31 عاماً .. لم يمض خلال هذه السنوات الطويلة يوما إلا تخيلت أنها تحتضنه في سرها.. كما أنها لم تذكر ليلة مرت قبل أن تبكي طويلا وتطلب من الله عناق يشفي غليلها. وها هي السماء تستجيب لطلب أم يوسف الفلسطينية المقيمة في لبنان.
كان عمر طفلها يوسف عامان عندما فقدته وهي تهرب من الموت أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982. وكان يوسف واحدا من عشرات الأطفال الذين تشردوا بسبب ظروف الحرب الذي طال العاصمة بيروت، وهؤلاء الأطفال تم تجميعهم في"بيت أطفال الصمود"، وعندما غادر الزعيم الراحل ياسر عرفات بيروت حمل هؤلاء الأطفال معه الى تونس ثم الى فلسطين بعد توقيع اتفاقية أوسلو والعودة إلى الأراضي الفلسطينية.
وفيما بعد تعرف بعض الأهالي على أبنائهم، ولكن يوسف كان عمره سنتان أصبح اليوم عمره 33 عاما، ولم يعلم شيئا عن أمه التي تعيش في مخيم البص، ولم يسمع أي خبر عنها.
يوسف الذي يعمل في مكتب حرس الرئاسة وقعت تحت يده رسالة من سفارة لبنان تطلب المساعدة لإجراء عملية جراحية من الرئيس أبو مازن واستوقفه اسم العائلة واتصل مباشرة مع سفير دولة فلسطين وطلب منه الاستفسار عن هذه المرأة المسنة، وبعد الاتصال والاستفسار تم التوصل الى العنوان.. وقامت السفارة الفلسطينية في بيروت بالتواصل مع المرأة المسنة وسألوها إن كان لها ابن اسمه يوسف، فأخبرتهم الحكاية.
يوم الثلاثاء 5/11/2013 تم اللقاء في منزل الأم، ويصف السيد رفعت شناعة، أيمن سر حركة فتح، ذلك اللقاء الإنساني الحميم: " اختلطت دموع الفرح مع البكاء ونظرت الأم إلينا تتعرف الى وجوهنا وبسرعة البرق خطفت ابنها من بيننا واحتضنته، واحتضن الشاب يوسف بشتاوي المحمود أمه والتصق الجسدان بعد فقدان الأمل، واستمر الاحتضان ما يزيد على خمس دقائق أما نحن الواقفون كأن على اكتافنا الطير لم نملك سوى البكاء، ولم نستطع الكلام، فقد سيطر علينا التفكير المعمق المجبول بحرارة اللقاء".