ابو سويرح/ تاريخ العائلة
قد ارتبط اسم" ابو سويرح" باسم " سكرير" قبل الهجرة على وجه الخصوص اى قبل عام ١٩٤٨ بحيث كان يعرف احد الاسمين بالآخر. وبقول اخر، كان هذان الاسمان بمثابة اسمين مختلفين لنفس الشئ. فأبو سويرح تعنى سكرير والعكس صحيح، وعرب سكرير تعنى عرب ابو سويرح والعكس صحيح. فإذا قال شخص، مثلا، أنا من عرب ابو سويرح فليس معنى هذا انه من عائلة ابو سويرح وانما هو من عرب سكرير الذين كانوا يقطنون سكرير قبل عام ١٩٤٨.
كثيرون من ابناء عائلة ابو سويرح وغيرهم يلتبسون فى هذا الامر ولا يميزون بين عائلة ابو سويرح وعرب ابو سويرح وسكرير وعرب سكرير وقرية سكرير وخربة سكرير.ان كل من هذه المصطلحات له معنى مختلف. ولذا، يتوجب قبل الكتابة عن تاريخ عائلة ابو سويرح تعريف وتوضيح مثل هذه المفاهيم:
(سكرير): هى المنطقة الواقعة بين قريتي يبنا واسدود على ساحل البحر الابيض المتوسط كما يتبين من خريطة فلسطين. وتبلغ مساحتها حوالى ٤٠ الف دونم منها حوالى ١٢ الف دونم اراضي طينية والباقي اراضي أميرية ليس لها طابو لانها غير مسجلة باسم أحد لكونها أراضى رملية يترتب على تسجيلها دفع ضريبة أملاك سنوية عليها. ولذا لم يرغب أحد فى امتلاكها.
ولا أعتقد ان هناك ضرورة للكتابة عن جغرافية منطقة سكرير لان ذلك مذكور فى الخرائط والكتب والموسوعات الفلسطينية شانها شان كل قرى ومدن فلسطين الا ان هناك معالم واثار مميزة تتميز بها سكرير لا بد من تبيانها ليعرفها من يهمه الاطلاع على ذلك. ولسوف نشير الى هذه المعالم والآثار بإيجاز :
١- (نهر سكرير): او وادى سكرير ينبع من جبال الخليل ويتجه غربا مارا ببعض القرى منها المسمية الى ان يصل الى شرق اسدود فيتجه شمالا الى ان يمر بأراضي سكرير ويسير فيها قليلا ثم يتجه غربا متعرجا قليلا الى ان يصب فى البحر المتوسط. ومن المعلوم ان النهر تجرى فيه المياه على مدار السنة بكاملها فى حين ان الوادى تجرى فيه المياه فى فصل الشتاء فقط، ولذا فان نهر سكرير يعتبر نهرا بالنسبة الى سكرير فقط حيث تتواجد فيه المياه على مدار السنة اما بالنسبة لباقي القري التى يمر بها فهو واديا، ولذا اكتسب اسم النهر والوادى. ومما يذكر ان طول النهر الذى تتواجد فيه المياه باستمرار حوالى ثلاثة كيلومترات تزيد او تنقص قليلا. والتقاء النهر بالبحر يسمى المفجر. وعلى المفجر يقام الان ميناء اشدود الاسرائيلي بعد ان تم تجفيف النهر.
٢- (خربة سكرير): هى اثار بلدة كنعانية قديمة تقع على ربوة مرتفعة جنوب بيارة عرفة تطل على مصب نهر سكرير فى البحر المتوسط والذى يسمى المفجر وتبعد عن البحر حوالى اربع كيلومترات. وتذكر الموسوعات الفلسطينية ان اسمها " شكرون " ولعل اسم سكرير مأخوذ منها.
٣- (مقام النبى يونس):هو المكان الذى قذف الحوت فيه سيدنا يونس عليه السلام وانبت الله عليه شجرة من يقطين كما هو وارد فى سورة الصافات من القران الكريم. ويقع المقام على مسافة قصيرة جنوب النهر على ربوة مرتفعة او بالأحرى تل مرتفع اعلى من كل المناطق المحيطة به بحيث يمكن للمشاهد الواقف عليه ان يرى مدينة القدس وجبالها خصوصا وقت العصر عند انعكاس أشعة الشمس. هذا وتوجد كثير من القبور على سفوح التل وبجوار المقام. ونظرا لارتفاعه فقد اقام عليه الانجليز نقطة مراقبة خلال الحرب العالمية الثانية للإفادة عن طيران وبوارج الألمان. وقد تم تعيين شرطة هذه النقطة من افراد العائلة بعد ان تم تدريبهم وهم حمد سليمان ومسلم سلمان وسويرح سليمان وعبد الحميد سليمان وسياح سليمان وحميدان حماد وعبد الرحمن الخطيب وعبد الحميدابو صقر وكانوا تحت إمرة حمد سليمان. وقد انتهى العمل بهذه النقطة بنهاية الحرب.
٤- (تل الاخيضر): هو. تل صغير يقع على الجانب الأيمن من النهر ولا يبعد عنه باكثر من ٨٠ مترا كما انه لا يبعد عن المصب او المفجر باكثر من ميل. وقد لوحظ ان تربة هذا التل مختلفة عن تربة المنطقة المتواجد بها وكانها تربة منقولة. وقد علمت ان اليهود قد قاموا بأعمال التنقيب فيه للكشف عن اثار ولا اعرف ما اذا كانوا قد وجدواشيئا فيما عدا بعض القبور.
