جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
افتتح ما يسمى بـ "صندوق القدس" بالتعاون مع البلدية ووزارة السياحة الصهيونية حديقة ما تعرف بـ "تيدي كولك" في جنوب باب الخليل قرب جورة العناب بهدف الاستيلاء على الأراضي الوقفية والمباني المملوكية الإسلامية العريقة وتوظيفها لصالح المشروع الاستيطاني "الحديقة الوطنية اليهودية". ويوجد في (جورة العناب)، بركة مياه قديمة، اهتم بها المماليك كثيرًا فبنوا في وسطها جسرًا لنقل المياه إلى البلدة القديمة، وازدهرت المنطقة في عصر السلطان العثماني سليمان القانوني، فزاد بها البناء، وجعل عندها سبيلاً للمياه على الطريق الرئيس اليوم، وكانت البركة وما حولها مصدرًا مهمًّا يسقي سكان القدس القديمة، ويمد المسجد الأقصى ووافديه بماء الشرب والوضوء وتتزود منها القوافل قبل مغادرة المدينة العتيقة. وفي غمرة احتفالات الصهاينة بالHعياد اليهودية وما يسمى بـ"ذكرى قيامها" تم تحويل جزء من الوادي إلى حديقة مولها "صندوق القدس" عبر مجموعة من المتبرعين اليهود، ضمن (مشروع الحوض المقدس والحديقة الوطنية)، في واحدة من سلسلة مشاريع "فيس همديناه - تغيير وجه المدينة" الذي انطلق في عهد رئيس الوزراء الصهيوني السابق إيهود اولمرت. يذكر أن هذه المنطقة الإسلامية العربية العريقة، كان لها أهل وتاريخ إسلامي، وهي حاضنة القدس والمسجد الأقصى، تجمع عندها المسافرون ومر منها العظماء، قبل ان تسقط بيد الصهاينة عام 1967 إذ كانت منطقة حرام قبل النكسة. وحسب المخطط في تلك المنطقة سيمد خط تلفريك بين التلة والمعسكر البريطاني والسجن القديم قرب "سينما تك" إلى منطقة العين ووادي الربابة في سلوان في ثلاثة مشاريع استيطانية سياحية تغير طبيعة المنطقة الطبيعية الخلابة. وفي عملية تهويد كامل للمنطقة تحت شعار "الحوض المقدس وحديقة تيدي كولك" يدعي الاحتلال أنها منطقة أثرية تعود إلى فترة الهيكل الثاني المزعوم في حين كتاب "الأثريين الإسرائيليين" يتحدثون عن بقايا أثرية من الحكم المملوكي في القدس. وقد تم تقسيم مساحة واسعة من الأراضي قبل "جورة العناب" على شكل مدرجات ونوافير مياه مستوية ومع مستوى الارض فباتت المنطقة متنزها سياحياً يرتاده المستوطنون وجزءاً من الحديقة التلمودية التي تحيط بالقدس القديمة والمسجد الأقصى المبارك، كما تم تحويل جزء من تلك المنطقة إلى بازار لبيع التحف والصور وغيرها من الرموز والأعلام الصهيونية والخرائط والمخططات التي تعكس الرواية والرؤية الصهيونية المشوهة لتاريخ المدينة. وقالت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث في تقرير لها إن منطقة باب الخليل ومنطقة جورة العناب شهدتا خلال الأيام القليلة الماضية توافد آلاف المستوطنين والحرديم اليهود بمناسبة الأعياد وذكرى ما يسمى بإنشاء "إسرائيل" مستغلة بذلك ما مساحتة سبعة إلى عشر دونمات، تم تغيير طبيعتها وزراعتها بالشواهد الاستيطانية من أسماء ورموز ذات طابع استيطاني يهودي تحت عنوان حديقة عامة وأطلق أسم "حديقة تيدي" عليها، وهو "تيدي كولك" - رئيس بلدية الاحتلال الاسبق لعشرات السنين عرف بدوره الكبير في تهويد المدينة وترسيخ سلسلة قوانين بلدية حدت ومنعت من البناء الفلسطيني فيها بشكل كبير جداً، الأمر الذي أفرز ازمة سكن خانقة منذ عشرات السنين، ضمن سياسة صهيونية جاذبة للمستوطنين وطاردة للفلسطينيين. وقد كان كوليك رئيسًا لبلدية الاحتلال عند سقوط القدس الشرقية في نكسة ٥ حزيران (يونيو) ١٩٦٧. والمتجول في تلك المنطقة يرى الفرق وحجم التغيير الذي افرزه هذا المشروع الاستيطاني ترى مسالك حجرية، ومسارات وأرصفة، ومساحات واسعة من العشب الأخضر، وفي وسط ذلك يوجد قنوات مائية، وبركة مياه صغيرة، يتجمع حولها عدد من الاسر اليهودية. وفي وسط الموقع نافورة مياه عملاقة، هي عبارة عن أرض مستوية، وضع فيها فتحات ومضخات مائية، عددها 256 مضخة، يلازمها 1500 مشعل ضوئي، ويلازمها صوت موسيقي، تشغل بالنهار والليل وفق برنامج الأعياد والمناسبات الصهيونية، وعند تشغيلها بعدد من الدورات المختلفة، تكوّن نافورة مياه عملاقة، تجذب كل ناظر، وتنسيه في هذه الغمرة أن الموقع بالحقيقة موقع إسلامي عريق. وليس بعيدًا عن هذه النافورة تجد بناءً أثريًّا هو عبارة عن جزء من جسر مائي مملوكي، يدعي منفذو المشروع الاستيطاني أنه بقايا بناء من فترة الهيكل الثاني المزعوم، وفي الجهة المقابلة نحتت رسومات وصور تتحدث عن مراحل حياة "تيدي كولك" المعروف بمشاريعه الضخمة لتهويد القدس، ومنها مشروع الحفريات أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، ومشاريع الاستيطان وغيرها. وفي منتهى جورة العناب حيث بركة السلطان سليمان القانوني (طولها 170 متراً، عرضها 67 متراً وعمقها 10 أمتار)، فقد حولت الجهات الاستيطانية الموقع بأكمله إلى قاعة مفتوحة كبيرة، نصب فيها الكراسي والمنصات، وينظم فيها خلال أيام السنة الحفلات الموسيقية الصاخبة والراقصة، التي تنافي حضارة المكان الإسلامية والعربية. وختمت "مؤسسة الأقصى" بأن "هذا المشروع يأتي في سياق حملة التهويد الصهيونية للقدس، لضرب المواقع الأثرية الإسلامية والعربية في القدس، يهدمها، يطمسها، يزيف الحقائق، ويحوّلها إلى حدائق تلمودية ومراقص ليلية، لكن بالرغم من كل ذلك، فإن القدس ستظل إسلامية عربية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام