جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
بعد احتلال يافا 1948 ونزوح أهلها، عاش من تبقى منهم وكانت ظروفهم مأساوية قاهرة واعتبروا للأسف أقلية رغم أن ما تبقى منهم حوالي (3 آلاف)، رغم أنهم خسروا كل شيء إلا أنهم بقوا منزرعين في يافا ليبقوا شوكة في جنوب مغتصبيها، وبعد استيلاء اليهود علي آلاف البيوت العربية التي تركها أهلها، قام اليهود بتجميع من تبقي من العرب الباقين في( العجمي والجبالية) أما باقي أحياء يافا اكتظت باليهود الجدد، ولم يبقى في يافا معلما ًعربياً إلا بقايا بيوت أصيلة ومقدسات وقفت لتشهد علي أصالة التاريخ والمكان العربي، وبعد عامين من الحكم العسكري علي عرب يافا، ضمت يافا إلي بلدية تل أبيب 1951، وصهرت بالجسم اليهودي، وشرعت سياسة الإهمال والتهميش ولم تستجب بلديتهم إلى حاجات العرب الفلسطينيين، وخنق أهلها وعانوا من نقص حاد في الوحدات السكنية ولم يحصل العرب رغم شدة حاجاتهم للسكن إلا علي 750 وحدة سكنية وكان ذلك بعد 34 سنة من الاحتلال (في عام 1982 ) وكانت تلك الوحدات المشابهة بوحدات العزل العنصري في جنوب إفريقيا هدفها تدمير الطابع العربي للمدينة وعديمة الصلة بالمكان ولا تتفق من حيث النوعية والتخطيط مع سبل الحياة وتقاليد البناء العصرية، وتدل تلك الوحدات التي أقيمت علي حدود ما تسمى( بيت يام) علي سوء التخطيط الذي كان يهدف إلي تكديس العرب في تلك المباني المتلاصقة لتجعل العرب يعيشون في علب من السردين لفترة ما - ثم يصبحوا بعد ذلك غير صالحين للاستعمال ! وذلك للوصول إلى هدف اجتماعي خبيث يرمى إلى تفتيت المجتمع العربي وازدياد نسبة الانحراف الاجتماعي هناك ؟! باشر اليهود في تطبيق منحدر يافا رقم 2236 والذي شرع بتقسيم المنطقة ألي 10مواقع سكنية و3 مواقع لمنطقة الشاطئ بسياسة واضحة لتصور مشهد الفصل العنصري ومحو وجود السكان الأصليين. (مخطط الميناء) تعرض صيادو الأسماك في ميناء يافا منذ صيف 1992الي مضايقات ومحاولات اجتثاث وإخلاء لمحو الوجود العربي فيه، ويعتبر نخطط الميناء المرحلة الأخيرة من مسيرة تغير طابع ميناء يافا التاريخي وتحويله إلي مركز سياحي استهلاكي. كان ميناء يافا حتى أواخر عهد الانتداب البريطاني يشكل حلقة الوصل بين فلسطين والعالم الخارجي، وشهدت تلك العصور ذروة تطور الميناء، وبالتالي التطور السكاني والحضاري ليافا عروس البحر، غير أن ميناء يافا بدأ بالتراجع إبان ثورة 1936 وما أعقبها من إضراب هز تجارة بريطانيا وعملائهم من الصهاينة آنذاك، لذا قام اليهود والبريطانيين بإنشاء ميناء ما يسمى ميناء (تل أبيب) وتوقف ميناء يافا عن نشاطه التجاري رسمياً عام 1965 عند المباشرة باستخدام ميناء أسدود. عملت مشاريع التطوير التي كانت من نصيب ميناء يافا ألي هدم معالمه التاريخية، وتحويله إلى مكان لهو واستجمام وخمارات وفجور وفسق صهيوني ، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية بالغة علي صيادي الأسماك المحليين وحرمهم من مصدر رزقهم ، وكانت هذه المشاريع الصهيونية التي تحمل (رقم 2378 )تهدف بشكل ممنهج إلى محو وجود الصيادين العرب في الميناء، ورغم لجوء صيادو يافا إلي ما تسمى بمحكمة العدل الصهيونية وعرض قضيتهم علي وسائل الإعلام إلا أن قرار التهويد كان قد اتخذ ولا رجعة فيه، بل زادت المعاناة للصيادين أكثر مكن ذي قبل، وحشروا في القسم الجنوبي، وخصصوا لهم مكان ضيق وأرصفة خشبية قصيرة تفتقر للكهرباء والماء وأحاطوهم ب(يخوت) من كل جانب وأغلقوا بوابة الرصيف الذي يستخدمونه وأصبح أصحاب المطاعم يمنعونهم من وضع شباكهم علي الأرصفة، بدعوى أنها تزعج السياح والزوار، في الوقت التي تضاعفت فيه أرصفة اليخوت الصهيونية، وشرعت البلدية برفع رسوم رخصة الصيد للعرب! وحرموهم من دعم وزارة الزراعة، واخترع مدير الميناء مخطط إطالة كاسح الأمواج ومن الأمور الخطيرة هو شروع البلدية ببناء 250 وحدة سكنية وفندق في منطقة الميناء، وتجفيف جزء من البحر ،والخلاصة يعتبر اليهود أن استمرار الصيادين العرب في ميناء يافا مرتكزاً لارتباط العرب بيافا، الأمر الذي يشكل عقبة في طريق ضم يافا إلي ما تسمى تل أبيب، ورغم ذلك فالعرب باقون - باقون - فيك يا يافا ليلتحم بهم جسور العودة ولاتزال أثواب الصيادين المهاجرين في يافا معلقة في دواليب أحفادهم، وسنرجع يوما إلي يافا ،لأن فينا الأمل، ومن ولد فيه الأمل لا يعرف للمستحيل طريقا.
المصدر: صحيفة الحوار