(عرب سكرير): هم البدو الذين كانوا يقطنون سكرير منذ القدم وهم من بدو الملالحة والسواركة والرميلات وغيرهم الا ان غالبيتهم العظمى من الملالحة. ويذكر ان عرب سكرير اصبح اسمهم فيما بعد عرب ابو سويرح بعد ان استوطنت عائلة ابو سويرح سكرير وامتلكتها كما سنبين ذلك لاحقا. المهم هنا ان هذين الاسمين وهما عرب سكرير وعرب ابو سويرح اصبحا بمعنى واحد كما سبق واشرنا الى ذلك. والحقيقة ان عائلة ابو سويرح لا تنفرد بذلك وانما هناك أمثلة اخرى مثل عرب ابو كشك فلا يقصد بهم ال ابو كشك وانما هم البدو او غيرهم الذين يعيشون في أراضى ابو كشك. وقس على ذلك حالات اخرى كثيرة مشابهة. ولذا، يتعين على ابناء عائلة ابو سويرح الا يقولوا عن انفسهم نحن من عرب سكرير او من عرب ابو سويرح بل يقولوا نحن من سكرير ونحن من السوارحة ونحن من ابو سويرح. ان الأخطاء الشائعة التى يتلفظ بها بعض ابناء العائلة دون ان يفقهوا معناها يجب ان تتوقف حتى لا يقلدهم أبناؤهم ويستمرون فى هذه الأخطاء.
(قرية سكرير): بناها أفراد عائلة ابو سويرح، بعد ان كثر عددهم، ومعهم بعض العائلات الاخرى الذين يرتبطون معهم بعلاقات المصاهرة على وجه الخصوص كعائلة الخطيب وابو حزين وابو صقر وابو خالد والحطيبى وابو حلوة وابو ربيع وابو عطا بالاضافة الى بعض العائلات الاخرى. وقد بلغ عدد أفراد عائلة ابو سويرح فى عام ١٩٤٨ اى عام الهجرة حوالى ٢١٥ فردا موزعين على نحو ٣٧ اسرة تقريبا. كما بلغ عدد الأسر من العائلات الاخرى حوالى ٢٠ اسرة. ومما يذكر ان معظم هذه الأسر تعيش فى منازل من الحجر بينما البعض الاخر يعيش فى بيوت من الشعر، كما توجد بيوت من اللبن تسمى بوايك لإيواء الحيوانات والحبوب.
هذا ولم تكن هناك مدرسة بالقرية وانما كان بها كتاب يتعلم فيه الأولاد مبادئ القراءة والكتابة والحساب وحفظ القران، وذلك منذ عشرينات القرن الماضي على يد الشيخ ابراهيم الهنداوى من قرية بشيت. وقد تتلمذ على يدى الشيخ الهنداوى كل من عبد المالك سلمان وابراهيم سالم وحمد سليمان واحمد الشايب واحمد سلام وراجح ومصلح سالم وفريح وابو الشيخ واحمد سليمان وغيرهم من الأجيال التى جاءت بعدهم. ومما يذكر انه تناوب على كتاب القرية منذ الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي عدد من الأساتذة وهم عطية تمراز من قرية اسدود وحماد الهمص من قرية يبنا وعبد السلام وخلف الله من المصريين.
وبما اننا تطرقناالى ذكر كتاب القرية فانني اود الاشارة الى اننى كنت اول تلميذ يخرج من كتاب القرية ويلتحق بمدرسة حكومية هى مدرسة يبنا وذلك فى سبتمبر ١٩٤٥ وقد لحق بى بعد شهر تقريبا صبرى سلامه. وبعد عام لحق بنا جلال حماد ومفلح فريح ومحمد خالد وحسن عواد ونزار عبد الله وكان معنا رضوان فايز ابن ناظر محطة سكرير. وفى العام الدراسى ١٩٤٨/١٩٤٧ التحقت أنا وصبري بمدرسة المجدل نظرا لهدم اليهود للقرية واضطرار الأهل للسكن فى المجدل وقد أنهينا الصف الخامس الابتدائي فى اول مايو عام ١٩٤٨.
وبما اننا نتحدث عن قرية سكرير، لا بد من الاشارة الى انه قد تم تاسيس نادي لشباب القرية، وكان مقره بصفة مؤقته فى دار احمد سليمان، وذلك عام ١٩٤٧ على ما اذكر اذ اننى كنت أنا وصبرى من اصغر الاعضاء المشتركين فيه حيث تم قبولنا فى عضوية النادى بصفة استثنائية. ولقد كان هناك نظام اساسي مطبوع للنادي موزع على الاعضاء مبين فيه اسماء المؤسسين والأغراض التى أسس من اجلها، كما انني اذكر ان الدعوات بحضور الاجتماعات كانت تصل إلينا مطبوعه وكان الذى يوزعها احمد سلامه.
(ابو سويرح): هم من نسل سياح جدهم الاول الذى انجب " سويرح " وكني به فاصبح اسمه سياح ابو سويرح ومن هنا جاء اسم العائلة. وبالنظر الى ان سياح لم يكن ينتسب الى اى قبيلة، كما سنبين ذلك فيما بعد، فانه ليس من الصحيح ان يطلق بعض ابناء العائلة على انفسهم اسم " العشيرة " اذ انه من المعلوم ان العشيرة هى فخذ من القبيلة ولا يمكن ان تكون هناك عشيرة دون الانتماء الى قبيلة. فعائلات مثل ابو سليم والشوا، على سبيل المثال، لا يقال عنهم عشيرة ابو سليم او عشيرة الشوا لانهم ليسوا أفخاذا من قبائل او بعبارة اخرى لا ينتمون الى اى قبائل وهذا هو الحال بالنسبة الى عائلة ابو سويرح فانهم لا ينتمون الي اي قبيلة. اما ابو زايد، مثلا، يطلق عليهم عشيرة الزوايدة لانهم ينتمون الى قبيلة النصيرات وهكذا لا داعى لضرب المزيد من الأمثلة للتأكيد على هذا الامر. ولذا فان على الجيل المعاصر والأجيال القادمة من ابناء العائلة ان يضعوا ذلك فى اعتبارهم ولا يكتبوا فى مقالاتهم على الانترنت وغيره عشيرة ابو سويرح وانما يكتبون عائلة ابو سويرح او ال ابو سويرح او ال سويرح او السوارحة والكتابات الموجودة حاليا باسم العشيرة يجب ان يتم تصحيحها او حذفها اذا كان ذلك ممكنا.
