الحاج حسن السعافين هو من بلدة الفالوجة – غزة ومن مواليد 15/3/1931.
والده عبد الله حسن عبد الله إبراهيم السعافين ووالدته سلطانة محمود يوسف أبو فارس.
وبحسب وصف الحاج حسن فإن موقع قريته الفالوجة يبعد عن مدينة غزة 30كم / الطريق الرئيسي الفالوجة المجدل غزة. ويقول إنها مركز لـ 17 قرية من الشرق والغرب والشمال (عراق المنشية، زيتا، صميل الجسير، الجلدية، السوافير الثلاث، حتا، كرتيا، عراق سويدان، بيت عفا، برير، كوكبا، حديقان ..). ومن الجنوب (بئر السبع-عرب الوحيدات).
وتطل القرية على الوادي من الشرق الى الغرب من جبل الخليل وكان يوجد جسر على الوادي لمرور الناس من فوقه باتجاه ام النعاج والأراضي الزراعية. تشتهر الفالوجة بسوقها الكبير وكذلك زراعة الحبوب.
وعن مدارس البلدة، يشير الحاج إلى أنها تقع على الخط الرئيسي للقرية ويذكر منها مدرسة بنين ابتدائية وإعدادية، وعرف وقتها مدراء المدرسة وكانوا محمد الشوا، سامي أبو شعبان، محمد حنونة، جميل القدوة. أما المدرّسين فيذكر منهم (أحمد فرح عقيلان، محمد قدورة عقيلان، محمد جميل ابو بكر، حسن جدوع، حسان محمد احمد السعافين، حسني محمد احمد السعافين، محمود حنون)، وتوجد أيضاً مدرسة للبنات ابتدائية.
ويضيف الحاج «أذكر بعض زملائي في المدرسة وهم: عطية السعافين، عبد الحميد السعافين، يوسف محمود رمضان، محمود عويضة، يوسف الكرنز، محمود صالح، محمود الشاعر، محمود الكرنز.
وبالنظر إلى بعض المعالم يقول الحاج حسن «كان في القرية مسجد الفالوجة الكبير وكان اسم الإمام آنذاك محمد البطران، والمؤذنون كانوا: احمد الشريف، محمد الشريف، وحسن النشاش». ومن المعالم الأثرية كان هناك خربة الجلس قرب البرير في الغرب تبعد 1.5 كم عن البلد وخربة الجديدة في الجنوب تبعد 1 كم وتعود الى العهد الروماني.
تقع بالقرب من مدرسة الفالوجة الزاوية الدينية وكانت تتسع لأكثر من 300 شخص. كان يقوم عليها الشيخ محمد أبو سردانة وأتباعه محمد احمد حسن عبد الله السعافين، آل الكرنز، محمد السيد عويضة، النشاشين، عبد الرحمن النشاش. وكان في بلدتنا مقامان هما: مقام الشيخ شهاب الدين أحمد الفالوجي وسط البلدة ومقام الشيخ مجاهد في جنوب البلدة.
بلدية الفالوجه:
وتحدث الحاج عن بلدية القرية وقال إن رئيسها كان محمد حسن عواد حتى النكبة ومن بعده السيد عبد المجيد الحصان. وكان من أعمال البلدية: فتح الطرق، تنظيم السوق، جلب المياه قرية يونس، وقامت البلدية أيضاً بتوسعة مدرسة البنين.
ويضيف أن «دخل المجلس البلدي فائض باستمرار وهذا يرجع الى وجود السوق داخل البلدة ووصل دخل المجلس البلدي في سنة واحدة ما يقارب 10 آلاف جنيه فلسطيني.
ويذكر من أعضاء المجلس: خالد مصطفى السعافين، عبد السلام عبد الجواد شحادة، عبد القادر عقيلان، خميس الشوبكي.
أما عيادة البلدة الوحيدة فكانت متواضعة وكان يوجد بها طبيب عيون وممرض.
بينما كان هناك مقبرتان، مقبرة جنوب البلد تخص حارة المطرية ومقبرة وسط البلد تخص أولاد عيسى وأولاد أحمد.
وعن الكياه يقول الحاج حسن: «بشكل عام المياه شحيحة وفيها 3 آبار: البئر الغربي يعود (للسعافين والمطرية) وبئر البيارة ويعود لأولاد أحمد وأولاد عيسى، كما كان يوجد خط شبكة مياه من جولس الى الفالوجة».
