"عدنا".. مشروع يحاكي العودة لفلسطين
بادرت العديد من مؤسسات المجتمع المدني في الداخل الفلسطيني إلى تفعيل مشروع تثقيفي بعنوان "عدنا" يحاكي العودة إلى القرى المهجرة، وذلك للتصدي لتشريعات الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) التي تحظر على المؤسسات والجمعيات التي تحصل على تمويل مالي من الحكومة إحياء ذكرى النكبة.
ويهدف المشروع، الذي تشرف عليه جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان وجميعه "بلدنا" وجمعية "ذاكرات"، لترسيخ حق العودة في ذاكرة الأجيال الناشئة عبر إيجاد البدائل لإحياء وتفعيل المناسبات الوطنية وتعميق الوعي لدى الشباب بشأن مشاهد النكبة واللجوء، والتعريف بحياة الشعب الفلسطيني قبل النكبة من خلال زيارة القرى المهجرة وخلق رؤية جماعية لعودة اللاجئين عبر وضع تصور وآليات لسبل تنفيذ العودة.
ويرافق المشروع التثقيفي الذي سيتواصل حتى يونيو/حزيران المقبل شرح وإرشاد من قبل مؤرخين وباحثين في التاريخ الفلسطيني من خلال جولات ميدانية للقرى المهجرة والمدمرة، إلى جانب إشراك العديد من الشخصيات التي عايشت النكبة وكانت شاهدة عيان على التشريد والتهجير، وستتوج أولى حلقات مشروع "عدنا" الثلاثاء المقبل بمسيرة العودة السادسة عشرة إلى قرية خبيزة المهجرة بإحياء الذكرى الخامسة والستين للنكبة في الوقت الذي تحتفل به إسرائيل باستقلالها.
تثقيف وتواصل
ويصطحب المؤرخ الفلسطيني مصطفى كبها على مدار العام مجموعات شبابية وعائلات من فلسطينيي 48 بجولات ميدانية للقرى المهجرة، وذلك ضمن مساعيه لتثقيف الأجيال الناشئة بتاريخ الشعب الفلسطيني وحضارته وحقيقة ما حدث بالنكبة، وذلك بهدف صياغة الرواية الجماعية التاريخية للشعب الفلسطيني وتعزيز أواصر التواصل مع الأرض.
وأوضح كبها للجزيرة نت أهمية السرد التاريخي و"التباكي على الأطلال" كجزء من المشروع التوعوي والتثقيفي الشامل، وذلك من خلال النزول عن مستوى الشعارات والتجذر بالممارسة العملية والارتباط بالأرض عبر تثقيف الشباب واصطحابهم إلى القرى المهجرة ليعيشوا لحظات تاريخية توضح لهم ما تمر به القضية الفلسطينية من تحديات ومعوقات، ليكون الشباب حملة راية العودة مسلحين بالمعرفة والحقائق التاريخية والرواية الجماعية التي تعتبر من أهم الوسائل والآليات لإثبات وجود الشعب الفلسطيني بالمكان.
معوقات وتحديات
من جانبه، يقول مدير جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين أحمد الشيخ إن المجموعات الشبابية تعمل على سرد تاريخي وتوثيق لروايات شفوية للمهجرين وأرشفة التاريخ الحضاري والثقافي لفلسطين بالمرحلة التي سبقت النكبة مع تسليط الضوء على واقع اللجوء وقضية اللاجئين في الوطن والشتات، وكذلك العمل على تحضير وثيقة تلخيصه لملف اللاجئين وطرحها على المحافل الدولية للضغط من أجل تطبيق القرارات الدولية التي تدعو لعودة اللاجئين.
وشدد الشيخ للجزيرة نت على أن مشروع "عدنا" يتطلع بالأساس إضافة للخروج من حالة الارتهان إلى الصدمة والبكاء على الأطلال عبر وضع إستراتيجية لعودة اللاجئين ومنح بُعد عملي وواقعي للقضية من خلال جمهور الشباب ممن يحملون راية العودة، وبالتالي مواجهة التحديات التي تعصف بقضية اللاجئين ومخاطبة وإقناع المجتمع الدولي بصدق وعدالة القضية.
النكبة والعودة
ويرى مدير وحدة التربية والتثقيف بالمؤسسة العربية لحقوق الإنسان أحمد خليفة أن مشروع "عدنا" هدفه الأساسي خلق الأطر البديلة للعقوبات التي تفرضها القرارات الإسرائيلية على المؤسسات الرسمية العربية بالداخل الفلسطيني التي تبادر لمشاريع تثقيفية وإحياء ذكرى النكبة.
وأكد خليفة للجزيرة نت أن إسرائيل مهما شرّعت من قوانين لن تنجح بمنع جمهور الشباب من التفاعل بمشاعره وأفكاره مع قضاياه الوطنية، مشيرا إلى أنه لمس وجود حافز لدى الشباب وجمعيات العمل المدني على الإبداع وابتكار مشاريع تُبقي على قضية العودة وتاريخ النكبة في وجدان الشباب على مدار العام وتساهم في تفعيل حراك شعبي متواصل مع راية العودة.
وشدد خلفية على أهمية خلق الأطر لاستيعاب جمهور الشباب وتفعيلهم لنصرة قضاياهم الوطنية التي تتمحور حول قضية النكبة والإصرار على حق العودة مع صيانة الرواية الجماعية التاريخية للشعب الفلسطيني ومنعها من الاندثار بتوريثها جيلا بعد آخر وتسليحهم بالمعلومات الصحيحة لمواجهة الرواية التي تدعيها -وما زالت تروج لها- الحركة الصهيونية.
المصدر: الجزيرة نت