وبعد تبيان ما سبق سوف أتطرق فيما يلى لكتابة تاريخ عائلة ابو سويرح. وقصدي من ذلك هو حفظ هذا التاريخ للأجيال المعاصرة والأجيال القادمة ليعرف ال ابو سويرح اصلهم وفصلهم وما قام به آباؤهم وآجدادهم. كما اننى اقصد من كتابة تاريخ العائلة هو حفظه من ان يعبث به أحد، سواء من ابناء العائلة او غيرها، فيقتطع منه أمورا او يضيف اليه أمورا سواء عن قصد ام عن جهل.ومن المعلوم ان كتابة تاريخ العائلات انما يتناول تسلسل النسب بالاضافة الى وضع إضاءات على الاشخاص الذين كان لهم دور بارز فى تاريخ العائلة، وكذلك وضع اضاءات علي الاحداث والمتغيرات الهامة التي مرت بها العائلة، وهو الامر الذى سوف أتناوله فى هذا المقال.
من المعلوم لكل فرد من افراد عائلة ابو سويرح ان جدهم الاول المعروف يقينا هو سياح وان ال ابو سويرح هم من نسله. وبالرجوع الي تسلسل الاباء والاجداد يمكن القول ان سياح قد ولد في بداية القرن الثامن عشر، اى حوالى عام ١٧٠٥ او بعد ذلك بقليل، وعاش مع عرب سكرير من الملالحة على وجه الخصوص اذ كانوا هم الغالبية العظمى من سكان سكرير وكان ذلك حوالى عام ١٧٤٥ يزيد او ينقص خمس سنوات تقريبا. هذا ولم يعرف عن سياح من اين جاء على وجه التحديد فمن قائل انه جاء من قبرص الى قرية يبنا (وهو القول الأشهر) حيث كان على معرفة بالمختار اذ سبق وان قدم خدمة له فى قبرص الا ان المختار وحرصا على سلامته وخوفا علي حياته قد وجهه ليعيش مع جيرانه عرب سكرير وقيل انه كان يراعيه طيلة حياته، ومنهم من قال جاء من مصر ومنهم من قال جاء من فلسطين ومنهم من قال جاء من الأردن. كما لم يعرف احد اسم ابيه ولا اسم عائلته اذ لم يخبر هو عن اى شئ من ذلك واكتفى بالقول ان اسمه سياح (صيغة مبالغة من سائح بما يشير الي انه لم يكن يرغب حتي في ذكر اسمه الحقيقي)، وهذا ولا شك ينطوي على سر خطير كان يخشى من البوح به على حياته وعلى حياة ابنائه من بعده. وكل من نسب سياح الي اي عشيرة او قبيلة انما هو محض افتراء لا اساس له من الصحة كما سنبين ذلك بشئ من التفصيل فيما بعد. ولقد عمل سياح فى تربية الأبقار كمورد رزق له كما كان يعمل اهل سكرير في ذلك الوقت نظرا لتوفر المراعى الخضراء على ضفاف النهر خاصة وفى ارض سكرير عامة.
ولقد تزوج سياح من الملالحة وانجب ابنا اسمه سويرح وكنى به فاصبح اسمه سياح ابو سويرح ومن هنا جاء اسم العائلة كما سبقت الاشارة الى ذلك. وقد اخبرت زوجة سياح عن زوجها بانه مسيحي وليس معروفا ان كان هو قد اخبرها بذلك ام هى استدلت على ذلك من صفاته وأفعاله وان كان الاحتمال الاخير هو الأرجح اذ انها اخبرت اهلها عنه غداة زواجها منه.
وهكذا حدثنا آباؤنا نقلا عن آبائهم بان الجد الاول سياح مسيحي واسلم. ولا يمكن ان يحدث هذا التواتر فى نقل الحديث من الاب الى الابن دون ان يكون اساسه صحيحا. ومما يعزز ذلك ما قاله " ابو عون " من قرية يبنا، وقد عاش ١٣٠ عاما، بان جد السوارحه مسيحي وان ذلك مذكور فى كتاب لديه لمن يريد الاطلاع على ذلك، وقد ذكر هذا القول الى المختار محمد سلامه ابو الشيخ الذى بدوره قد رواه لى شخصيا. وفي هذا الصدد، اود الاشارة الي انني قابلت شخصيا احد الاشخاص من عائلة المهر في اوائل السبعينيات من القرن الماضي وذكر لي انه سمع من والده نقلا عن أجداده انهم كانوا يسكنون سكرير قديما وان ما يسمي بيارة عرفة كانت ملكا لهم ولقد جاء جد السوارحة ليسكن معهم وتزوج من عشيرتهم وقد اخبرت عنه زوجته انه مسيحي، وقد تمكن حفيده بما أوتي من صفات ومواهب من امتلاك سكرير بعد ذلك. ويتبين من كل هذه الدلائل والقرائن بما لا يدع مجالا للشك ان جد السوارحة مسيحي واسلم والقول بخلاف ذلك هو بعيد عن الحقيقة.
ونستمر في تسلسل النسب من سياح فنقول ان ابنه سويرح قد تزوج من الملالحة أيضاً وانجب ابنا اسمه محمد، وهكذا نرى الاب والابن قد تزوجا من الملالحة وبعض الأحفاد فيما بعد قد تزوجوا من الملالحة أيضاً مما يدل على اكثر من علاقة نسب ومصاهرة جمعت بين ال ابو سويرح والملالحة قديما، الامر الذى جعل بعض الناس يعتقدون ان العلاقة هى علاقة انتماء وليست علاقة مصاهرة لا سيما وقد انقضت مدة طويلة على الاب والابن والحفيد وهم يعيشون مع اصهارهم مما أعطى الانطباع الخاطئ ان ال ابو سويرح ينتمون الي قبيلة الملالحة. وقد زاد هذا الانطباع، بعد ذلك، عندما اصبح سلامه ابو سويرح مختارا على عرب سكرير وهم فى غالبيتهم العظمى من الملالحة فاعتقد الناس ان مختار اى جماعة لا بد وان ينتمي اليها. وهذا ما ذهب اليه عارف العارف فى كتابه عن انساب اهل فلسطين حيث ذكر ان ال ابو سويرح ينتمون الى الملالحة وقد نقل عنه هذا الخطأ كل من الخالدي والدباغ وغيرهم من الكتاب الذين ذكروا ذلك فى كتبهم وفى موسوعاتهم الفلسطينية التى تتحدث عن انساب اهل فلسطين. وهذا الاعتقاد الخاطئ شجع عليه ال ابو سويرح انفسهم اذ كانوا ولا زالوا لا يفصحون عن نسبهم الحقيقى بل ان البعض منهم زعم ان سياح جاء من اليمن او جاء من السعودية او جاء من الأردن ويتحاشون ذكر اصلهم المسيحي.
