بيت صفافا ضحية الاستيطان بالقدس
يخوض أهالي قرية بيت صفافا بالقدس المحتلة معركة نضال جماهيري ضد مشروع شارع رقم "4" الاستيطاني الذي شرعت بتنفيذه بلدية الاحتلال ضمن المخطط الهيكلي القُطري 2020 الذي سيربط المدينة والأحياء الشمالية بمستوطنات "غوش عتصيون" والكتل الاستيطانية بالجنوب على مشارف الخليل.
ويصادر الشارع الممتد من شمال القدس بمنطقة المجمع التجاري "المالحا" وصولا إلى شارع الأنفاق المؤدي لمستوطنات قضاء الخليل، بشكل فعلي، ثلاثمائة دونم من أراضي بيت صفافا المملوكة ملكية خاصة للسكان، عدا مصادرة أربعمائة دونم بصورة غير مباشرة على جانبي الشارع التي يحظر على أصحابها استعمالها والبناء فيها، ليحدد المشروع ويرسم نفوذ مخطط "القدس الكبرى" الذي تصبو إليه المؤسسة الإسرائيلية.
وينسجم النضال الشعبي للأهالي مع الحملة الدولية بتحضير مذكرات ورسائل احتجاج أُرسلت إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما أطلعته على حقيقة المخطط وانعكاسه على الفلسطينيين ومطالبته خلال زيارته المقررة في العشرين من الجاري لإسرائيل الضغط على حكومة تل أبيب للعدول عن المخطط، كما بعث الأهالي برسائل مماثلة للاتحاد الأوروبي والسفارات والقنصليات الأجنبية.
معاناة واستيطان
وسرد عضو اللجنة الشعبية في بيت صفافا علاء سلمان واقع القرية التي أضحت ضحية للاستيطان، ومعاناة الأهالي المتواصلة مع بلدية الاحتلال التي أقامت العديد من الطرقات لخدمة الاستيطان.
وأكد أن القرية التي يسكنها 12 ألف نسمة بمنازل مرخصة، كانت تبلغ مساحتها نحو خمسة آلاف دونم عام 1967 تقلصت أراضيها بفعل المصادرة إلى 1200 دونم، حيث شق شارعا "مناحم بيغن" و"دوف يوسف" على أراضي القرية المصادرة التي أقيم عليها مستوطنات "جيلو" و"قطمون" و" بات".
وقال سلمان للجزيرة نت إن هذا الشارع الاحتلالي الممتد على طول 1800 متر وبعرض ثمانين مترا يوظف لتثبيت وتكريس الاستيطان بمنطقتي الخليل وبيت لحم.
كما يؤدي إلى فرض حكم الإعدام على أهالي بيت صفافا التي ستتحول لسجن كبير مما يدفع أهلها للهجرة والرحيل، ويمنع التطور والبناء حتى على الأبنية القائمة والمرخصة، ويحظر عليهم استعمال ما تبقى لهم من أراض على جانبي الشارع الذي سيكون أشبه بثكنة عسكرية لتأمين حركة السير وحراستها ناهيك عن الضجيج المتواصل والتلويث البيئي.
طعن واستئناف
ومن المنتظر أن تبت المحكمة العليا الإسرائيلية خلال أيام بالاستئناف المقدم من الأهالي والتماس المجلس الإداري حيث انضمت للالتماس أيضا الجمعية الحقوقية الإسرائيلية "بمكوم" وطعنوا من خلال الدعوى القضائية بقانونية وشرعية المخطط الحالي للشارع الذي أُعد له بتسعينيات القرن الماضي كشارع داخلي لخدمة أهالي القرية، وطالبوا تجميد العمل بشق الشارع وإلغائه.
وبين المحامي قيس ناصر -مقدم الاستئناف عن الأهالي- في حديثه حجم الأضرار التي تتكبدها القرية بمصادرة الاحتياط الأخير من أراضيها خصوصا أن غالبية أراضيها صودرت لإقامة عدة مستوطنات.
وعليه، فإن شق الشارع الاستيطاني السريع دون مخطط تفصيلي يتعارض مع المخطط الهيكلي القائم للقرية ويحولها إلى "غيتوهات" (مناطق منعزلة) ويقطع أواصر التواصل الجغرافي بين الأحياء التي تتحول لمجرد جزر، ويلغي الطرقات الداخلية التي يستعملها السكان دون توفير طرقات مستقبلية وشبكة مواصلات للسكان.
وشدد على أن مخطط الشارع بمساره الممتد على مئات الأمتار بالقرية والذي صدق عليه كطريق داخلي عام 1991، لا يشمل تفاصيل هندسية تحدد نفوذ الشارع ومناطق الارتداد والبناء على جانبي الشارع بشكل يتنافى وقوانين البناء الإسرائيلية التي تمنع شق شارع سريع داخل الأحياء السكنية.
مفاوضات وتحايل
وأكد المحامي أن تراخيص شق الشارع صدرت بشكل غير قانوني، وعليه فإنه طالب المحكمة باستصدار أمر احترازي لتجميد العمل به والبت في طلب إلغاء المشروع الذي لا يوجد له مبرر وجدوى خصوصا وأن هناك شارعا متاخما وقائما منذ ثلاثين عاما والذي أقيم أصلا على أراضي القرية.
ويرافق الخطوات الاحتجاجية التي تشرف عليها اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن بالقرية بالتنسيق مع المجلس الإداري، حملة خاصة للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي وتجنيد قوى اليسار الداعمة للسلام على اعتبار أن الشارع لا يخدم سكان القرية بل يعمق معاناتهم وفق مختار القرية محمد عليان.
وكشف عليان عن تحايل بلدية الاحتلال على الأهالي والمجلس من خلال المفاوضات التي هدفت فقط لكسب الوقت، فقد رفضت التداول بالمخطط الهندسي التي قدمه المجلس، بالمقابل عملت على تغيير أهداف المشروع بشكل يتعارض مع الخريطة الهيكلية للقرية المصادق عليها وبموجبها منحت تراخيص البناء للمنازل القائمة حتى قبل التخطيط للشارع.
المصدر: الجزيرة نت