جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
الأطفال يلعبون بما أوتوا من براءة، و"المجتمع الدولي" يلعبُ لصالح الاحتلال بما أوتي من ظلم، الرجال يصلون، وخراطيم الصواريخ الإسرائيلية لا دينَ لها، قررت في مرةٍ جديدة اغتيال السلامَ، في أرض السلام، والأطفال يلعبون. النساءُ كُنّ يُصلينَ في شهر الصيام، تحديدًا في الليلة الـ14 منه، الأجواء إيمانية بحتة، لكن قرارات الاحتلال كفرت بكل شيء، حتى بالإنسانية، الأطفال والرجال والنساء من عائلة البطش في مدينة غزة، جميعهم انهمرت على رؤوسهم الصواريخ، دون مقدمات. "كان أفراد العائلة في جامع الحرمين بحي التفاح، مقابل مدرسة الكرامة، طلعوا من صلاة العشاء وخشوا (دخلوا) في منازل عائلة البطش، في شارع خاص بها، في الحي ، كملوا التراويح، وصلوا، ضربت طائرات الاحتلال عليهم صاروخ وفي الشارع صاروخ بنفس الوقت..."؛ كان إسماعيل البطش الذي يروي مشاهد الدم، على بعد 500 م، من مكان القصف. حصيلة الشهداء والجرحى فاقت الوصف، العشرات أُصيبوا وغيرهم ارتقوا، ولم يكن ليرى شيئًا سوى الرماد والدمار، كانت هذه "هدية" قوات الاحتلال، للمدنيين، في أحد أيام العدوان الإسرائيلي على القطاع، الذي استهدف منازل الآمنين، وأرواح الأبرياء. ليس أمام أطفال العائلة الذين فقدوا آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم، سوى الوقوف على أطلال المنزل الذي سوته الطائرات الحربية بالأرض، وذرف دموع من الدم، الذي جف في عروق العالم، و"العدالة الدولية". في اليوم التالي، حمل أفراد من العائلة والمواطنون، الشهداء إلى مثواهم الأخير، فيما كان إسماعيل (34عامًا) ممن يجلسون إلى جانب الجرحى والمصابين، للوقوف على احتياجاتهم، ومراعاة أحوالهم. روى ما شاهد بأم عينيه: "لما قصف الاحتلال أحد منازل العائلة، تحول إلى رماد، انسكبت دماء الأبرياء أمام أعيننا، هرع الإسعاف لإنقاذهم، لكن كان منهم من صار أشلاءً متناثرة". ولحسن الحظ كان هو على بعد 500م تقريبًا من مكان القصف، فلم يُصب ولا أبناؤه ولا زوجته، بخلاف العشرات من أبناء العائلة، الذين تعرضوا للمجزرة، وجلهم من الأطفال والنساء، كما أكد. كان إسماعيل في جوار أحد المصابين، الذي أخفى القصف معالم وجهه، دون ذنب سوى أنه فلسطيني، اغتصبت العصابات الصهيونية أرض أجداده سنة 1948، وباتت تلاحقه اليوم أينما حل. من الشهداء، كما قال: "سيدة عمرها 59 عامًا، وأخرى حامل"، مما يدلل بلا ريب أو شك، على أن أهداف قادة الاحتلال في غزة، هي البشر والشجر والحجر. "كنا بدون وعي ننقذ المصابين وننقل الشهداء، ما كنا واعيين للي بنشوفه" (...) "الصهاينة مجرمون، ايش بدك تتوقع من الاحتلال المجرم، ايش بده يطلع منه؟ بده يبين لمجتمعه إنه أنجز وقتل أطفال ونساء وشيوخ"!
أضاف للكلام السابق بحماسٍ شديد: "بس احنا صامدون، حتى لو قصفوا كل بيوتنا، بدنا المقاومة تستمر في الدفاع عن شعبنا"، هكذا نادى بحق شعبه المكفول بالقانون الدولي في مقاومة الاحتلال الذي قتلَ السلام في فلسطين، على مرأى من العالم ومسمع. حتى المجتمع الدولي من وجهة نظره "شريك مع الصهاينة"، لكنه بدا واثقًا من قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود، حتى بدون مساعدات دولية أو عربية. رسالته لجيش الاحتلال الإسرائيلي: "أنت مهزوم.. مهزوم"، قالها مرارًا وتكرارًا دون ملل، متابعًا: "الاحتلال بميزش (لا يميز) بين عائلة البطش وعائلة فلان أو علان، هو يستهدف الجميع؛ الكبار والصغار، النساء والشيوخ والأطفال، الكل مستهدف، حتى الصحافة، والمستشفيات، والبلديات...".
المصدر: فلسطين اون لاين