وتجدر الاشارة هنا الي ان قبيلة الملالحة من القبائل العربية التى ترجع أصولها الى قبائل اليمن القحطانية والتى يعتبر الانتماء اليها شرف لما تتميز به هذه القبيلة من الطيبة والتدين ومكارم الاخلاق، الا ان ال ابو سويرح لا يرغبون فى تزييف اصلهم والادعاء بشرف ليس لهم اذ انهم ليسوا من الملالحة انتماء وان كانوا نسبا وصهرا. وتجدر الاشارة هنا أيضاً الى ان عائلة ابو سويرح قد ارتبطت بعلاقات مصاهرة ونسب مع عائلات اخرى كثيرة منذ القدم. فصاهرت من البدو بالاضافة الى الملالحة كل من التياها والحناجره ومن القرى حمامه واسدود ويبنا ومن المدن غزة والمجدل ويافا وعكا والرملة والقدس وصفد.. وهذه على سبيل المثال لا الحصر. وبعد الهجرة عام ١٩٤٨، ازدادت علاقات النسب والمصاهرة مع الكثير من اهل القري والمدن الفلسطينية زيادة كبيرة، وذلك فضلا عن حالات الزواج من البلاد العربية والاجنبية.
ونعود بعد هذه المداخلة التى لا بد منها الى تسلسل نسب العائلة فنقول ان اول جد لعائلة ابو سويرح معروف قبره على وجه الدقة هو محمد الاول ابن سويرح حيث هو مدفون على مسافة ثمان خطوات جنوب مقام النبي يونس عليه السلام. اما أبواه سويرح وسياح فلا أحد يعرف مكان قبريهما على وجه التحديد. ولذا يعتبر محمد الاول المدفون بجوار مقام النبى يونس هو الجد الجامع لعائلة ابو سويرح وكافة افراد العائلة يعودون اليه. وقد انجب محمد الاول ثلاثة ابناء هم سلامه الاول وحسن وحسين. ولسوف نتناول نسل كل منهم على الترتيب:
اولا - سلامه الاول
يعتبر سلامه الاول اهم شخصيات العائلة حيث هو الباني والرافع لاسمها فى أرجاء المنطقة كلها واشتهر بالكرم والشهامة والشجاعة. واهم اعماله ما يلى:
١- اصبح مختارا على عرب سكرير والسبب انه اكرم وفدا من المخاتير من منطقة غزة كانوا متوجهين الى يافا لمقابلة الوالي ابو نبوت فذكروا له كرم وشهامة سلامة ابو سويرح فقال الوالي عندي مسموعات طيبة عنه واصدر أمرا بتعيينه مختارا على سكرير.
٢- انتشرت امراض الملاريا على وجه الخصوص فى ذلك الوقت ومات بعض الناس وكان انتاج الارض لا يغطي الضريبة المقررة عليها، الامر الذي جعل معظم السكان يهجرون المنطقة ويتجهون الى بصة الفالق ووادى الحوارث حيث المراعي الجيدة بالنسبة الى ماشيتهم والباقي اتجهوا الى منطقة الهيش فى شمال غرب سكرير على الحدود مع يبنا ليبتعدوا عن النهر وما فيه من ملاريا.
٣- طمع اهل القرى المجاورة فى اراضي سكرير حيث استكثروها على سلامه ابو سويرح وقاموا بالاستيلاء على اجزاء كبيرة منها خصوصا اهل اسدود.
٤- توجه سلامه الاول الى والي الشام فى بيروت ليعرض مظلمته لانه خشي من والي يافا ان لا يوفيه حقه. وحصل من والي الشام على امر الى والي يافا بمساعدته وحل مشكلته حيث قام الاخير برسم الحدود بينه وبين جيرانه خصوصا اهل اسدود. وهكذا امتلك سلامه ابو سويرح كامل منطقة سكرير بحدودها المعروفة بصفة رسمية.
٥- شاهد تاجرا للرقيق يعامل أحدهم معاملة قاسية، وكان إسمه مبارك، فاشتراه منه وأعتقه الا ان مبارك تمسك به ورفض ان يفارقه، فاخذه معه وعاش فى بيته وقام بتزويجه فانجب مبارك ولدين هما سالم وسليمان. اما سالم فانجب مبارك وعايش واما سليمان فانجب حمود وحماد. وكل ال مبارك المتواجدين الان فى مناطق طولكرم ونابلس والأردن هم من نسل هؤلاء الاربعة.
٦- اشتري جزءا من مقبرة النبى صالح بالرملة ليدفن فيها هو وأولاده من بعده، وبالفعل قد دفن فيها هو وأولاده وكافة ال ابو سويرح الذين توفوا قبل الهجرة. ويقع هذا الجزء فى اخر المقبرة من ناحية الجنوب .
وبالنظر الى انه لا توجد مصادر دقيقة عن تواريخ مواليد ووفيات الأقدمين الا انه بناء على معطيات وشواهد معينة يمكن تقدير ان ميلاد سلامه الاول كان فى العقد الاول من القرن التاسع عشر، اى حوالى عام ١٨٠٥ يزيد او ينقص خمس سنوات، وان وفاته كانت فى سبعينيات القرن نفسه. وقد انجب سلامه الاول ولدين هما: محمد واحمد.
