الحاج لطفي الهمص.. سيرة جهادية عطرة اختتمت بوفاة في رمضان
ولد الحاج لطفي محمد محمود الهمص (أبو عدنان) في بلدة يبنا عام 1929 م، وتزوج قبل النكبة الفلسطينية عام 1948م بسنة، أنجب سبعا من الأولاد وخمسا من البنات.
توفي ثلاثة من أبنائه خلال حياته، حيث مات ابنه "زهير" الأول في مدينة المجدل أثناء الهجرة وتبعه بسنوات وفاة "رضوان" نتيجة إصابته بمرض الحمى الشوكية، أما ابنه "زهير" الثاني فاستشهد في الانتفاضة الأولى بعد مواجهات مع جيش الاحتلال في مخيم يبنا.
بدأ حياته الدراسية في يبنا قبل الهجرة فيما كان يعرف ب" كتاب تعليم القرآن " على أيدي الشيخ محمد رزق ثم الشيخ عبد الكريم أبو هاشم والشيخ محمد طافش وتعلم خلالها قرآة القرآن وكتابته، التحق بمدرسة ذكور يبنا عام 1936 م فمكث شهرا واحدا في الصف الأول ثم انتقل مباشرة للصف الثاني نظرا لمعرفته بالقراءة والكتابة وأنهى دراسة الابتدائية بتفوق فيها.
والتحق بقسم الكهرباء في الصناعة بعد الهجرة وتخرج منها عام 1958 م وتم تكريمه لحصوله على المرتبة الأولى على الصناعة. لم يكن قطاع غزة يعرف الكهرباء آنذاك فتوجه الحاج لطفي ليتعلم مهنة تصليح الساعات فأتقنها خلال 15 يوم وفتح محلا لتصليحها، سافر إلى قطر ومكث فيها 15 شهر يتنقل عاملا بين الحرف وعاد ليفتح مجددا محلا للساعات وسط السوق المركزي برفح و بقي فيه حتى كبر ومرض وتلسمه ابنه من بعده ليعمل فيه.
شارك الحاج لطفي في معركة التصدي للعدوان الصهيوني ومحاصرته لبلدة بشيت قبيل النكبة الفلسطينية. واستشهد في هذه المعارك ابن عمه وقاموا بدفنه في يبنا.
هجر قصرا عن أرضه مع آلاف المواطنين الفلسطينيين إلى أن استقر مع عائلته بتل زعرب في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وسكن في الخيام مدة سنتين قبل أن تبني وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الأنروا بيوت الكرميد للاجئين وسط المدينة وينتقل الحاج ليسكن مخيم يبنا للاجئين جنوبي رفح.
لم يكن في رفح آنذاك مساجد مخصصة للصلاة فكان الناس يصلون في منزل شرقي رفح وآخر غربيها، فقام اللاجئون وعلى رأسهم والد الحاج لطفي ببناء مسجد الهدى عام 1950 م وانتهوا من بنائه عام 1952 م فتم اختيار الحاج لطفي ليكون مؤذن المسجد فكان يستيقظ مبكرا قبل الفجر ليؤذن للفجر يوميا، وكان يتناوب على الإمامة كل من والد الحاج لطفي والشيخ أحمد حمد.
وعقب وفاة والده والشيخ عبد الله عوض الله عين الحاج لطفي إماما لمسجد الهدى عام 1984 م.
رعيل الإخوان الأول
كانت بداية التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين عام 1950 م حيث تأثر بخطبة لأحد مشايخ الإخوان جعلته يحترمهم وعندما أنشئت شعبة للإخوان المسلمين في سيناء عام 1952 م ذهب مع ابن عمه الشيخ سلامة الهمص وانضم إليها.
واستمر الحاج لطفي في جماعة الإخوان متعلما على أيدي مشايخهم أمثال الشيخ إسماعيل محمد حسين المصري والشيخ محمد الغزالي والشيخ الأباصيري والشيخ علي جعفر وذلك برفقة إخوان له من مشايخ رفح منهم من قضى نحبه ومنهم من ينظر من أمثال الشيخ محمد برهوم وأحمد حمد وموسى برهوم وعبد الله لافي ومحمود محسن ومحمد النجار وفوزي العطار وغيرهم.
وبقي ارتيادهم للشعبة الإخوان في سيناء إلى أن جاء عهد جمال عبد الناصر فشن هجمة مسعورة على الإخوان وتعرضوا للمضايقات والملاحقات مما أدى لانقطاعهم عن الذهاب لشعبة الإخوان.
لم تكن هذه العقبات لتوقف مسيرة الحاج لطفي فالتحق بالكتيبة الفلسطينية التي شكلها عبد المنعم عبد الرؤوف _وهو من الإخوان المسلمين _ وضمت في بداياتها 250 شابا من قطاع غزة، ولم ينس الحاج لطفي خطابا لقائد الكتيبة عبد المنعم حين قال وهو يحمل المصحف بيد والمسدس في اليد الأخرى: "والله والله والله لن ترد فلسطين إلا بهذا وهذا"، فكانت كلماته بمثابة شحذ لهمة الحاج لطفي وتثبيتا له على طريق ذات الشوكة التي سلكها.
وخلال تواجده في الكتيبة كان الحاج لطفي إمام الكتيبة وخطيب الجمعة وكانت درجته (وكيل إمباشي) وبعد شهرين ترقى لـ (إمباشي مشرف) ثم ترقى ل (إمباشي أصيل) وهي رتبة عالية حيث كان مسئولا عن 12 عسكري في الكتيبة.
وبعد أن تم سجن قائد الكتيبة عبد المنعم من قبل جمال عبد الناصر طرد الحاج لطفي كونه من الإخوان المسلمين بعد 21 شهرا من التحاقه بها.
رحيل في شهر الصيام
وبعد مسيرة طويلة من العطاء والدعوة والجهاد رحل الحاج لطفي الهمص عن عمر يناهز الثمانين عاما، حيث ارتقى إلى العلا فجر اليوم الخميس 25 / 8 / 2010 م الموافق 15 رمضان 1431. فرحم الله الشيخ الجليل وأسكنه فسيح جناته بصحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
Posted by Karem Alhams 21/05/2012