جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
رغم حالة الحصار والإغلاق التي يفرضها الاحتلال على البلدة القديمة من الخليل منذ سنوات سعيا للهيمنة على ما تبقى من أحياء وأسواق المدينة، إلا أن نفرًا من سكان الخليل وتجارها يصرون على الرباط والبقاء في بيوتهم وحوانيتهم وأسواقهم الخاوية؛ بحثا عن حياة كريمة، رغم عنف المستوطنين وملاحقة قوات الاحتلال اليومية لأبنائهم. في ساعات الظهيرة كان عبد الرؤوف المحتسب يجلس هو وأبناؤه في حانوته المتواضع بالقرب من الحرم الابراهيمي الشريف، ليجسّدوا حالة من الثبات والصمود أمام هجمة التهديد والتهويد التي يمارسها المستوطنون صباح مساء، وما هي إلا لحظات حتى اقتحم عليهم الحانوت مجموعة من المستوطنين، وانهالوا عليهم ضربا، وقاموا بتكسير المحتويات من بضائع وحاجيات، وقد حضرت دورية من الشرطة "الإسرائيلية" للمكان بعد فرار المستوطنين، دون أن تحرك ساكنا أو تبدي أي اهتمام. وقال المواطن المحتسب: "نحن مصرون على الصمود في دكاننا مهما كانت النتيجة.. لقد خرجت من الدكان ساعة هجومهم علينا لأنني ظننت أنهم قد وضعوا شيئا داخل الدكان لقتلي أنا وأبنائي، وحاولنا الدفاع عن أنفسنا، وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجمنا فيه المستوطنون". وأضاف المحتسب: سأقوم بفتح دكاني يوميا، ولن يستطيع أحد منعي من ذلك فهو دكان أجدادي وآبائي، ونحن ندرك الهدف من هذا الاعتداء عليّ وعلى أبنائي.. همهم الأكبر أن أغلق هذا الدكان مثل بقية الدكاكين حتى يسيطروا على البقية الباقية من المنطقة كلها. وفي ذات السياق اعتدى مستوطنون على منزل الحاج أبومحمد مسودي بالقرب من الحرم الإبراهيمي، وقاموا برجمه بالحجارة وحاولوا منع أصحاب المنزل من الخروج، ومجموعات من الجيش الاسرائيلي على الأبراج المجاوره تراقب ذلك دون أن تمنع المستوطنين أو تردعهم. ويقول أبو محمد مسودي: "لقد تعودنا على هذا النمط من الحياة والذي يُقصد من خلاله تهجيرنا، وسبق أن فاوضنا بعض المستوطنين لبيعهم منزلنا وعرضوا علينا شيكات مفتوحة كإغراء.. ولكن ردنا كان واضحا: اذهبوا أنتم وملايينكم التي لا تساوي نسمة هواء تطل علينا من بين مآذن الحرم وأروقته". ويضيف مسودي: "لا أبالغ إن قلت لكم أننا نتعرض للاعتداءات من قبل المستوطنين والجيش يوميا.. بل مرات عديدة في اليوم الواحد، وقد تعرض أبنائي للاعتقال مرات عديدة تحت تهمة مهاجمة المستوطنين والجيش، وأصيب أحدهم بجراح جراء اعتداء مستوطن علية وإطلاق النار على ساقه.. وحاولوا أكثر من مرة حرق منزلنا، ولم يسمحوا لإطفائية بلدية الخليل بالوصول إلى المكان". إنها قصة صمود وثبات الفلسطينيين في قلب الخليل رغم الاستيطان والتهديد والتهويد، حتى تبقى الذاكرة قائمة، وتراث الزمان والمكان شاهدا على ملحمة الرباط والإصرار على الحق.!!
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام