الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام
تعد القرى الشرقية في يطا جنوب محافظة الخليل بالضفة الغربية المحتلة معلمًا للصمود وقلعة من قلاع الرفض لسياسات الاحتلال الاغتصابية والتهويدية ومنارة تأبى الانصياع لأوامر المحتل الغاشم، وتصر على الصمود والوقوف بشكل يومي في وجه اعتداءات الاحتلال ومغتصبيه الذين يحاولوت التضييق على الأهالي والسكان لإجبارهم على الرحيل عن الأرض التي رووها بالعرق وورثوها كابرًا عن كابر.
وتتنوع اعتداءات الجيش والمغتصبين الصهاينة بحق أكثر من 20 قرية وخربة في أقصى الشرق من يطا، حيث تتفاوت الاعتداءات بين التهديد بالقتل واقتحام البيوت والعرش والكهوف، وتمتد إلى حد ضرب السكان وترويعهم وسرقة المواشي والدواب واقتلاع الأشجار والمزروعات ورشها بالمبيدات السامة وإطلاق الكلاب المسعورة على الأهالي وملاحقة واختطاف طلاب المدارس وتكسير واعتراض الحافلات والركبات ومصادرتها في بعض الأحيان، فضلاً عن أن الإخطارات بالهدم للمنازل تطورت لاحقًا إلى إخطار ثماني قرى بالهدم والمصادرة لإقامة منطقة عسكرية للجيش بأوامر من وزير الحرب الصهيوني في حكومة الاحتلال إيهود باراك.9
عمر القرى أكبر من عمر الاحتلال
ويزيد عمر القرى الشرقية في يطا على مئات السنين، في حين أن وتيرة الأعمار والتطوير فيها بطيئة أو شبه معدومة في بعض الخرب، بسبب المنع القطعي للمواطنين من البناء والإعمار والتوسع، باستثناء بعض الحالات التي حصلت فيها إخطارات هدم من قبل قوات الاحتلال الصهيوني.
وتعد القرى الشرقية في يطا، جزءًا من تجمعات للسكان الفلسطينيين الذين تحاصرهم مغتصبات غلاة المغتصبين المتطرفين، وتخنقهم شوارع التفافية للمغتصبين، خصوصًا الشارع الالتفافي الاغتصابي الذي يقطع شرق يطا من الوسط ليربط المغتصبات الشرقية بمغتصبات الخليل وبيت لحم حتى القدس المحتلة، ويتجرعون كل يوم مرارة متجددة جراء ممارسات الاحتلال وإجراءات المغتصبين التي تستهدف ترحيلهم عن المكان، ومع ذلك ما زالوا يراوحون مكانهم في عيش مرير يقابله تحدي الاحتلال وإخفاق لمخططاته في طردهم.
مراسل "المركز الفلسطيني للاعلام" زار بعضًا من القرى المهددة بالهدم والمصادرة -وتحديدًا بئر العد وجنبا والخروبة- وعاين حجم المعاناة التي يعيشها السكان يوميًّا على أيدى المغتصبين وجنود جيش الاحتلال، واستمع إلى شكاوى الناس المطاردين الذين يعيشون بين مطرقة الاحتلال والمغتصبين وبين سندان الإهمال الحكومي في رام الله، حيث ظهر جليًّا حجم التضييق الذي يتعرض له المواطنون من أجل إجبارهم على الرحيل وترك الأرض ليلتهمها الاستيطان والتهويد.
التقينا الحاج زياد يونس محمد مخامرة (59 عامًا)، وقال: "اعتداءات جيش الاحتلال والمغتصبين الصهاينة، ممنهجة ومستمرة، وتترجم على الأرض وفق سياسة حكومية تأتي من تل الربيع (تل أبيب)، وتتفاوت حدتها بين حين وآخر"، لكنها في الآونة الأخيرة ازدادت وتيرتها وتطورت"، لافتًا إلى أن الاعتداءات تتركز في الليل.
ويضيف: "تشن عصابات المغتصبين هجومًا على معظم قرى مسافر يطا والقرى الشرقية ليطا، وخصوصًا تلك القرى المحاذية لبعض المغتصبات القريبة من الخرب والقرى، ويعتدي المغتصبون على البيوت والعرش والكهوف ويكسرون زجاجها والأبواب والأسلاك، ويحاولون اقتحامها وخلع أبوابها للوصول إلى الداخل ليعيثوا الخراب والدمار ويخلطوا كل شيء ببعضه".
وبين مخامرة أن المغتصبين يحاولون الاعتداء على رعاة الأغنام الذين يقتربون من محيط المغتصبات المنتشرة في محيط تلك القرى، مشيرًا إلى تكرار المغتصبين لحالات السطو على مختلف القرى وضرب الرعاة وسرقة أغنامهم.
وكشف أن الاحتلال أعد مخططًا صهيونيًّا لبناء مدينة اغتصابية كبيرة شرق يطا، أقصى جنوب الخليل، على غرار مغتصبات (آرئيل وجيلو ومعاليه أدوميم وكريات أربع) بمساحة تقدر بعشرة كلم، تمتد من مغتصبة لصيفر جنوب شرق يطا حتى مغتصبة "فتح سدرو" في شمال شرق يطا، مضيفًا أن المؤسسة الصهيونية الاحتلالية تحاول أن تنفذ هذا المخطط عبر قرارات سياسية وقضائية محصنة ومشرعنة.
طلبة المدارس لم يسلموا من الاعتداءات
ويقول الناشط في مناهضة الاستيطان، إسماعيل العمور: "كثيرًا ما يحاول المغتصبون الصهاينة -تحت حماية جنود الاحتلال- الاعتداء على طلبة المدرسة، أثناء الذهاب والإياب إلى مدارسهم"، مشيرًا إلى أن الطلبة مضطرون لسلوك الجبال والطرق الوعرة للابتعاد عن مرأى المغتصبين تجنبًا لاعتداءاتهم المتكررة بحقهم.
وحسب "العمور"، فلا تتوقف انتهاكات الاحتلال ومغتصبيه عند هذا الحد، بل تتجاوز ذلك إلى محاولات الزحف والتوسع والتهام مزيد من أراضي المواطنين تمهيدًا لتوسيع المغتصبات المنتشرة في أراضي يطا والسيطرة عليها وطرد السكان.
التوجه للقضاء الصهيوني لإبطال قرار الهدم والمصادرة
وفيما يخص قرار وزير الحرب، إيهود باراك، بهدم ومصادرة ثماني قرى من يطا لصالح جيش الاحتلال وتحويلها إلى منطقة عسكرية عازلة، يؤكد الحاج عصام محمد (65 عامًا) ، أنهم تحدثوا مع محاميهم بخصوص رفع قضية على الجيش رفضًا للقرار من أجل إبطال هذا القرار أمام المحاكم الصهيونية.
وأضاف أن مثل هذا القرار تم إصداره في أواخر التسعينات، إلا أن سكان القرى الشرقية في يطا استطاعوا الفوز بقرار قضائي يثبت حقهم في الأرض لمدة عشر سنوات، وكلفنا وقتها أكثر من 100 ألف دولار أمريكي دفعناها من جيوبنا الخاصة.
ويقول الحاج عصام: "طلب منا المحامي أن نجهز له مبلغ 80 ألف دولار من أجل أن يبطل هذا القرار ويثبت حقنا في الأرض لمدة 20 عامًا قادمة، ونحن الآن نحاول جمع المال من أموالنا الخاصة.