وعن المحال في القرية قال الحاج «كان هناك مقهى على الطريق العام ويعود إلى أبو صلاح البس وآخر لأبي السعيد. أما صالونات الحلاقة فكانت لموسى نهنوش/ حارة السعافين، ومحمد الشريف/ قرب المسجد، وعبد مكاوي ابو بكر.
وفي وسط البلد كانت ملحمة لأحمد سلامة إضافة إلى ملحمتي أحمد البايض وعبد الجواد عابد. وكان في القرية فرن شرف أبو عبده/ طابون.
العائلات:
ويذكر الحاج عدداً من عائلات الفالوجة هي السعافين، عبد القادر، مصطفى، الشيخ علي، عبد الله ابراهيم. ومن الحمائل التي كانت موجودة:
حمولة أولاد احمد: عبد العزيز، صالح، عوض.
حمولة أولاد عيسى: شحادة، زيدان، عواد
حمولة المطرية: أبو فارس، النجار، زيادة، الحصان، المزاهرة.
حمولة الدومة: دار قنديل، دار ابو خاطر، خريس، أبو سردانة.
حمولة النشاشين: الشيخ حسن، القناص، فرهود، دار رمضان، العبسي ابو نار ابو بكر نهنوش/ مصر.
كذلك ضمت الفالوجة أهل السافرية، حتا، كرتيا، البرير وغيرها من القرى المجاورة، استقبلناهم استقبال الأخوة كالمهاجرين والأنصار.
ومن الوجهاء: عبد العزيز حسين السعافين، حسن مصطفى السعافين، حسن عبد القادر السعافين، رضوان أحمد السعافين، عبد الله حسن عبد الله السعافين، رضوان زيادة، عبد الفتاح عبد العزيز، عبد القادر عبد الرحمن صالح، محمد عواد رشدي، إسماعيل عبد ربه شحادة، عبد الغني النشاش، إبراهيم علي النجار, مصلح ابو فارس، أحمد أبو فارس، عارف حسين السعافين، يوسف محمد عبد اللطيف السعافين، عبد المجيد أبو تبانة، أحمد حرب عقيلان، وغيرهم.
أما شيوخ القرية فكانا عبد الفتاح كتكت وقدورة كتكت.
عن المناسبات:
يقول ضيفنا أن «المناسبات الدينية كان لها احتفالات في المدارس في كل سنة مهرجان ثقافي/ مشاركة في احتفالات النبي موسى، كان يرتاد السوق أناس من خارج البلدة لأنهم يرتادون الدواوين للطعام والشراب والمبيت». ويضيف أن السوق كان كبيراً ومساحته عشرات الدونمات ومقسم الى عدة أقسام (قسم للخضار، قسم للحبوب، قسم للأقمشة، قسم للمواشي).
كان السوق يبدأ من عصر الأربعاء ويستمر الخميس حتى الجمعة قبل الظهر، وكانوا يرتادونه من كل القرى المجاورة. وبجانب السوق في الفالوجة يوجد مطار ولكنه لم يستعمل بسبب الحرب.
أما مناسبات الأفراح «الزواج»، فكانت جاهة من جهة العريس تذهب إلى أهل العروس وتطلبها للعريس، بعد الكسوة تركب على ظهر الجمل وتحمل السيف وكأن أهل العريس يعملون السامر لمدة أسبوع تقريباً. وكان «النقوط» المقدم للعريس على شكل ذبائح، سكر، أرز، ونقود أحياناً.
وكان الحداؤون يغنون للعريس ومنهم الحادي عبد العزيز اشتيوي ومن أقوالهم:
يا أحباب يوم عرفنا أفراحكوا جينا تنفرح القلب ونروح لأهالينا
أما عن موسم الحج فيروي ابن الفالوجة، «كان أهل البلد يسيرون معهم يرافقونهم وهم راكبون على الخيل الى بعض الطريق وكانوا يودعونهم فرحين بالعدة والسيوف، وكانت الخيل تلعب وترقص أمامهم، وكان الحجاج يسيرون عن طريق الساحل ويركبون بالقطار إلى البحر، بينما كان بعضهم يذهب على الجمال ويستغرق معهم أشهر.
وفيما يتعلق بالأتراح، يشير الحاج أن كل أهل البلد كانت تشارك في المراسيم إذا حدثت وفاة عند أحدهم ويتركون أعمالهم وكانوا يجلسون في مكان يطلق عليه اسم «البرزة» لمدة أربعين يوماً لكنها اختصرت لمدة أسبوع فيما بعد.