بالنسبة الى محمد فقد ولد فى الثلاثينيات من القرن التاسع عشر، اى حوالى عام ١٨٣٠، وتوفى فى التسعينات من القرن نفسه، اى حوالى عام ١٨٩٥. وقد امتلك سكرير بعد وفاة ابيه وكان كبير العائلة والمختار فى الوقت نفسه. وقد انجب اربعة اولاد هم:
١- مفلح وكان المختار بعد وفاة ابيه وان كان كبير العائلة عمه احمد. وكان مفلح مجاملا ومحبوبا من قبل الناس والسلطات الحكومية سواء التركية او الانجليزية التى جاءت بعد ذلك. وكان بلباقته يحل قضية كل من يلجا اليه لدى هذه السلطات. وقد توفى عام ١٩٢٨ وانجب ولدين هما: حمود وفريح.
٢- سلامه وقد ولد عام ١٨٧٨ تقريبا اذ انه هو وابن عمه سلامه احمد ولدا فى نفس العام تقريبا وذلك بعد وفاة جدهما سلامه اذ جرت العاده ان لا يسمى الابن الا بعد وفاة الوالد. وقد عاش سلامه فى بيت عمه احمد لانه قد تزوج امه وانتقل ليعيش معها حيث كان صغيرا. وقد اطلق عليه ابناء عمه لقب ابو الشيخ للتفرقة بينه وبين أخيهم سلامه. وقد انتقل هذا اللقب الى ابنه محمد بعد وفاته . وقد انجب سلامه ولدين هما: محمد ابو الشيخ وصبرى.
٣ - فرحان وقد مات دون ان ينجب أولادا فانقطع نسله من الذكور.
٤ - فلاح وقد حكمت عليه العائلة بالنفي والطرد من سكرير لانه قتل ابن عمه. وقد شوهد فى جنوب سيناء ومات دون ان يتزوج فانقطع نسله.
بالنسبة الى احمد وهو الابن الثاني لسلامه الاول فقد ولد فى أربعينيات القرن التاسع عشر، اى حوالى عام ١٨٤٠، وتوفى فى العقد الثانى من القرن العشرين وبالتحديد فى عام ١٩١٥. وهو اصغر من اخيه محمد بما يقارب عشر سنوا ت وهما ليسا اشقاء اذ ان كلا منهما من ام. وقد امتلك احمد سكرير بعد وفاة اخيه محمد اذ كان هو كبير العائلة كما سلف ذكره. وقد انجب تسعة اولاد هم:
١- سلمان وقد ولد عام ١٨٧٤ وتوفى شابا فى عام ١٩١١. وقد انجب ثلاثة اولاد هم: كايد وعبد المالك ومسلم. ولقد قام عبد المالك بإنقاذ قائد سلاح الجو المصرى صدقى محمود والذين معه عندما سقطت طائرتهم على شاطئ بحر سكرير.
٢- سليمان وقد ولد عام ١٨٧٦ وهو من اشهر شخصيات العائلة وامتلك سكرير بعد وفاة والده بل ربما فى حياته اذ كان هو الذى يدير كافة شؤون العائلة فى حياة والده ويغطي كامل ما يحتاجون اليه. وقد كان هو ومفلح يمثلان ثنائي حقق للعائلة سمعة طيبة فى كل المجالات وقد كان عصرهما بحق يعتبر العصر الذهبى للعائلة. وقد توفى سليمان فى عام ١٩٢٦ حينما كان اخيه سالم ما زال فى السجن اذ حكم عليه ثلاث سنوات كما قد حكم على اخيه سلامه سنة واحدة نتيجة " طوشه " مع آلمنايعه بسبب النزاع على امتلاك الارض. وقد انجب سليمان تسعة اولاد هم: محمد وحماد وعبد الله وحمد واحمد وعبد الحميد وسويرح وسياح وكامل. ويعتبر الابن الاكبر لسليمان وهو محمد او الحاج محمد من الشخصيات البارزة فى العائلة وكان متقارب فى العمر مع أعمامه اذ انه ولد فى شهر اكتوبر من عام ١٨٩٦ وهو بذلك اصغر من عمه سالم بعشر سنوات واصغر من عمه سلام بأربع سنوات وله مواقف مشهودة فى الكثير من الاحداث التى مرت بها العائلة. وقد توفى فى يناير ١٩٧٣.
٣- سلامه وقد ولد عام ١٨٧٨واصبح كبير العائلة والمختار بعد وفاة سليمان ومفلح. وقد جرى تقسيم اراضي سكرير على افراد العائلة فى عهده وذلك فى عام ١٩٣٣. ولم يتم التقسيم على الذكور والإناث بحسب الشريعة الاسلامية وانما تم على خلاف ذلك بحيث استفاد عدد قليل جداً من افراد العائلة على حساب بقية افراد العائلة. وقد انجب سلامه خمسة اولاد هم: محمد وراجح وفايز وفوزى واحمد.
٤- سالم وقد ولد عام ١٨٨٦ واصبح كبير العائلة والمختار بعد وفاة اخيه سلامه. وقد حدث خلاف بينه وبين ابن اخيه الحاج محمد وذلك فى منتصف الأربعينات تقريبا توسط القائممقام عبد الرزاق قليبو لإنهاء هذا الخلاف الا ان المختار سالم رفض الاستمرار فى المخترة بل انه اخرج الختم من جيبه وقذف به مدللا على عدم رغبته فى المخترة، ورفض الحاج محمد بدوره ان يكون مختارا، فطلب منهما القائممقام ان يتراضيا على اختيار شخص من العائلة ليكون المختار فوافقا على اختيار ابن اختهما محمد سلامه ابو الشيخ، بصفته كان محايدا ويقف علي مسافة واحدة من اخواله، وكان فى العشرينات من عمره. وقد كنت شاهدا على ذلك لانه حدث فى دارنا. وقد توفى سالم فى سبتمبر ١٩٥١ وانجب سبعة اولاد هم:ابراهيم ومصلح وبرجس وعادل وعزات وغالب ونايف.
