عثمان بني حسين، هو أقدم أسير في محافظة جنين، توفي والداه واثنان من أخوته وهو داخل المعتقل، وحرم أشقاؤه من زيارته، وما زالت قضيته معلقة بانتظار صفقة تبادل جديدة قد تعيده لعائلته التي طوت 27 عاما من غيابه بالأسر، ولكنها لم تفقد الأمل في أن تراه حرا خلف القضبان.
وفي يوم الأسير، تنكأ العائلة جراحها وهي تستذكر شاباً يافعاً كان عمره (17 عاماً) حين اعتقلته قوات الاحتلال وغدا اليوم في العقد الرابع من عمره، ولم تفلح كل الصفقات والإفراج السابقة في فك قيده ليبقى الأمل الوحيد هو حراك ثوري أو سياسي يكسر الحواجز والمعايير.
ويقول شقيقه رياض لمصادر اعلامية: "اعتقل عثمان في 8-7-1985 عندما داهمت قوات الاحتلال منزلنا في قرية عربونة شرق جنين التي حاصرتها وتحولت لثكنة عسكرية ودمرت محتويات المنزل وهدمته لاحقا وعملت على احتجاز الأسرة واعتقلت عثمان ورفيقه هزاع السعدي بتهمة تنفيذ عملية فدائية قتل خلالها مستوطنان".
ويضيف "أمضى عثمان أشهر طويلة في العزل والتحقيق متنقلا من سجن لآخر وسط غضب وسخط الاحتلال الذي تجسد في الحكم القاسي بحقه وهو السجن المؤبد مرتين، ورغم ذلك وبتوصية من المخابرات استمرت الإجراءات العقابية تطارد عثمان من سجن لآخر لسنوات طويلة".
محطات حزينة
وقال شقيقه رياض: "كثيرة هي المحطات الحزينة التي أصابتنا منذ اعتقاله؛ فحتى عندما كان يتزوج أحدنا يتحول الفرح لأحزان ودموع لأن عثمان معتقل أضف لذلك سياسة العقاب التي لا زالت تمارسها إدارة السجون بحقنا وهي حرماننا من زيارته، فجميعنا ممنوعين من الزيارة منذ 14 عاما؛ ويرفض الاحتلال منحنا تصريحا".
وبحزن ومرارة، يستذكر رياض أهم تلك المحطات الأليمة قائلا: "أبي اكتوى كثيرا بحسرة فراق عثمان ولفظ أنفاسه الأخيرة وهو يردد اسمه، أما والدتي التي قضت 15 عاما على بوابة السجون وأمضت حياتها تتنقل من سجن لآخر لزيارة ابنها فكانت معاناتها أكثر إيلاما".
وأردف "لم تحتمل والدتي عريفة الكوارث التي حلت بأحب أبناءها لقلبها، ومن شدّة الحزن والبكاء أصيبت بعدة أمراض، ومما زاد من حزنها وضاعف حالتها عندما أصبحت لا تقوى على زيارة عثمان لكثرة الأمراض التي كست جسدها ولازمت الفراش، ولم تره لمدة عامين حتى فارقت الحياة وهي تردد اسمه وتتمنى وداعه ولكن الاحتلال حرمه من ذلك".
ويشير رياض إلى ذكريات حزينة متتالية لشقيقه عثمان داخل السجن: "حيث كان الخبر الأول في سنة 1987 يوم وفاة شقيقه راجح، والثاني في سنة 1999 حيث وفاة والده، وسنة 2001 تلقى خبر وفاة والدته؛ وتوفي أخيه نواف في سنة 2007.بحادث سير بالأردن".
بدورها، تقول شقيقته: "أمنيتي في يوم الأسير أن أزوره وأشاهده حتى خلف القضبان؛ فمنذ عام 1994 والاحتلال يمنعنا من الزيارات".
وتساءلت "ما هو البعد الأمني في منعنا من الزيارات سوى مزيد من الإمعان في معاقبة عثمان والنيل من عزيمته في إطار الحرب التي تشن على الأسرى".
إصرار وتحدي
ورغم العقبات والمصاعب التي تفتعلها إدارة السجون، لم تنل من إصرار وحرص الأسير عثمان على مواصلة تعليمه الجامعي ليؤكد كما يقول شقيقه رياض أن السجون التي أرادها السجان الإسرائيلي مدافن للموت البطيء تحولت لمراكز لصنع الرجال وجامعات تعكس مدى إرادة وقدرة الأسير وحبه لشعبه وانتماءه لقضيته.
وتابع "رغم المعاناة القاسية التي يعايشها أخي القابع في سجون الاحتلال منذ 27 عاما واصل تعليمه، فحصل على شهادة الثانوية العامة بنجاح، ثم تحدى كل العقبات والعراقيل وانتسب للجامعة العبرية واختار كلية الحقوق وأنهى دراسته في البكالوريوس، ثم التحق لدراسة الماجستير في العلوم السياسية".
وختم حديثه بالقول: "عمر الإنسان محدود، ويجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بقضية الأسرى القدامى، الذين من حقهم أن يفرج عنهم ويبدؤوا حياة جديدة".
المصدر: وكالة صفا