عمقا هي قرية تقع على تل صخري يرتفع نحو 100 متر عن سطح البحر حيث تلتقي سفوح الجليل الأسفل الغربي مع سهل عكا. تقع على بعد 11 كلم شمال شرق مدينة عكا.
كلمة عمقا تعني الوادي، وخلال الفترة الرومانية كانت القرية التي تحتل الموقع ذاته تسمى كفارعمقا ثم أصبحت تعرف باسم عمكا في الفترة الصليبية. وفي سنة 1596 كانت عمقا قرية تابعة لناحية عكا (لواء صفد) ويسكنها 215 نسمة. في أواخر القرن التاسع عشر كانت عمقا تقع في رقعة أرض قليلة الارتفاع في الوادي، تحيط بها أشجار الزيتون والتين والأراضي المزروعة وكانت مبنية بالحجارة وفيها300 نسمة تقريباً، وكان كل سكانها من المسلمين ولهم فيها مسجد، وبنت الدولة العثمانية مدرسة للقرية في عمقا عام 1887.
في عام 1948 بلغ تعداد سكانها 1438 نسمة موزعين على 341 منزلاً، قبل الاحتلال الصهيوني حيث دخلها اليهود ودمروها في 10 تموز من عام 1948. وفي تلك الفترة كانت تبلغ مساحة الأراضي التابعة لعمقا 6068 دونماً منها 39 دونماً مبنية. أما الباقي فأراضٍ زراعية مزروعة بالحبوب والبساتين المروية والزيتون.
التطهير العرقي للقرية
على الرغم من أن الهاغاناه بدأت الهجوم على القرى الفلسطينية الساحلية منذ كانون الأول 1947، فإن القتال لم يصل إلى عمقا فوراً وبدأ سكان القرى المجاورة لعمقا اللجوء إليها في أيار 1948 لكن القرية ذاتها لم تهاجم إلا في 10-11 تموز 1948 خلال المرحلة الأولى من عملية ديكل.
وفي سياق هذه العملية تم احتلال معظم الجليل الأسفل بما في ذلك الناصرة. وكانت عمقا من أوائل القرى التي تم احتلالها في المنطقة. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إنها كانت القرية الوحيدة في الجليل الغربي التي قصفت وهجر سكانها. والأرجح أن يكون السكان غادروها في معظمهم القرية في إبان القصف المدفعي.
في 20 آب 1948 قدم الصندوق القومي اليهودي خطة تم اعتبار قرية عمقا بموجبها (ومعها 31 قرية أخرى) موقع استيطان يهودي جديد. وفي عام 1949 دخل عمقا يهود من اليمن، عاش بعضهم في البداية في مسجد القرية وبعدها انتقلوا للعيش في بيوت القرية الخالية إلى أن أنشئت مستعمرة عمقا على أراضي القرية شمالاً.
لم يبقَ من القرية اليوم سوى بعض بيوتها، مسجد القرية ومقبرة تغطيها الأعشاب والحشائش البرية. ومن الجدير ذكره أنه في تاريخ 3/7/2001 انهارت الواجهة الشرقية للمسجد. وقد طالبت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية سابقاً تصليح المسجد وترميمه خوفاً من السقوط وتم رفض الطلب، بادعاء أن الأمر يشكل استفزازاً لليهود في المنطقة، والذي حصل فعلاً أن المسجد بدأ بالانهيار نتيجة عدم السماح للمؤسسة بالترميم.
القرية اليوم.. تحنّ إلينا
تغطي الأعشاب والحشائش البرية الموقع ولم يبقَ في القرية قائماً سوى المدرسة والمسجد، المسجد مبني بالحجارة وتعلوه قبة وواجهته الشمالية محددة بثلاثة مداخل كبيرة تعلوها قناطر دقيقة الزاوية والحيطان متفسخة في أماكن عدة، وقد سقط بعض الحجارة منها. وينتصب المسجد مهجوراً بين الأعشاب والحشائش البرية وحطام المنازل المدمرة.
أما المدرسة فلها سقف متدرّج، وقد تم وصلها بأجنحة جديدة أضافها الإسرائيليون الذين يستعملون هذا المجمع مستودعاً. وأما الأراضي التي تجاورها فتُستعمل مرعى للمواشي. هذا وفي آخر تقدير لأعداد اللاجئين الفلسطينيين من قرية عمقا فقد بلغ العدد 8833 نسمة في العام 1998 موزعين على مختلف بلاد الشتات حول العالم.
المصدر :هدى الظريف/ صيدا