٥- سلام وقد ولد عام ١٨٩٢ وتوفى عام ١٩٦١. وقد انجب عشرة اولاد هم: احمد ومحمد واسماعيل وسليمان وعلي ومحمدعيد وحماد ويونس ومحمود وحمدي.
٦- محاميد وقد انجب ثلاثة اولاد هم: مفلح وسامي وسلامه.
٧- عبد الرحمن وقد انجب ولدا واحدا اسمه نايف.
٨- حماد وقد انجب ثلاثة اولاد هم: حميدان واحمد ووصفي.
٩- احمدالشايب وقد انجب ولدين هما: عادل وعزات.
ثانيا - حسن
انجب حسن ثلاثة اولاد هم: مسلم وابراهيم وعبد الله.
١- مسلم انجب عارف الذى انجب مسلم الذى قتله اليهود فى الخمسينات فانقطع نسله.
٢- ابراهيم انجب سويرح الذى انجب سلامه الذى توفى دون ان ينجب أولادا فانقطع نسله.
٣- عبد الله انجب عواد الذى انجب ولدين هما: عبد الله وابراهيم.
ثالثا - حسين
انجب حسين ولدا واحدا اسمه مصلح.
انجب مصلح ولدين هما: حسين وصالح
١- انجب حسين بن مصلح ولدا واحدا اسمه علي.
٢- انجب صالح بن مصلح ولدين هما: مصلح واسماعيل.
وهكذا تطرقنا فيما سبق الى تاريخ عائلة ابو سويرح ابتداء من الجد الاول سياح نزولا بتسلسل النسب الى ان وصلنا الى احفاد ال محمد بن سلامه وال احمد بن سلامه وال عبد الله بن حسن وال مصلح بن حسين حيث هؤلاء الاربعة يمثلون أفخاذ العائلة وجميع أحفادهم كانوا احياء وقت الهجرة عام ١٩٤٨. فكل فرد من العائلة فى الوقت الحاضر او المستقبل انما ينتمي الى أحد احفاد هؤلاء الأفخاذ. ولقد قمنا بعمل إضاءات على بعض الاشخاص واهم الاحداث.
زويلاحظ مما سبق ان احفاد ال احمد هم ثلاث وأربعون وو احفاد ال محمد هم اربعة واحفاد ال عبد الله(العواودة) هما اثنان واحفاد ال مصلح(الصوالحة) هم ثلاثة، وبذلك يكون المجموع اثنان وخمسون حفيدا، وكل شخص من العائلة انما ينتمي الى أحد هؤلاء الأحفاد ويمكنه ان يصعد فى نسبه الى ان يصل الى سياح ابو سويرح. ويلاحظ ان ال احمد يمثلون الغالبية العظمي من عائلة ابو سويرح او ما نسبته حوالي ثمانون بالمائة من اجمالي افراد العائلة.
ولسوف نتطرق فيما يلي الي اهم الاحداث التي مرت بها العائلة منذ معركة سكرير وتدمير القرية والهجرة وما بعدها. ففي اليوم التاسع من شهر يناير ١٩٤٨ جاءت مجموعة يهودية مسلحة ببعض القنابل اليدوية والمسدسات من مستعمرة جان يبنا (شرق سكرير) متجهة غربا باتجاه اراضي سكرير، ربما كان قصدهم استطلاع المنطقة ومعرفة طوبغرافية الارض على الطبيعة تمهيدا لقيامهم بعمليات فيها بعد ذلك، فقطعوا خط السكة الحديد ودخلوا احدى البيارات فقابلهم شحادة الصياح وكان ناطورا على البيارة وتصادف وجود عبد المالك ابو سويرح فى نفس المكان فأطلقا عليهم النار فسقط عدد منهم وقذف احدهم بقنبلة باتجاه عبد المالك فاصطدمت بشجرة ورجعت عليهم. فقتل من قتل وهرب الباقى فاتجه بعضهم غربا يركضون فى منطقة خلاء فلاحظهم بعض المسلحين الذين خرجوا من دورهم على الفور فاطلقوا عليهم النار وقتلوهم. وقد بلغ عدد القتلى اليهود احد عشر قتيلا وفى قول اخر اكثر من ذلك ولست متأكدا من صحة الرقم الا انه من ضمنهم أسير قتله احد الاشخاص من غير عائلة ابو سويرح. وانتشر الخبر بسرعة بين القرى المجاورة فجاءت النجدات من اسدود اولا ثم من يبنا. وفى نفس اليوم ومع العصر تقريبا جاءت قوة انجليزية لأخذ القتلى اليهود. واعتقد المقاتلون برؤيتهم للقوة الانجليزية القادمة انهم من اليهود وانهم جاءوا للانتقام والثأر لقتلاهم فاطلقوا عليهم النار وابتدأت بذلك معركة سكرير الحقيقية حيث اختبأ الانجليز فى محجار فى بيارة عرفه وجرى تبادل اطلاق النيران الى حلول الليل فانسحبوا فى الظلام وارسلوا احد الاشخاص لابلاغ السوارحة بحقيقة الامر وانهم سيأتون فى الغداة لأخذ القتلى اليهود ولقد تم لهم ذلك. وانتشر خبر المعركة فى المنطقة بل وفى فلسطين بأكملها لان العدد الذى قتل من اليهود كان كبير نسبيا فى ذلك الوقت.
