لم يشفع سن خليل شلوف والد ثلاثة أسرى بسجون الاحتلال الإسرائيلي من السماح له بزيارتهم، بل تجاهل الاحتلال حق الأب من رؤية أولاده بُحجة "الرفض الأمني" حتى مات قهرًا.
واعتقلت قوات الاحتلال أبناء المسن شلوف (55 عامًا) من رفح واحدًا تلو الأخر، فنجله كمال اعتقل عام 2003 لدى عودته عبر معبر رفح وحكم عليه بالسجن 12 سنة، واعتقل نجليه سامي وكامل عام 2008 وحُكم عليهما بالسجن سبع سنوات.
ولم يتمكن المسن شلوف من زيارة أنجاله الأسرى سوى مرةٍ واحدة، حين سمحت سلطات الاحتلال بزيارة كمال لدقائق فقط قبل ثمان سنوات.
وحرّمت "إسرائيل" ذوي أسرى قطاع غزة في أعقاب أسر المقاومة للجندي جلعاد شاليط صيف عام 2006، لكنها عادت واستأنفت الزيارات في أعقاب الإفراج عنه بنحو عامٍ ونصف عبد خوض الأسرى معركة الأمعاء الخاوية واستجابت إدارة السجون لمطالبهم.
وبعث ذلك القرار والد الأسرى الثلاثة أملاً جديدًا كاد أن يفقده في ظل تعنت "إسرائيل" السماح بزيارة ذويهم الأسرى، خصوصًا بعدما أدرج اسمه وزوجته ضمن كشوفات الزيارات الدورية.
ومضت دقائق وصول المسن شلوف من مقر الصليب الأحمر بغزة إلى حاجز بيت حانون سريعًا، حالمًا بلحظة رؤية أبنائه، لكن "الرفض الأمني" الذي يتذرع به جنود الاحتلال قضت على أحلامه، فيما اختارت أم الأسرى أن تواصل الطريق لزيارتهم.
أما الوالد، فعاد "صفر اليدين" بعد أن قطع نحو 100 كيلو متر ذاهبًا وعائدًا من منزله وحتى عودته من الحاجز ليعانق صور أنجاله الأسرى بعد أن أنزلها من على جدار غرفته.
وبقي شلوف نحو شهرٍ من العناق اليومي لصور أسراه ينام باكيًا ويصحو كاتمًا حسرته وقهر بقلبه دون أن يتحدث مع أحد، متحريًا "هلال" السماح له بالزيارة مُجددًا.
وبعد نحو شهر أُدرج اسم الوالد بكشوف الزيارات ثانيةً، وكما المرة السابقة عاد لمنزله دون أن يحقق مبتغاه.
مات قهرًا
وعزم الوالد المسن مرة ثالثة لرؤيتهم بسجن نفحة الصحراوي، لكنه صُدم مُجددًا فعاد فاقدًا للأمل بتاتًا برؤيتهم، سوى أن يمنّ الله عليهم بالإفراج عنهم.
ولم يحتمل قلب الوالد تلك الصدمات وعبارات "الرفض الأمني"، ليُعاجله الموت ويوقف قلبه النابض بالشوق قبل أن تتكحل عيناه برؤية ثلاثتهم خارج القضبان.
وطوى كفن الموت الأبيض قصة معاناة والد الأسرى الثلاثة، ونزل نبأ وفاته كالصاعقة على أبنائه الذين علموا بوفاته عبر إذاعةٍ محلية، ليهاتفوا والدتهم وأشقائهم يبكون أباهم.
وبقيت الوالدة التي ارتسمت على وجهها ملامح تجاعيد الكبر وكأنها خيوط تنسج حكاية معاناة أدمت هذا الوجه التواق لرؤية من ذرفت عليه دموع الفراق والحسرة، وحدها تحمل المعاناة دون أن تجد من يقاسمها بها، متوجسة من أن زوجها قبل الإفراج عنهم
واقع صعب ومناشدة
ولم يستطع أن يُخفي ابن عم الأسرى الأسير المحرر مصطفى شلوف والذي قضى تسع سنوات بسجون الاحتلال حجم معاناة السجن من تفتيش وتعذيب نفسي وجسماني وحرمان من رؤية الأهل.
وقُدٍر لابن عمهم أن يلتقيهم شهرًا بعد أن اعتقله جنود الاحتلال قبل أن يُفرج عنه ويشاركهم أيامًا من المعاناة داخل السجن وينقل شوقهم الكبير الذي لوالديهما ولربوع الحي الذي تربوا فيه.
ويدعو شلوف لإنصاف الأسرى ومنحهم الحق في زيارة عوائلهم بشكلٍ لائق ورفع الظلم والقهر عنهم الممارس من قبل إدارة السجون، فيما ناشدت الأم الإفراج عن أبنائها وتخفيف معاناة أهالي الأسرى.
المصدر: وكالة صفا