الحياة الثقافية والدينية:
جميع سكان قرية زرنوقا العرب كانوا من المسلمين، وهم على مذهب الإمام الشافعي محمد بن إدريس في الفروع، وأما سكان المستوطنات من حولهم فهم يهود صهاينة.
كان في القرية مدرسة ابتدائية للبنين أسست في سنة 1924 ثم بمعلم واحد تحولت في سنة 1942 إلى مدرسة ابتدائية متكاملة كان يؤمها 252 تلميذا في أواسط الأربعينات يعلمهم ثمانية معلمين تدفع القرية راتب واحد منهم ، وكانت تدرّب تلامذتها على أصول الزراعة العلمية بما في ذلك تربية الدواجن والنحل والأرانب على أرض مساحتها 6 دونمات ألحقت بها، وقد أنش فيها مركز لتفقيس الصيصان، وكان للمدرسة مكتبة ضمت 314 كتاباً، ثم أنشئت مدرسة ابتدائية للبنات في العام الدراسي 1943- 1944م وضمت المدرسة 65 طالبة تعلمهن معلمتان، تدفع القرية راتب واحدة منهما، ولهذه المدرسة مكتبة صغيرة تضم نحو 40 كتاباً .
وفي شهادة الحاج يوسف محمد بربار الآنفة التعريف يتحدث الحاج عن معلومات مهمة عن التعليم التطبيقي، وعن طواقم التدريس في زرنوقة:
"كان يوجد مدرستان واحدة للإناث وأخرى للذكور، وكان التلاميذ يشاركون في الحصاد ودراسة القمح وذَرْيه، فقد كانوا يدرسون الزراعة في المدرسة.
مدير المدرسة محمد عبد القادر (أبو أمين) من عَنَبْتَا استأجر داراً من بيت الحمارنة، كان يجعل لكل تلميذ قطعة أرض متر في متر في باحة المدرسة لزراعة الأراضي من الفول والبصل ويعطي عليها علامات وجوائز وأخذت هذه المدرسة الأولى على المدارس النموذجية ووزعوا في حفل بهيج البقلاوة على الناس، والأولاد في الصف التاسع يعملون في قطعة أرض كبيرة حوالي خمسة دونمات ويزرعون في المحيط السرو والعفص والكينا، يوجد في المدرسة 12 أستاذاً، ومدارس البنات يدرّس فيها نساء، و4 من الأساتذة أو ثلاثة من البلد من بيت عيد والمجدلاوي، والباقي غرباء يدرّسون الرياضة وغيرها وكانوا من نابلس (من عائلة الجوهري) وآخر من تل الترمس وآخر من اللد ".
ويدل وجود مدرسة للبنات على اعتناء أهالي القرية بتعليم البنات، وتمتع القرية بالوعي بدليل وجود 65 تلميذة عام 1944 ولكن ذلك لا يعني نهاية التقليد الريفي الذي يمنع الفتاة من التعليم، كما في شهادة الحاجة آمنة إبراهيم داود: منعني أبي من دخول المدرسة إذ كان يعتقد أن البنت إذا تعلمت "عملت حاجات مش بكيفهم" .
ويقول الدباغ إنه يوجد في زرنوقا 237 رجلاً يلمون بالقراءة والكتابة، وقد بدا لي مما دوناه من الرواية الشفوية عن أهل زرنوقا شدة اعتناء القرية بالتعليم للوصول إلى المراتب الوظيفية الرفيعة في مرافق الدولة، كما بدت لي رغبة هؤلاء الأهالي في منافسة جيرانهم اليهود في المستوطنات المحيطة الذين جاؤوا من بلادهم على قدر من التعليم والتخصص ليستقروا في مستوطنات أراضي القرية .
ويتحدث الحاج يوسف البربار أن أحد أبناء القرية من عائلة "أبو غزالة" كان يعمل في جريدة الدفاع، ولا يدري إن كان صحافياً أو فنياً أو إدارياً .
وعن توفر وسائل الإعلام يقول : "يوجد راديوهين في اثنين من مقاهي القرية يشتغلان على بطارية، وكان عمي (حسن البربار) له أسطوانة بُوقية يضع فيها أغاني لعبد الوهاب" .
وعن الحياة الرياضية في القرية يقول: "يوجد فريق رياضي يلعب كرة قدم بشكل جيد، ونلاعب أهالي القرى المجاورة كعاقر ويبنا، وفي أرض الجُرن قرب المدرسة يوجد ملعب كبير في غير أيام الحصاد" .
وبالإضافة إلى المقامات الدينية التي ذكرناها فإن القرية كان فيها مسجدان جامعان هما جامع الشيخ محمد، وجامع زرنوقة .
المصدر: الدكتور اسامة الاشقر
كتاب: زرنوقة جنة الليمون والبرتقال