معلّمون مختصون في الرسم في قبل النكبة
الأستاذ الرسّام جورج فاخوري من عكا
ياسر قدورة – هوية
18/2/2024
كنت أقرأ في مذكرات المرحوم أحمد اليماني (أبو ماهر) عن دراسته في المرحلة الابتدائية في فلسطين، وقد فصّل بعض الشيء عن أوضاع مدرسة سحماتا وأساتذتها وعن انتقاله إلى مدرسة ترشيحا بعد الصف الابتدائي الرابع بصحبة ثلاثة من زملائه.. وقد عدّد أسماء المعلمين في مدرسة ترشيحا التي كان يديرها الأستاذ مصطفى عبد الباقي، وذكر من بينهم أستاذ الرسم جورج فاخوري.
لفت انتباهي وجود معلم متخصص لمادة الرسم في تلك الأيام، فرجعت إلى أرشيف المعلمين في موقع "هوية" بحثاً عن ملف الأستاذ جورج فاخوري فوجدت الكثير من الوثائق المتعلقة بتجربته التعليمية.
هو من مواليد عكا عام 1911، وتم تعيينه معلماً في مدرسة ترشيحا عام 1930 وكان يعلم الحساب والعلوم الطبيعية والأشغال اليدوية والرسم والخط العربي.. كان يعيل والده بيترو ووالدته نايفة وأخواته البنات، أما أخوه ميشال فكان ( في عام 1938) لا يزال طالباً في مدرسة الصنائع.
انتقل من مدرسة ترشيحا إلى المدرسة الابتدائية في عكا في كانون الأول 1930، ثم أعيد نقله إلى مدرسة ترشيحا عام 1932، وبعدها نقل إلى مدرسة طبريا عام 1939.
تم لفت نظره من إدارة المعارف عام 1941 إلى أنه لا يجوز له تعاطي الأعمال التجارية وهو موظف لديها، وذلك إثر وشايات بممارسته لأعمال تجارية في المواد التموينية، ولكنه في الواقع لم يكن يقوم بأعمال التجارة بنفسه بل كان قد افتتح دكاناً في طبريا يشرف عليه أخوه إميل، رغم أن الأخير لم يكن قد تجاوز الخامسة عشرة من العمر.. وكانت هذه الوشايات سبباً في نقله من طبريا إلى المدرسة الثانوية في الرملة عام 1944.. وفي عام 1945 وافقت الإدارة على طلبه الانتقال للتعليم في موطنه الأصلي في عكا.
خلال مسيرته التعليمية كان حرصه على تطوير قدراته الفنية جلياً، ويظهر في ملفه أنه قد درس مساقاً في الرسم والأشغال اليدوية في الكلية العربية في القدس صيف عام 1930، وشارك مرة أخرى في فصل صيفي للفنون الجميلة في القدس عام 1931، وفي عام 1934 اجتاز فحص الرسم الفني الذي عقد في مدرسة الصنائع بحيفا، وفي نفس العام أرسل للإدارة طلباً لإخضاعه لامتحان المعلمين الأعلى في مجال الرسم لتطوير معارفه فجاءه الرد بأن الإدارة تعمل على إعداد منهج عال للأشغال اليدوية وبإمكانه المشاركة فيه بعد اعتماده وتعميمه. وفي عام 1945 تقدم بطلب إجازة دراسية لسنة واحدة لدراسة الرسم والأشغال اليدوية في بريطانيا ولكن الإدارة لم توافق على طلبه.
في عام 1946نجح في قسم المناهج من امتحان المعلمين الأعلى، فيما كان عليه أن يعيد امتحان الحرف اليدوية، فحرص على التدريب في مدرسة الصنائع في حيفا لمدة ثلاثة اسابيع ليتجهّز للامتحان، وتم تحديد موعد الامتحان له في كانون الثاني 1948 ولكنه تغيّب عن الامتحان، وقد برر سبب الغياب للإدارة برسالة مفصّلة مفادها أن سائقي التاكسي رفضوا توصيله بسبب الاشتباكات التي كانت قد اندلعت آنذاك، وعبّر عن خشيته من الذهاب سيراً لأن المدرسة واقعة في محيط يهودي.
تمكّنا من التعرف على نوعية الأعمال والرسومات التي كان يدرّسها من خلال بعض التقارير الإدارية، ومن ذلك ما ذكره مدير المدرسة الثانوية بالرملة في أحد تقاريره عام 1945بعد زيارته لصف الأستاذ جورج، أن الطلاب قد استفادوا من مجهوده حيث " قام طلاب الصف السابع الابتدائي بعمل رسوم زخرفية ورسومperspective ورسوم ميكانيكية للأشغال الخشبية، كما أن تمارين النجارة كانت جيدة الصنع مع أنها مصنوعة من خشب رديء".
حاولت أن أبحث في الشبكة العنكبوتية عن المزيد من المعلومات عن الأستاذ جورج فاخوري فلم أعثر سوى على القليل، ومن ذلك ما ذكرته رنا عناني في مقالتها (تاريخ فنّ بلا فنّ) في مجلة الدراسات الفلسطينية، حيث ذكرت أن "جورج فاخوري الذي عمل مدرساً للرسم في عكا، هُجّر إلى بيروت وفقد جميع أعماله"، وكذلك وجدتُ في سيرة الفنان التشكيلي توفيق عبد العال أنه قد درس مبادئ الفن والتصوير على يد معلّمه جورج فاخوري.، وأنه قد أقام معرضه الأول – وهو طفل في التاسعة في إحدى مدارس عكّا عام 1948، بإشراف أستاذه الرسّام جورج فاخوري.