية متطرفة تدعي أن أراضي هذه المدينة هي جزء من التراث اليهودي منذ سبعة آلاف عام، إلا أن الدراسات التاريخية والحفريات الأثرية تثبت أن هذه المدينة عربية إسلامية منذ أقدم العصور.
المصدر: المركز الفلسسطيني للاعلام