وجاءت الاخبار من اكثر من مصدر بان اليهود سوف يهاجمون قرية سكرير ويبيدون سكانها ويدمرونها تدميرا تاما. فتم الاحتياط للأمر اذ لا يمكن لبضعة عشر مسلحا ان يقف فى وجه قوة إرهابية غاشمة مدججة بأحدث الاسلحة تنوى الهجوم عليهم، فتم إخلاء القرية وأخذ الناس حوائجهم واتجهوا للسكن فى الغرب فى منطقة آمنة، الا انهم كانوا يتواجدون فى النهار للتمويه وإظهار ان القرية غير مهجورة. وفى نهاية شهر يناير اى بعد اكثر من أسبوعين هاجم اليهود القرية فى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ولم يجدوا أحدا فأخذوا ينسفون المنازل فتقدم لهم عدد من المقاتلين المتواجدين فى حينه يقودهم حمد سليمان يرمونهم بالنار من اكثر من اتجاه ولم يمكنوهم من نسف كامل منازل القرية واضطروهم الى الانسحاب قبل إتمام مهمتهم. وفى اليوم التالى جاء مراسلو الصحف من يافا وقابلوا حمد سليمان وعملوا تحقيقات صحفية معه نشرت فى حينها.
وبذلك تكون قرية سكرير من اوائل القرى الفلسطينية التي قام الصهاينة بتدميرها اثناء وجود الانتداب البريطاني علي فلسطين، كما تعتبر عائلة ابو سويرح من اوائل العائلات الفلسطينية التي عانت من جراء ذلك. وبعد نسف منازل القرية في اخر يناير ١٩٤٨، سكن معظم ال ابو سويرح في اسدود وبعضهم في المجدل بينما بقي جزء منهم في سكرير، ثم عاد الذين تركوا سكرير اليها بالتدريج في شهري مارس وابريل ليسكنوا جميعا فيها.
في تلك الفترة وكلما اقترب موعد جلاء الانجليز عن فلسطين الذي كان مقررا له منتصف شهر مايو ١٩٤٨ كلما ازداد هجوم الصهاينة بكثافة علي القري والمدن الفلسطينية بقصد تفريغها من سكانها واحتلالها. وارتقب الناس دخول القوات العربية التي وعدت بتحرير فلسطين فور جلاء الانجليز عنها. ومنذ اول مايو كثف الصهاينة هجومهم علي كافة مناطق فلسطين بقصد إجلاء الناس عن مناطقهم، وحدثت بجوار قرية سكرير معركة بشيت ومعركة بيت دراس حيث اشترك مقاتلو السوارحة في هاتين المعركتين وكانت نتائجهما ان اضطر سكان القري المجاورة لهاتين القريتين الي النزوح قبل ثلاثة أيام فقط من موعد دخول القوات العربية، خشية الهجوم عليهم من قبل الصهاينة وان يحصل لهم ما حصل للقري التي هوجمت من قبل، بالاضافة الي اعتقادهم ان نزوحهم سيكون مؤقتا وما هي الا أيام معدودات حتي يعودوا الي ديارهم مع دخول القوات العربية. وهكذا حدثت هجرة السوارحة، مع الآلاف من النازحين من القري المجاورة مثل بشيت ويبنا وقطرة والمغار وعاقر وزرنوقة والقبيبة وبرقة والبطاني وهذه القري علي سبيل المثال لا الحصر، ليستقر المقام بالسوارحة عند الشيخ عوض وقرية الجورة وذلك في الثاني عشر من شهر مايو ١٩٤٨.
وفي صبيحة اليوم المقرر الموعود وهو الخامس عشر من شهر مايو، دخلت القوات العربية فلسطين لتحريرها، وتقدمت القوات المصرية علي خط غزة - يافا الي ان وصلت بعد عدة أيام الي قرية اسدود. في هذه الأثناء، ذهب عدد من شباب العائلة الي سكرير لاستكشاف المنطقة فلم يجدوا أحدا من اليهود بها، وأخبروا المصريين المتواجدين في اسدود آنذاك وطلبوا منهم التقدم الي الشمال حتي حدود نهر سكرير علي الاقل الا ان المصريين لم يستجيبوا لذلك. فبنى الشباب لهم عزبة او مخيم علي المرتفعات جنوب مقام النبي يونس والمطلة علي مصب النهر وأقاموا فيها يجمعون المحاصيل الزراعية المتوفرة آنذاك والتحق بهم كافة الاشخاص القادرين علي العمل وبعض النساء أيضاً. وذات يوم جاء اليهود الى مصب النهر ورأوا العزبة فاطلقوا النار عليها وجرى تبادل اطلاق النيران بينهم وبين بعض المسلحين المتواجدين فى حينه وأصيب مسلم سلمان خلال ذلك ونقل الى مستشفى المجدل حيث اسلم الروح وكان بذلك اول شهداء العائلة.
وفى خريف عام ١٩٤٨ قرر المصريون الانسحاب الى ما يعرف الان بقطاع غزة وأشيع هذا الخبر بين الناس فتفاجئوا وذعروا فكان النزوح الكبير الى قطاع غزة وهاجر السوارحة أسوة بالناس هجرتهم الثانية من الشيخ عوض والجورة الى رفح اولا ثم استقر بهم المقام أخيرا فى النصيرات فى ارض الخوالدة حيث كانت تربطهم بعائلة ابو خالد أواصر صداقة قديمة وكان ذلك فى صيف عام ١٩٤٩. وقبل ذلك بقليل ظهرت الاونروا او وكالة الامم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وقامت بفتح العديدمن المدارس لابناء اللاجئين. وقد التحق بهذه المدارس جميع اولاد العائلة تحت سن الخامسة عشر، كل بحسب مستوى تعليمه السابق، كما ان جميع البنات دون سن الثامنة قد التحقن بمدارس البنات، الامر الذى يعتبر نقلة اجتماعية فى تاريخ العائلة ظهرت نتائجها المستقبلية فيما بعد عندما تخرج هؤلاء الطلاب والطالبات من الثانوية العامة والثانوية الزراعية ومعهد المعلمين العام وذلك فى اواخر الخمسينات فمنهم من توظف ومنهم من اكمل تعليمه الجامعي. واول طالب من العائلة انهى الثانوية العامة كان فى عام ١٩٥٤. واول فوج دخل الجامعة كان فى عام ١٩٦٠، وهو الامر الذى يعتبر نقلة اجتماعية اخري فى تاريخ العائلة. فالذين توظفوا سواء من خريجي الثانوية العامة وما يعادلها فى الخمسينات ام من خريجي الجامعة فى الستينات، سواء عملوا فى قطاع غزة ام الخارج، هم الجيل او الرعيل الاول الذى عمل على رفع مستوى عائلة ابو سويرح ماديا ومعنويا. ولا شك ان الأجيال التى جاءت بعد ذلك بما فيهم ابناء وبنات الرعيل الاول قد عززت وزادت فى البناء حيث تخرج الأبناء والبنات من الجامعاتالعربية والاو روبية والأمريكية من مختلف الكليات وعملوا فى شتى المجالات، وفقا لتخصصاتهم فى الطب والهندسة والاقتصاد والمحاسبة والإدارة والقانون وعلوم الكمبيوتر والتدريس والتمريض وغير ذلك. ويلاحظ ان البعض منهم قد تبوأ مناصب او مراكز مهمة، سواء فى قطاع غزة ام خارجه، مما جعل الناس يعرفون اسم العائلة ويقدرونها نتيجة تقديرهم لهؤلاء الابناء والبنات المتميزين فى اعمالهم.
