|3:48 م - الأربعاء ، 16 أكتوبر 2013
انتقدت الكاتبة الصحفية عميرة هاس، في مقال لها بصحيفة هاآرتس،العلاقة الحميمية بين المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي، من خلال كشفها لاقتحام المستوطنين تحت حماية عناصر الجيش لقرية "الثواني" الفلسطينية، بدعوى سرقة أهالي القرية ماشية مملوكة للمستوطنين، في السادس من اكتوبر الماضي.
وقالت هاس اعتقد سكان "البؤرة الاستيطانية، غير القانونية، وغير المرخصة، "جفعات معون"، إن شخصا ما يحاول أن يسرق ماشية من قطيع المستوطن يهوشبت تور، الذي قال انه رأى شخصين مريبين داخل المزرعة، وعليه قرر الجيش الإسرائيلي استخدام الخطة "فارس الليل ج"، التي تعني اعتبار وجود مخرب مسلح في المستوطنة، فأُعلن حال التأهب خشية من تسلل عرب الى المستوطنات المجاورة أيضا .
وفي الليل داهم "فرسان الليل" القرية الفلسطينية، وقالت هاس إن قرية "الثواني" يقوم مجهولون غرباء عنها بإفساد اشجارها مرة في كل شهر على الأقل، ولم تعثر الشرطة ولا الجيش على هؤلاء المخربين قط، وهي القرية التي يمنع الاسرائيليون سكانها دائما من الخروج الى المرعى، ولا يستطيع أبناءها الوصول الى مدرستها دون مصاحبة عسكرية من عناصر الجيش الاسرائيلي، أو مصاحبة نشطاء سلام دوليين، كي لا يهاجمهم سكان البؤرة الاستيطانية.
وأشعل "فرسان الليل" قنبلة ضوء واحدة، خرج على اثرها سكان القرية ليتبين لهم وجود مستوطنين في داخل قريتهم، فصرخوا "مستوطنون في القرية، مستوطنون في القرية"، فتوجه المستوطنون نحو المدرسة ومضى السكان في آثارهم،
وقالت هاس"سألنا المستوطنين لماذا دخلوا القرية ولم يجيبوا"، في حين قال "محمود سلمان" فلسطيني من القرية الى المحامي إيتي ماك، كانت معهم مصابيح وجهوها نحو البيوت، والمدرسة، والاشجار، واتجهوا بعد ذلك صوب الوادي، وتبين أن الجنود كانوا يصاحبون المستوطنين، "سألنا الجنود لماذا يوجد مستوطنون في القرية، لكن الجنود لم يجيبوا"، وقال سلمان، وآنذاك اتجه الجنود الى اجراء تفتيشات في البيوت.
وقال أبو سلمان 68 سنة، سمعت طرقا قويا على الباب وصيحات الجنود "إفتحوا إفتحوا"، ودلف ابو سلمان وهو "مريض وشيخ" – كما يُعرف نفسه – الى الباب معتمدا على عكازه، وفتح فسدد الفرسان بنادقهم إليه، "سألتهم ماذا تريدون"، لكنهم لم يجيبوا، ولم يمسوا أي شيء في البيت بل نظروا فقط، لكن ذلك كان كافيا كي ترتجف حفيدتي ابنة الثالثة لوقتا طويلا.
بعد ذلك خرج الجنود الى بيت الجار وقال ابو سلمان الذي كان في اثرهم "خاف إبن أخي (الذي كان هذا هو بيته) الذي رفض دول الجنود للبيت، قال ابو سلمان للجنود إنه يوجد اولاد صغار في البيت، وغضب أحد الجنود فأخرج قنبلة يدوية وهدد بأن يرمي القنبلة اذا لم يدعوه يدخل، وتدخلت فطلبت الى الجنود أن يهدأوا فكل شيء على ما يرام، وفتحت أنا بنفسي الباب، وأخذ جندي آخر القنبلة اليدوية من الجندي المهدد، وقال له إنه لا يجب التفتيش في البيت فانتقلوا الى بيت آخر"، بحثا عن سارق الشياه!!!.
ونقلت هاس أنه نشب بين الجنود اختلاف في الرأي في بيت آخر ايضا، فقد طلب أحد الجنود أن يخرج أبناء البيت جميعا بما فيهم الاطفال الذين كانوا قد ناموا أو كانوا يرتجفون خوفا، وقال جندي آخر "ليبقَ الصغار"، وفي النهاية جاء جنود آخرون وسددوا البنادق وأجروا تفتيشا ونسوا اخراج سكان البيت.
وقالت "عائشة هريني" فلسطينية من القرية، انها وابنائها الخمسة كانوا قد تاهبوا للنوم عندما علمت أن زوجها وابنها البكر قد علقا عند مدخل القرية، ثم جاءها طرق قوي لبابي البيت الحديديين، وطرق الجنود احدى النوافذ وهشموا الزجاج ايضا، وقالت "خشيت أن أفتح وحدي دون زوجي، واختبأت أنا والاولاد في غرفة داخلية، والتصق بي كل الاولاد ما عدا اثنين لم يستيقظا، وبكى اثنان فطلبت إليهما أن يهدآ ولم أتحدث الى الجنود، سمعتهم يعتلون السقف، ومكثوا هناك عشرين دقيقة، بعد ذلك رأيت أن الجنود قلبوا الغرفة وبحثوا في الثلاجة، وحركوا ايضا أكياس الغلة".
كان الجنود قد سدوا مدخل القرية بسيارات الجيب والحجارة والاطارات، واجتمع هناك سكان بنسائهم واولادهم واطفالهم، ولم يُسمح لهم بالتوجه الى بيوتهم، وصرخ الجنود وأخذوا من السائقين الفلسطينيين مفاتيح سياراتهم، وصاحوا قائلين إنه يجب البقاء في السيارات ولا يجوز لهم الحديث بالهواتف المحمولة، وحاولت النساء العودة باولادهم الخائفين الى البيوت، فدفعهم الجنود الفرسان بعنف وسدوا طريقهن.
وبعد ساعة ونصف الساعة جاءت سيارات عسكرية أخرى، وقال لهم جندي من حرس الحدود، كما يقول سليمان عدرة "خذوا سياراتكم وعودوا الى الشارع الرئيس باتجاه يطا، توجد هنا حادثة، فطلبنا أن يسمحوا للأولاد والنساء بالعودة إلى البيوت فقال الجندي "لا أريدكم أن تدخلوا للبيوت كي لا يحدث شجار أو خصام بين الناس، يقصد المستوطنين"، بعد ذلك أدرك عدرة أن "النزاع" الذي فكر فيه الجنود كان نزاع المستوطنين الذين دخلوا الى القرية.
وتساءلت هاس في ختام مقالها "هل شوهد حقا اشخاص مُريبون في جفعات معون أم جنَّد المستوطنون الجنود لحادثة مُحسَّنة مطوَّرة للتنكيل بالقرية؟ ولم يُجب الجيش عن اسئلة "هاآرتس" بعد أن رفع المحامي ماك شكوي الى النيابة العامة العسكرية".