وفي مجالي الصناعة والتجارة كان في وسط البلد مطحنة تعود لـ (دار عبد الرحمن صالح، أولاد أحمد وأيضا مطحنة يوسف عبد الفتاح/ أولاد أحمد). وكان في القرية أيضاً مصبغة لتغيير ألوان الملابس ودباغة الجلود تعود لـ (أبو صبحي مشتهى/ في وسط البلد، وأخرى لجمعة الفقوع جنوب البلد). وكانت القرية تنتج الحبوب: القمح الشعير والذرة بشكل أساسي. ولدى البلدة اكتفاء ذاتي من المواشي، الخضار، الألبان، السمنة وغيرها. وداخل سوق الفالوجة كان الناس يتعاملون في البداية بمبدأ المقايضة وبعدها أصبح بيع وشراء.
يفيد الحاج حسن في حديثه عن الأملاك في القرية بالقول «كنا نملك 5% من أراضي البلد».
اعتداء اليهود:
يقول الحاج «هاجم اليهود كرتيا قرب الفالوجة وكانت وجهة الفالوجة الجنوب وطلبوا من أهل البلدة الاستسلام ودخل اليهود الفالوجه بعد اتفاقية تنص على انسحاب الجيش المصري وعدم دخول اليهود المدينة إلا أن اليهود وكعادتهم خانوا العهد والاتفاق (اتفاقية رودس).
«انطلقنا من أذنة الى وادي العرب وكان يوما ماطرا وبدأ اليهود يطلقون الرصاص علينا ونحن نحاول أن نمد القرية بالمعونة. غادرمعظمنا الفالوجة ولكن بقي فيها سكان/ حسن أبو سردانة مرافق في العمليات واستشهد شاب من دار النشاش، كما اعتقل احمد محمد حسين عبد الهادي السعافين لمدة اشهر.
الحصار: «كان الحصار ظالماً.. أذكر أننا تسللنا خارجين لتأمين المأكل وجلب مساعدات (أسلحة) كان هناك محاولة اعتداء علينا بالرصاص ونحن خارجون وتم أسر معروف الخضري، والباقي عاد إلى الخليل».
كان يتم تأمين المياه من عين فرعا، والطعام كان من الحبوب، حيث كان الناس يصنعون أقراصاً على الصاج من الطحين. إلى أن خرجنا وكلنا أمل أن نعود خلال شهر أو أقل. تركنا كل ما نملك ورحلنا إلى غزة عن طريق إذنة – الطور – مخيم الشاطئ.
ويضيف الحاج أن يوم الهجرة، «لم يكن يوماً سعيداً خرجنا في سيارات للجيش المصري باتفاقية، وبعد مغادرة القوات المصرية تم ترحيل الذين بقوا إلى غزة وإلى الخليل.
مغادرة الفالوجة:
ويوضح الحاج «كنا موزعين في جبل الخليل وأقمنا قرابة عام في أذنة، وأقمنا لمدة شهر في غور فرعا وهو عبارة عن مغارة كبيرة بين اذنة ودورا وكانت حالة الناس بائسة، كنا أكثر من 60 شخصاً في مغارة واحدة على أمل العودة خلال أقل من شهر حيث بقيت كل أملاكنا وبيوتنا في الفالوجة، بعد غور فرعا ذهبنا الى غزة وأقمنا في مخيم الشوا مؤقت/ مخيم الشاطئ ومكثنا قرابة السنة وكانت المعيشة صعبة وكارثية. وفي سنة من السنوات أثلجت وقلعت الخيام، بعدها نُقل الناس إلى المدارس والمساجد. وكان السبب المباشر للهجرة الخوف على العرض».
يؤكد السيد حسن أن الناس كانوا غير راضين عن قرار التقسيم وذلك لكونه قراراً مجحفاً وظالماً وكانوا متيقظين لألاعيب اليهود ويداً واحدة يفزعون ويقفون في خط النار مقابل اليهود.
حاول اليهود دخول البلد وتمرير قوافلهم ولكن أهل البلد منعوهم وعندما مُنعوا أوهموا أهل البلد أنهم انسحبوا ورجع اليهود من الشارع الرئيسي وأصيب أكثر من شخص وكان السيد عبد الله أبو فارس قد أصيب في عينه.
«أخذ أهل البلد يشترون السلاح وكل بيت امتلك بارودة على الأقل وأخذوا يحرسون البلد في الليل والنهار عن طريق دوريات.
