رشاد أبو شاور.. رحيل رائد بارز في سرديات الالتزام وأدب المقاومة
الأديب الفلسطيني الراحل رشاد أبو شاور (الجزيرة)
د. محمد عبيد الله
28/9/2024
رحل رشاد أبو شاور الأديب الفلسطيني الكبير في العاصمة الأردنية عمّان، بعيدا عن قريته الأولى "ذكرين" في قضاء الخليل بفلسطين، التي ولد فيها عام 1942 وعاش حياته مهجرا عنها، باحثا عن الطريق إليها، ولم يكن أمامه منذ عرف طريقه إلى الكتابة غير مذهب "الالتزام" و"أدب المقاومة"، وكتاباته القصصية والروائية ومجمل حياته الثقافية والسياسية مثال عريض على الأخذ الصادق بمفهوم "الالتزام" بأبعاده المتكيفة مع التجربة الفلسطينية.
وقد اندفع أبو شاور إلى الكتابة بغزارة وقوة منذ نهاية ستينيات القرن العشرين، ولم يتوقف عن العطاء على مدار العقود التالية، حتى رحيله الأخير يوم 28 سبتمبر/أيلول 2024، وقد تنوعت كتاباته بين القصة القصيرة والرواية والمقالة والمسرحية فكتب للكبار وللأطفال كما كتب في الفكر والسياسة والثقافة قريبا من فلسطين مؤمنا بحريتها وتحريرها رغم كل الخيبات.
أما مجموعاته القصصية فأشهرها المجموعات الآتية: ذكرى الأيام الماضية/1970، بيت أخضر ذو سقف قرميدي/1974، الأشجار لا تنمو على الدفاتر/1975، مهر البراري/1977، بيتزا من أجل ذكرى مريم/1981، حكاية الناس والحجارة/1989، الضحك في آخر الليل/1990، الموت غناء/2003. وذلك إضافة إلى رواياته المعروفة مثل: أيام الحرب والموت/1973، والبكاء على صدر الحبيب/1974، والعشاق/1978، والرب لم يسترح في اليوم السابع/1986، وله كتاب: آه يا بيروت/1983 وهو يومياته في حصار بيروت عام 1982. ومن كتبه الأخيرة كتاب: هكذا واجهت كورونا يوميات وحكايات/2022.
ومعظم قصصه تتمركز في محور "المقاومة" والهموم الفلسطينية، ولو أردنا صورة فنية أو قصصية لتشكل العمل الفدائي ومعسكرات الفدائيين في الأردن ولبنان وسوريا لوجدناها في القصص الأولى لرشاد أبو شاور، وفي قصص عدد من معاصريه، وقد رسم في قصصه صورة أمينة لمعسكرات التدريب وعلاقات الفدائيين والمقاتلين وأحلامهم، وعملياتهم الفدائية، وأجواء القصف الذي كانوا يتعرضون له، والملابسات التي أحاطت بالعمل الفدائي. وعندما تقرأ مجموعته الأولى "ذكرى الأيام الماضية" تجده يسترجع أصداء حزيران ويراجع ما حدث، لكنه لا يبالغ في وصف الإحباط ولا يدعو إلى اليأس، وإنما تفرّ قصصه عموما من يأس الهزيمة إلى أمل المقاومة، ولذلك نجد في قصصه شخصيات تمثل الشباب المقاوم الذي يمثل مستقبل التحرير والفداء، وهم يندفعون بلا حصر للانضمام إلى فيالق الفدائيين ومعسكرات التدريب، يغادرون مدارسهم وأعمالهم وبيوتهم المؤقتة، لينتقلوا من خيمة اللجوء إلى خيمة الفدائي وقواعد الثورة، ولا تستوقفهم قلة السلاح أو عدم صلاحيته لخوض حرب مشرفة، لا يفكرون إلا في تحرير فلسطين وفدائها بأرواحهم، يقودهم في ذلك وجدانهم المقاوم وروحهم المندفعة المتفائلة.
شعر و"قصة تعبوية"
القصة القصيرة في مثل هذا الحال أقرب إلى القصة "التعبوية" التي تدعو للمقاومة، وترصد صورا صريحة من اشتباكات الفدائيين مع العدو إذ يعبرون النهر في الأغوار ويقاومون بأرواحهم، غالبا يستشهدون بكل رضا وبهجة كأن الموت أمر اعتيادي ومطلوب. القصة هنا تعتمد اعتمادا صريحا على مادة الواقع المقاوم، وتستخدم الأسماء والأماكن والأحداث بشكل يقترب أحيانا من التسجيلية أو السرد "الوثائقي".