المستوى الصحي:
لم يكن في الطيرة مستوصف ولا عيادة طبية. رغم أن القرية تعتبر من أمهات القرى الفلسطينية. وكان اعتماد أهل القرية على الطب الشعبي في المداواة اليومية. وارسال من استعصى أمره إلى مستشفى حيفا الحكومي، وقد اعتقد الكثيرون من أهل القرية بقدرة المداوي الشعبي، في علاج أمراضهم. وقد اشتهر في المجال رجلان هما عبد الفتاح سلوم وعوض غنام. أما الأخير فقد تلقى علومه بهذا الاختصاص في دورة طبية حضرها أيام العثمانيين، وعرف بمهارته بعمليات الفصادة والحجامة ومعالجة الأورام السرطانية في الثدي والدمامل وسرطان الجلد وكان يصنع الدواء من الأعشاب. وقد استخدم العسل والثوم لمعالجة الجلطة.
أما الشيخ عبد الفتاح سلوم فقد نال ثقة أهل القرية. وذلك بسبب اعتماده على الكتب الطبية في وصفاته. وقد عزز ذلك دراسته في الأزهر الشريف إذ أعطته مصداقية أكثر أمام الأهالي. وكان لنجاحه في شفاء بعض الأمراض المستعصية والصعبة جعلهم يفضلونه على أطباء حيفا.
أما الوصفات الطبية التي كانت توصف فهي: كاسات الهواء والتشطيب بآلة حادة لآلام الرأس والظهر. والزيت الساخن لعلاج آلام الأذن. والزعتر والميرمية والبابونج لآلام البطن والجروح في الرأس كانت تضمد بالقهوة.. والنزلة الصدرية بدهن الصدر بزيت السيرج واستخدموا الكي في علاج الفتق "الملعة" وإخراج العلقة بوضع ملعقة سمن بلدي أمام فم المصاب. لتخرج العلقة على رائحة السمن البلدي ثم تخرج بملقط.
وعند حدوث الكسور كانت تتم عملية التجبير: بتدليك المكان المكسور بالماء الساخن والصابون من أجل تليين مكان الكسر. ومن ثم تتم إعادة العظم المكسور إلى وضعه الطبيعي. ويتم خلط البيض مع الطحين ويوضع على قطعة قماش توضع بعد ذلك حول المكان المكسور. وفوق هذه القطعة القماشية توضع قطع من القصب لتثبيت العظم وتربط بخيط واعتاد المجبر أن يبقى هذا الضماد مدة تتناسب مع عمر المصاب. فإذا كان عمره أقل من عشرين سنة تبقى الجبيرة واحداً وعشرين يوماً. ثم تضاف لهذه المدة سبعة أيام لكل عشر سنوات زيادة في عمر المصاب. ومما برع في هذا المجال محمد زامل حجير، وذيب منصور "العمشة" أبو حسين. وفي الشتات حضرت تجبير كسر لأخي قام بتجبيره أبو حسين هذا وكنت آنذاك صغيراً وكان ذلك في أواخر السبعينات.
أما الولادة فكانت تقوم بها القابلة "الداية" وإذا استعصى عليها الأمر يقومون بإرسال المرأة إلى مستشفى حيفا. من أشهر القابلات: فاطمة الشوكاني ابنتها شمسة اللتان كانتا تسكنان في وسط القرية – القابلة أم علي القرطة – القابلة عائشة العبوينية.
ختان في الطيرة:
أن يقوم بهذه المهمة رجل يدعى أبو حسين الصفوري وهو من قرية صفورية. كان يأتي إلى القرية في المواسم أو كل شهر. وكانت العائلات التي تسكن في الكروم الجبلية تخبر بعض أقاربها عن نيتها ختان بعض أولادها، ويذهب المطهر إلى حيث بلغ.
وأخيراً في مجال الصحة النفسية كان يلجأ بعض الأهالي إلى شيوخ يقولون أنهم مباركون من الله ولهم كرامات. من هؤلاء شيوخ عائلة سعد الدين ومنهم الشيخ خليل السعدي والشيخ محمود الشيخ خليل والشيخ حسن الشيخ خليل. وكان هؤلاء يكتبون الحجب. ويقول أهل القرية إن هؤلاء الشيوخ نجحوا في شفاء بعض الحالات العصبية والنفسية المستعصية.
المصدر: كتاب طيرة حيفا
احمد مصطفى الباش