كان تبادل لأطرق النار وكانت الطائرات تهاجم وتضرب البلد.
أهل البلد تنادوا وشكّلوا لجاناً ووزعوها على حدود البلد وكان أيضا يوجد قوات مصرية وتم تأمين السلاح عن طريق الشيخ محمد عواد وأحمد حسن عواد، وأحمد حرب فضيلات، وعبد المجيد الحصان، وحسين مصطفى السعافين ورشدي رصرص من مصر، جزء منها «عطايا» وجزء شراء من مال أهل الفالوجة.
يؤكد الحاج أن الفالوجة صمدت وتمكن أهلها من تقديم العون والمساعدة للجيش المصري وساعدوهم على الصمود أثناء الحصار وكان أهل الفالوجة يأتون بالسلاح من الخارج (تهريب). عشرات الجمال وأحيانا مائة جمل كانت تدخل محملة بالسلاح والطعام للجيش المصري، وحُفرت استحكامات أكثر من طول الرجل ووضعت أكوام من التراب والرمل، وفتحت طاقات من البيوت لترصد اليهود.
من أبرز المجاهدين كان هناك عبد درويش أبو فارس، سعيد محمد حسين، ويوسف عبد الفتاح عام 1936.
بدأت حياة حسن السعافين التعليمية كطالب توجيهي مدرسة فلسطين الثانوية وعمل بعدها مدرساً سنة 1952 في مدرسة رفح سنة كاملة وبعدها في مدرسة الإمام الشافعي الإعدادية في غزة. والمدرسة عبارة عن خيم، وكان يوجد إقبال على التعليم وكانت المدارس ممتلئة حيث كنا ندرس كأبناء قضية وكنا نعد الطلاب للمستقبل.
ثقافياً، كانت تصدر صحيفة تعود لأحد أبناء البلد وهو السيد عبد المجيد حنونة ولكن في مدينة يافا. لكن كان هناك اذاعة كنا نسمعها وهي إذاعة صوت العرب وكانت تبث من مصر.
أحداث عام 1956: يروي الحاج حادثة دخول اليهود قطاع غزة، حيث جاء ضابط يهودي يسأل عن دار المختار، وكان والدي مختار الفالوجة وكان أبرز الناس في مخيم الشاطئ، فجاء ضابط يهودي وقال لي هل نستطيع أن نعيش معاً قلت له نعم اذا أعطيتني حقوقي كاملة وبعدها حاصر اليهود المخيم واعتقلوا منا الكثيرين واعتقلوني أنا وتعرضت للضرب بكعب البندقية.
سنة 1956 سيطر اليهود على غزة وكانوا يعاملون الناس بعنف، فـ «كان ردة فعل الناس في المخيم هي مقاومة الاحتلال وكانوا يقتلون اليهودي اذا ما استفردوا به»، وبقيت غزة محتلة حتى عام 1957.
بعد خروج الاحتلال من غزة «ذهبنا إلى العريش لمدة أشهر ثم عُدنا، اتهموني بأني مسؤول عن تسليح الثوار، ثم أخذونا إلى بور سعيد ومن ثم الى المنصورة ومنها إلى القاهرة.
وبعدها خيرونا بين الذهاب الى بلد آخر يوجد فيها وكالة غوث ذهبنا إلى الأردن وعملت في التدريس وتم انتخابي عضو مجلس معلمين لفترتين». «كانت إقامتي في عمان جبل الحسين ومن ثم جبل النزهة، وقد حاولت زيارة الفالوجة، لكني لم استطع». ويقول الحاج حسن أن العيش في المخيمات كان صعباً جداً، فلم تكن الأسرة تمتلك سوى غرفة واحدة فقط.
بقي في الفالوجة بعد الاحتلال مقام وجسر كما يوجد حوالي 3 مستعمرات حالياً، مؤكداً أنه «إذا أتيحت لي الفرصة فسأذهب هرولة الى بلدي حتى لو بدون أملاك هناك بالرغم من أن هناك توجد كواشين أرض وهي كثيرة بأيدي الناس، وأنا لا أقبل بالعودة تحت حكم (إسرائيل) إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.
وخلاصة القول أقول «إن هذا الشعب لن يموت وهو جبار وصلب وأنصح أبناء بلدي بأن يعتنوا بأسرهم جيداً ليكونوا أقوياء في مواجهة الحياة، لا يوجد شيء يعوض الوطن).