المستوى التعليمي والفكري في القرية:
ساد في القرية تفكير خرافي في كثير من الأحيان، وتفكير علمي بسيط في بعضه، وسبب هذا التفكير وجود الأمية وما يرافقها من اعتقاد بقوة الأساطير والخرافات والشعوذة والسحر والمعتقدات الموروثة عن الأجداد، وعدم فهمهم الواسع لأصول العقيدة الإسلامية وتعاليمها.
ومع دخول المدرسة إلى القرية، بدأت تتغير الأشياء. فالتفكير يتحرر إلى حد ما ولعب المسجد دوره في رفع المستوى العقلي والنفسي، حيث بدأ يتخرج الثائرون منه. حيث يتبلور الفهم الصحيح لمعاي الجهاد والكفاح. على الرغم من تأخره إلى منتصف الثلاثينات.
التعليم في القرية:
أهتم أهل الطيرة كسائر قرى ومدن فلسطين بالتعليم واقبلوا عليه. أكثر من غيرهم وذلك بعد أن واعوا ما للعلم من فوائد جمة في حياتهم. وإضافة لذلك لمعرفة أبعاد الخطر الذي يهدد حياتهم وأوطانهم.
فمنذ أيام الكتاتيب، أقبل أهل القرية على تعليم أبنائهم. وقد استغلوا بعض الأماكن لهذه الغاية كالمسجد وبعض بيوت المشايخ في القرية. ويعتبر الشيخ عتيق الخطيب من أوائل من افتتح هذا المجال. وجاء بعده الشيخ سلوك والشيخ سليم عبد السلام. والشيخ ناجي جرار والشيخ أبو طالب. بعض هؤلاء درس في المسجد والبعض في البيوت. أما مادة العلم فكانت تقتصر على الكتابة وقراءة القرآن وحفظه. وباجماع أهل القرية، اعتبر الشيخ ناجي جرار مؤسس التعليم الحديث وفق النظام المدرسي، وفي عهده استأجر أهل القرية منزلين لتدريس التلاميذ فيها وهذين المنزلين هما بيت عقل وبيت صالح الشحادة.
ويذكر في هذا المجال، أنه ورد في المكاتب الابتدائية، في سنجقي عكا والبلقاء في العام 1893 – 1894 المصادف 1311 هجري إن عدد الطلاب في طيرة حيفا بلغ 40 طالباً وهذا العدد يعتبر مرتفعاً إذا ما قورن ببعض المناطق. ففي مدينة حيفا بلغ عدد الطلاب في نفس العام فقط ثمانين طالباً. إما المدرسة النظامية في قرية الطيرة فأنشئت في عام 1930 أثناء الانتداب البريطاني لفلسطين. حيث بنيت أول مدرسة للذكور وكانت مؤلفة من أربعة صفوف. وفي عام 1937 بنيت مدرسة أخرى للبنات.
وفي عام 1947 بني طابق ثان لمدرسة البنين. ووسعت أيضاً. وذلك لتستوعب بعضاً من طلاب قرى المزار – اجزم – جبع – عين غزال. على أن تكون مدة الدراسة فيها أربع سنوات بعد الابتدائية وكانت تسمى تلك المرحلة (متركلايشن) ولكن لم تنتظم الدراسة فيها بسبب النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 أي عام افتتاح المدرسة.
مدرسة الذكور المقامة في منطقة القف، يدرس فيها الطلاب إلى الصف السابع بينما مدرسة البنات فقد بنيت في منطقة تينة البستان. ويذكر أن هذه المدرسة كانت ملكا لعبد القادر العسل الذي اجرها إلى حكومة الانتداب.
وحين نذكر المدارس والطلاب لا بد من ذكر القائمين عليها. أي الجهاز التدريسي المؤلف من المدير والمدرسين. فكان معظمهم من القرى والمدن الفلسطينية والبعض من صيدا لبنان. من هؤلاء: يوسف برهان الدجاني – أحمد العموري – فايز سعيد من قيسارية – أديب الصالح ومحمود حماد من حيفا – حبيب غطاس المسيحي الديانة والذي يكن له أهل القرية وطلابها على الخصوص كل الاحترام والتقدير لما قدمه لهم في مجال التعليم. وكانت المربية محفوظة سعيد من قيسارية مديرة مدرسة البنات.
