نضال كفر كنا ضد الصهيونية (1947-1948م)
مرحلة التسليح:
لما صدر قرار التقسيم لقرية كفر كنا خالية من السلاح تماماً و لما كان الأهالي مصممون على خوض المعركة كغيرهم من شعب فلسطين فكان موضوع السلاح مشكلة هامة تواجههم و لما تخلت الحكومات العربية عن دعم الشعب الفلسطيني بالسلاح و رضيت تسليم قيادة الجيوش العربية إلى غلوب باشا الإنكليزي الصهيوني اختفت من الساحة القيادة السياسية لشعب فلسطين .
لم يجد أهالي كفر كنا من وسيلة للحصول على السلاح إلا الطرق الخاصة و الجهد الفردي فتوجهوا إلى تجار السلاح في البلاد العربية المجاورة و تهريبه عبر الحدود و قد واجهوا صعوبات كثيرة لعدم توافر الإمكانيات المالية لشراء السلاح مما اضطروا الأهالي إلى بيع مصوغات نسائهم و ما يملكون من حبوب قوت أطفالهم , وحتى بيع المواشي ثمناً للسلاح و توجهوا إلى الأردن و سوريا لإحضار ذلك السلاح للدفاع عن أنفسهم .
كما لجأ ابناء كفلا كنا ممن يعملون في سلك البوليس الاضافي البريطاني الى ترك اعمالهم و الهروب ببنادقهم و الذهاب بها الى القرية و هكذا حصلوا على القليل من السلاح و اصبحت لديهم مشكلة الحصول على الذخيرة في سبيل ذلك و اجهوا صعوبات جمى للحصول عليها من تجار السلاح.
تفاصيل معركة كفر كنا:
بعد ان حصل الشعب على السلاح من المعلوم ان اهالي القرى نظموا الحراسات الليلية حول قراهم خشية مباغتتغهم بهجوم من قبل العدو الصهيوني.
ففي منتصف ليلة الخامس عشر من شهر كانون الثاني 15/11/1948م بعد دحر العدو الصهيوني في معركة عرب الصبيح التي جرت بتاريخ 3/1/1948م و التي تكبد فيها الصهاينة خسائر بشرية فادحة و بذلك بفضل المناضلين المتمركزين في كفر كنا من قوات الجهاد المقدس و المجاهدين من ابناء بلدة كفر كنا الذين هبوا لنجدة اخوانهم في عرب الصبيح . و بعد ام علم العدو الاسرائيلي ان هذه القوة التي اصطدم بها في معركة الصبيح جاءت من كفر كنا، اقدم العدو الصهيوني على مهاجمتها كفركنا.
وفي ليلة الهجوم الصهيوني على القرية. حلت مجموعة من مجاهدي مدينة طبريا ضيوفاً عليها بقيادة المجاهد صبحي شاهين.
في تلك الليلة شعر الحرس المتواجد في الجهة الشرقية من القرية بوجود حركة مشبوهة في المنطقة. فأطلق احد الحراس رصاصة استشكافية لاعطاء الانذار فكان العدو حينئذ آخذ بالتمركز بالمنطقة. الا ان المدافعين عن القرية لم يعطوهم الفرصة فباغتوهم و امطرهم بوابل نيراهم الحامية و اوقعوا في صفوفهم خسائر فادحة . رغم انهم تمكنوا من قصف البلدة بقنابل الهاون و بفضل الله و موقع القرية الجغرافي لم يتمكن العدو من ايقاع اية خسائر بالقرية كانت النجدات المجاورة طرعان – المشهد – عين ماهل على كفركنا فشكلت طوقاً خارجياً على المهتجمين اليهود و اوقعوا في صفوفهم اصابات كثيرة مما جعلهم يصيحون و يستغيثون بمحمد صلى الله عليه و سلم للكف عنهم. الا ان المجاهدين ظلوا يلاحقونهم حتى مستعمرة كيشت الاسرائيلية القريبة من مضارب عرب الصبيح.
معركتا كفركنا و عين ماهل:
قبيل فجر يوم 3/1/1948 جرت معركة بين ثمانية مجاهدين من عرب الصبيح بالقرب من مضارب عرب الصبيح بقيادة المجاهد الكبير علي النمر و الشاويش رسمي من مجاهدي الجهاد المقدس مع مجموعة من الصهاينة قوامها عشرون رجلاً.
اذ نصب المجاهدين لهؤلاء الصهاينة كميناً في المنطقة الواقعة بين مضارب العشيرة و مستعمرة كيشت الصهيونية. و قد اوقعوا بينهم عدة اصابات. فطلبوا النجدة و سرعان ما وصلت قوة كبيرة من عصابات العاغانان الى موقع الاشتباك للانتقام من العرب و لكنها اصطدمت بمقاومة شرسة من النجدات العربية التي خفت الى المنطقة لمساعدة اخوانهم. وكانت تلك النجدة بقيادة المناضل مفلح ياسين. فتراجعت القوة الصهيونية الى مستعمرة كيشت القريبة من مضارب العشيرة. و لاحقها المناضلون و فرضوا طوقاً حول المستعمرة و اوقعوا في صفوف الهاغانا خسائر كبيرة.
علم الصهاينة ان هؤلاء المناضلين الذين ناصروا عرب الصبيح متمركزين في قرية كفر كنا فراحوا يعدون العدة لمهاجمة كفر كنا. ففي 15/1/1948 اقدم الصهاينة على مهاجمة القرية من عدة جهات و كان العدو ان ينجح بهجومه الا انهم لم يتمكنوا من احراز هذا النجاح لاصطدامهم بقاومة شديدة من المقاتلين في القرية الذين امطرهم بوابل نيرانهم و اجبروا على التراجع و طاردهم المقاتلون حتى مستعمرين كيشت و الشجرة. و على اثر فشل القوة الصهينة بهجومها على كفركنا و تحقيق اهدافه.
قامت قوات صهيونية اخرى بمهاجمة المعسكر العربي في قرية عين ماهل المجاورة بعد ان مهدت القوات الصهيونية لهجومها بقصف عنيف بمدافع الهاون على المعسكر. و بنفس الوقت بدأوا بالاقتراب من المعسكر زحفاً الا ان يقظه المجاهدين الابطال في المعسكر افشلت الهجوم و اوقعت بالاعداء خسائر فادحة بالرغم من قلة العتاد المتوافر لدى المجاهدين.
المصدر: كتاب كفر كنا-قانا الجليل بين الماضي والحاضر
تاليف: مطر خشان