جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
في برية يطا، يدرس طلاب خربة سوسيا في مدرسة اشبه بالمدرسة، تناقض فاضح بين العصور السالفة في سوسيا، والقرن الواحد والعشرين في المستوطنات المحيطة، هنا تقرير كتبته تضامنا مع وحبا في طلبة سوسيا: يشعر محمد جبر النواجعة، مدير مدرسة سوسيا، في برية يطا، في تلال الخليل الجنوبية، بالفخر، لأنه يدير مدرسة في ظل ظروف بالغة الصعوبة، يعيشها أهالي خربة سوسيا، الذين يقطنون الخيام، ويتعرضون لاعتداءات متواصلة من المستوطنين وصلت حد القتل. ويدرك النواجعة، بان مدرسته، تختلف عن كل المدارس، وهذا ما يجعله اكثر تصميما على العمل على تطويرها، رغم شح الامكانات، والاجراءات الاحتلالية.
يقول النواجعة: «في السابق كان تلاميذ خربة سوسيا يدرسون في مدارس يطا، وبسبب بعد المسافة، كان الكثير من الاهالي يستنكفون عن ارسال ابنائهم الى المدارس، لذا فان تأسيس مدرستنا، يعتبر انجازا». وعندما تأسست المدرسة قبل عدة سنوات، كانت من الخيام، مساحة الخيمة 10مx 5م، ولكن في شهر كانون الاول الماضي، لم تصمد المدرسة امام العواصف الجوية، فطارت الخيام، فقدم الاهالي مساعدات، وتبرع محافظ الخليل بمبلغ، مَكَن من بناء خمس غرف من الطوب، على ارتفاع 170سم، وتغطيتها بشوادر، فاصبح الوضع احسن قليلا- كما يقول النواجعة. ويقول النواجعة: «ينقصنا الكثير من الاشياء، مثل بئر ماء، فنحن نجلب المياه الى المدرسة بالتنكات، ونفتقد لوحدة صحية، ويستخدم الطلاب، وحدة صحية عند الجيران، ولا يوجد لدينا ايضا ملعب، او كهرباء لنشغل حواسيب او ماكنة تصوير، الامم المتحدة اقرت بحق الطالب بالتعلم في ظروف مناسبة، ونحن نقول لماذا يحرم طلابنا من هذا الحق؟». ولا يمنع النواجعة نفسه من المقارنة بين حال مدرسته، ووضع المدارس في المستوطنات المقامة على اراضي المواطنين العرب، حيت توجد المسابح، والملاعب بأنواعها، والتجهيزات المخبرية، والمكتبات. ويقول النواجعة: «انه فرق بين عالمين، انهم يعيشون في القرن الواحد والعشرين، وطلبتنا يدرسون في ظروف زمن مضى، ومع ذلك، فان وجود المدرسة خطوة لتعزيز صمودنا على ارضنا». وكانت قوات الاحتلال طردت سكان خربة سوسيا من ارضهم عام 1985م، بحجة انهم يقيمون على موقع اثري، فنزحوا الى موقع اخر، بقوا فيه اربع سنوات، ثم شرد الاحتلال، السكان، مرى اخرى بحجة ان الموقع الجديد، ايضا، يحوي اثارا. ويعلق النواجعة: «ممنوع علينا ان نسكن في مواقع بحجة انها اثرية، في حين يسمح للمستوطنين بذلك، وهذا يفضح السبب الحقيقي وراء تشريدنا، انهم يريدون الارض بدون ناسها». وانتقل السكان الى موقع جديد، بين سوسيا القديمة، التي تحولت الى حديقة اثرية، ومستوطنة سوسيا اليهودية، ويقيم الاهالي في الخيام، المعرضة الى الهدم، وقتل المستوطنون، مواطنين من سوسيا، الامر الذي جعل البعض يغادر المنطقة. ويقول النواجعة، بان لديه الكثير من المطالب من السلطة والمجتمع الفلسطيني، ومن ذلك تكثيف الزيارات الى المدرسة، وتنظيم فعاليات عديدة فيها، والعمل المستمر للارتقاء بالمدرسة. وتعرض النواجعة الى مضايقات عديدة، واعتقل اكثر من مرة، وكذلك افراد عائلته، واهالي سوسيا، ومنهم والدته الحاجة سارة سلامة النواجعة (75) التي تعرضت للضرب بالحجارة من قبل المستوطنين، مؤخرا، واصيبت بجروح بالغة. يقول النواجعة: «نواجه يوميا عمليات هدم لخيام وابار، واعتداءات علينا وعلى اغنامنا، ولكن وجود المدرسة واستمرارها، رغم وضعها الحالي، يجب ان يحفز المسؤولين لمد يد العون لنا».