نفقات التعليم كانت مجانية في المدارس، أما في الكتاتيب فكان يتقاضى المعلم أو الشيخ أجره من السكان. إما نقداً أو على شكل مواد غذائية مثل البيض والقمح وما إلى ذلك.
ما الفرش والمواد المستخدمة فقد اختلفت اختلافاً جذرياً. فبينما كانوا أيام الكتاتيب يفترشون الحصر، ويستخدمون أصابع الفحم للكتابة على صفائح التنك. جلسوا في المدارس على مقاعد دراسية. مستخدمين الألواح وأصابع الحوار الكلسي.
أما سن التدريس في الكتاتيب فلم يكن محدداً. وفي المدرسة فالسابعة هو سن الدخول إليها. وعن تقييم الطلاب ففي الكتاتيب يكون حسب تقديرات الشيخ من حفظ وخط وكتابة والمتفوقون في هذا المجال كانوا يرسلون إلى الأزهر في مصر لمتابعة دراستهم.
وفي المدارس كان المعلم يعطي تقييمه حسب مجموع علامات الطالب. وعند نجاح الطالب في المرحلة الابتدائية أي اجتياز السبع سنوات. كان يكمل دراسته في ثانويات حيفا وكلياتها وفي مدرسة (سنبل الصناعية)".
وقد عرف من بين أسماء الطلاب الذين أكملوا دراستهم العليا خارج القرية.
1- راجح أمين قبيعة، هندسة كيمياوية – جامعة القاهرة.
2- رستم حسين البستوني، هندسة معمارية – جامعة حيفا.
3- محمد حسين البستوني.
4- محمد أسعد الفار.
5- شعبان يوسف الشيخ وقد درس في القدس وكان معلماً في القرية.
6- شوقي يوسف الشيخ وكان معلماً في القرية أيضاً.
7- عرفات يوسف الشيخ درس في إنكلترا.
8- مصطفى يوسف الشيخ.
9- محمود محمد عمورة.
10- أحمد مصطفى العموري معلم في القرية.
11- إسماعيل محمد حجير درس في سنبل ثم تابع تحصيله الصناعي في المدرسة الصناعية في حيفا.
12- سعيد رمضان الأمين درس في سنبل.
13- رشيد الجربوع – بهجت الأمين – محمد رفعت الحلبي هؤلاء اكملوا الدراسة الثانوية وارسلوا في بعثة عسكرية إلى سورية وبقوا فيها بسبب النكبة وأصبحوا ضباطا برتب عالية في الجيش العربي السوري ومن ثم في جيش التحرير الفلسطيني.
أما الفتيات اللواتي درسن إلى الصف الخامس فهن نجمة راغب درباس – فاطمة محمود الفهد "عباس زيدان" زينب مصباح البطل – نديمة محمد يونس – ملكة عبد الرحيم كتيلة – ويحتمل أن يكون العدد أكثر ولكن هذا ما استطعنا حصره.
هذه صورة يظهر فيها: خريجو الدفعة الأخيرة من طلاب الصف السابع الابتدائي في مدرسة الطيرة للذكور للعام الدراسي 46 – 1947 والأسماء من اليمين.
الجالسون: محمود محمد أبو عيسى – سليمان العميصي (من عين غزال) عمر طه عمرين – موسى محمد العرم "حميدة" – علي محمد درباس – نمر عبد الله العرم "حميدة" الوسط: محمد عبد عيد الناجي – محمد أحمد غيث عباس الباش – المعلم يوسف برهان الدجاني "مربي الصف وولده برهان" المعلم أديب صلح – ظريف فايز بهلول – عبد الحفيظ طه عمورة.
الواقفون: محمود محمد السلمان – محمد ظاهر أبو راشد – محمد حسن الشبلي – فضل نايف العبد المحمود – عبد الله منصور – نجيب محمد يعقوب – عبد الصمد أبو راشد – محمود محمد محجوب – محمد محمود جاموس.
مناسبة الصورة: المعلم الدجاني أقام حفل وداع للطلاب في منزله في حيفا والتقط هذه الصورة.
المصدر: كتاب طيرة حيفا
احمد مصطفى الباش