ومما يجدر ذكره فى سياق الحديث عن الهجرة الاشارة الى ان جميع عائلة ابو سويرح قد هاجرت من سكرير الى قطاع غزة فيما عدا سويرح سليمان حيث كان متزوجا من عكا وكان يسكن ويعمل فيها وهاجر مع اهاليها الى لبنان ومنها الى سوريا حيث استقر به المقام نهائيا فى مخيم اليرموك بدمشق. ومما يذكر فى هذا السياق أيضاً ان بعض افراد العائلة قد خرجوا من قطاع غزة الى السعودية فى الخمسينات من القرن الماضى سواء كان للإقامة او التعاقد بالعمل فى مجال التدريس. واستمر خروج بعض افراد العائلة أيضاً فى عقد الستينات، خصوصا فى عام ١٩٦٧ وبعده، اذ توجه الكثير للأردن ومنه للخليج لا سيما الكويت والسعودية. وقد بلغ عدد الأسر التى كانت تعيش فى الكويت فى عقد الثمانينات ست عشرة اسرة. وعموما، يتواجد حاليا الكثير من افراد عائلة ابو سويرح فى دول الخليج العربى وتحديدا السعودية والكويت والامارات وغيرها من البلاد العربية كالاردن وسوريا ولبنان والجزائر، كما يتواجد عدد من الافراد مع اسرهم فى البلاد الاجنبية بحيث يمكن القول انه لا توجد قارة من قارات العالم الا وبها افراد من العائلة.
ومما يجدر ذكره أيضاً انه بالرغم من حداثة تاريخ عائلة ابو سويرح الا انها قد نمت وازدادت بشكل ملفت للنظر. فمن المعلوم ان مؤسس العائلة هو سلامه الاول الذى امتلك سكرير فى عام ١٨٤٠ تقريبا. وكان عدد افراد العائلة فى ذلك الوقت لا يزيد على عشرين فردا على اكثر تقدير. وفى عام ١٩٤٨، بلغ عدد افراد عائلة ابو سويرح ٢١٥ فردا، اى انهم ازدادوا فى غضون ١٠٨ اعوام باكثر من عشرة أضعاف. وبالنظر الى عدم توفر احصاء عن عدد افراد العائلة فى الوقت الحاضر الا انه يمكن القول ان العدد يزيد على ألفين مما يعنى انه فى خلال ٦٥ عاما قد ازدادوا حوالى عشرة أضعاف أيضاً. وقياسا على هذه الأرقام يمكن تقدير عدد افراد العائلة عام ٢٠٥٠ بانه سيكون كبيرا جداً ربما يصل الى اكثر من عشرة الاف مما يتطلب بالضرورة وجود بعض المرافق الهامة للعائلة غير المتوفرة حاليا مثل نادي رياضى ثقافى وديوان وجامع وصالة افراح ومخبز وغير ذلك من المرافق الضرورية، بالاضافة الى مساعدة الطلاب المتفوقين ان كانوا فى حاجة لمساعدة مادية، وذلك فضلا عن مساعدة الأسر المحتاجة، وهو الامر الذى يستدعي اخذ الحيطة وكامل الاستعداد له منذ الان. ولعل اولى واهم الخطوات الواجب اتخاذها فى هذا الصدد هى تكوين مجلس عائلى يجتمع دوريا او حين يستجد امر طارئ، ليبحث فى كيفية تطوير العائلة ويناقش كافة شؤونها ويتخذ بصددها القرارات المناسبة. ولعل اول واهم عمل يمكن للمجلس ان يقوم به هو تكليف لجنة من ابناء العائلة، من ذوى القدرة والكفاءة، سواء من اعضاء المجلس ام من غيرهم من ابناء العائلة للقيام بتاسيس صندوق تعاونى او جمعية خيرية تسمى " جمعية سكرير الخيرية " يفتح لها حساب مصرفى تتم تغذيته من التبرعات والزكوات واشتراكات شهرية او سنوية من الموظفين فى الداخل والخارج. وتضع اللجنة النظام الأساسى للجمعية مبينا فيه المجالات التى تصرف فيها أموال الجمعية والشروط اللازمة لذلك.
هذا هو تاريخ عائلة ابو سويرح باختصار شديد وتسلسل النسب فيها وتطرقنا الي الهجرة وما حصل بعدها وتناولنا فيها بإيجاز شديد جداً استشراف للمستقبل والتحوط له. وقصة الهجرة للعائلة لا تختلف فى سياقها العام عما حصل بالنسبة لمعظم العائلات الفلسطينية الاخرى. وقد انقضت مدة تزيد على ستين عاما على هذه الهجرة حتى الان فى حين كان الناس يعتقدون انها لن تزيد على أيام معدودات. ومعظم جيل الهجرة قد انتقل الى رحمة الله والأمل ان الجيل الجديد لا ينسى.
عميد العائلة:
سليمان محمد سليمان
يناير ٢٠١٢