جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
حين تقترب من مدخل الخربة الصغيرة التي تضم بضعة منازل وآلاف الأشجار الحرجية تشعر وكأنك في أحضان الطبيعة الفلسطينية التي صمدت في وجه ممارسات الاحتلال، غير أن مدخلا وحيدا لها أغلق على مدار عشرة أعوام في انتفاضة الأقصى بحجة أنه يصل للشارع الرئيسي المستخدم من قبل المغتصبين لم يكن الحلقة الوحيدة في إطار تهويد الخربة، فكان صدر قبل ذلك قرار اعتبارها محمية طبيعية صهيونية لتحقيق أهداف استيطانية وعسكرية نظرا لجغرافية المنطقة. أهداف التهويد وتعتبر خربة دير رازح الواقعة جنوب الخليل من المناطق التي التهم الاحتلال كل أراضيها واعتبر ما تبقى محميات طبيعة في الخليل، فالخربة تحاصرها مغتصبة "عتنائيل" المقامة على أراضي المواطنين من الجنوب والشرق ومعسكر الاحتلال "أدورا" المقام على أراضي مدينة دورا يحدها من الشمال والغرب، كما أن الشارع الرئيسي الواصل بين الخليل وبئر السبع المحتلة عام 1948 كان شماعة الاحتلال في إكمال مسلسل التضييق على أهلها الذين يتوزعون على عائلات حجة وعمرو وأبو عرقوب ومصلح موزعة على ما يقارب 18 أسرة. ويقول أحد سكان الخربة يوسف محمد لـ المركز الفلسطيني للإعلام" : "إن قوات الاحتلال بدأت باستهدافنا وأراضينا منذ العام 1998 حينما اعتبرت بأن المنطقة هي محمية طبيعية يمنع التصرف فيها والبناء وتغيير التخوم والجغرافيا، وهذا يعني بأنها باتت تحت سيطرتهم لأن عدم التصرف يعني حرمان أهلها من السيادة عليها، وباشروا بهدم مزارع دجاج تعود لعائلة المواطن محمد خليل عمرو بحجة البناء في منطقة محظورة ومنعت إعطاء تراخيص للبناء فيها، كما أنها أخطرت أكثر من ستة منازل ومنشآت بالهدم بينها ما هو قديم جدا ما يدلل على الاستهداف للمواطنين ومحاولة طردهم من تلك المنطقة بأي وسيلة". ويضيف محمد بأن مئات الدونمات من أراضي الخربة مهددة بالمصادرة لصالح مغتصبة "عتنائيل" المقامة على أراضي المواطنين في قرية كرمة المجاورة، كما أن هناك ضغطا على المواطنين يتمثل في التقليل من وصول الخدمات العامة لهم من تطوير المدرسة وجمع النفايات وغيرها من المتطلبات اليومية، الأمر الذي يجبر سكانها على قضاء احتياجاتهم من مدينة دورا المجاورة وهذا يشكل العبء الأكبر على الأهالي. ومن أبرز أهداف التهويد للخربة ما يتم من توسيع لمعسكر"أدورا" الصهيوني القريب منها، وذلك بحسب تخوفات الأهالي سيحد من حركتهم بحجة أن هناك تدريبات يومية للجنود، حيث أن الخربة عزلت عن المحيط الخارجي لمدة تزيد عن عشرة أعوام منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000 بالسواتر الترابية التي وضعت على مدخلها الرئيسي وإطلاق النار على من يقترب بمركبته من هناك، واقتصار الحركة بالمشي على الأقدام ونقل الاحتياجات من المياه والغاز وغيرها على الدواب تحت عيون جنود الاحتلال، بزعم أن الشارع الرئيسي المحاذي للقرية يستخدمه المستوطنون ويعرض حياتهم للخطر في حال فتح مدخل الخربة. استغاثة منكوبين ولعل الإعلام يركز على ملفات كثيرة بينما توجد في حقيبة المعاناة اليومية للفلسطينيين قضايا لم تفتح منذ عشرات السنين منها السياسي ومنها الاجتماعي وغيره الكثير، ويمكن القول بأن خربة دير رازح عنوان لصمود في وجه التهويد سطر نجاحا ويحدق به خطر خرجت من أجله استغاثة المنكوبين هناك، حيث اشتد الخناق عليهم وشعروا بأنهم يوما سيصبحون أشجارا وأحجارا لا حراك فيها بسبب المنع الصهيوني وخطط التهويد. وتقول الحاجة سميرة خليل إحدى سكان الخربة: " بعد أن أخطر الاحتلال عدة منازل وهدم أخرى ذهب أولادنا إلى ما يسمى الارتباط المدني ومؤسسات حقوق الإنسان فكانت الإجابة بأن الأمر ليس بأيديهم وأن تلك المنطقة صدر فيها قرار الاحتلال بأنها محمية طبيعية وبالتالي كانت هذه شرعنة لكل الإجراءات التعسفية بحقنا، فأنا أملك فيها أكثر من 50 دونما بين أشجار حرجية وزيتون، فماذا سيحمل لنا المخطط الاستيطاني الجديد من عنصرية وسط صمت العالم عن قضيتنا، وغياب المسؤولين وعدم زيارتهم للخربة التي ذاقت مرارة التهويد". ولا تنتهي حكاية خربة دير رزاح عند هذا الحد، فهي ضمن الأراضي المصنفة حسب اتفاقية أوسلو بأنها منطقة "ج" التي يعربد فيها الاحتلال متخذا تلك الاتفاقية وسيلة اعتبرها قانونية نظرا لموافقة السلطة عليها، وبات يخطط ويهود كيفما يشاء زاعما أنه مخول ممن وقع أوسلو بالسيطرة عليها إداريا وأمنيا، حتى وإن كانت مصنفة كمنطقة "أ" فإن الحجة جاهزة لاحتلالها واجتياحها ومصادرة أراضيها بحجة الضرورة الأمنية تارة والمطاردة الساخنة تارة أخرى، ليصبح مشهد الاستيطان في الضفة مطابقا لكلمة "إما أن ترحل أو أن ترحل".
المصدر: المركز الفلسطيني للاعلام