جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
عاد عبد اللطيف اليشرطي إلى منفاه الأوروبي بعد زيارة مؤلمة إلى الأرض التي ولد عليها ونشأ في احضانها. ومن ايرلندا بعث برسالة إلى ابنه عمر في بيروت يحدثه فيها عن بلدة «الكابري» وعن بعض ما زال عالقاً في الذاكرة الخصبة. وفي ما يلي نص الرسالة: «عزيزي عمر
ان ذكرنا الكابري انما نكون في ذكر مكان لم يعد له وجود في وقتنا هذا، لكنه يبقى في ذاكرة من عرفوا جماله فأحبوه. في زيارتنا الأولى سوية لم نجد من بقايا الكابري بيوتاً وحواكير وبساتين ما عدا طريق عامة عريضة تصل الساحل بالمناطق الشرقية، وأيضاً حقول واسعة من القمح وعباد الشمس. نقطة انطلاقنا كانت مزرعة الريس التي تبعد مقدار كيلومتر واحد من الكابري، وبالذات من جانب بقايا حيطان بيت خالي أبو علي. عدنا في حينها إلى الرؤيا الفكرية، فالكابري تقع فقط في الذاكرة. من ذلك المكان وفي الماضي بدأت حدائق الفواكه العديدة الأنواع مثل البرتقال والمشمش والتفاح والتين والعنب الخ، وأنواع كثيرة أخرى من الخضار، لكن نتيجة لكثرة المياه (التي) تحيط بالكابري، (فإن) الكثير من بساتين الفواكه المتنوعة وكروم الزيتون، ولا أبالغ ان قلت ان امتداد هذه الحدائق من الكابري وعبر قرية النهر إلى الجنوب الغربي من الكابري يكاد يصل إلى الأفق، ولا أبالغ في ذلك. شخصياً كان لي الحظ في صباي وفي أوائل شبابي ان اقضي الكثير من العطل المدرسية في الكابري. فالمناظر الخلابة والطبيعة في أجمل حللها ورائحة زهر الليمون والبرتقال والورد الجوري في سياج البساتين تمثل حقاً ما كانت عليه تلك القرية الصغيرة. «في الكابري، كما ذكرت لك، كان هناك بيتان كبيران أولهما بيت حجري جميل على سفح الهضبة المطلة على الكابري من الشمال، والبيت لعائلة سرحان، عائلة كريمة وعريقة في المنطقة. أما البيت الثاني فهو بيت ريفي كبير لوالدي. وكما اكتشفنا فإن الطريق العام الرئيسي يمر حالياً حيث مكان البيت. «عزيزي عمر، «في ستينيات القرن الماضي وفي أكثر من مرة في بيروت كنت التقي فارس سرحان عميد العائلة التي ذكرت وهو يحمل، بكل وقار، عبء اللجوء وألم ضياع الأمل، وكأنه رمز حي لمكان كان». بكل محبة
عبد اللطيف يشرطي
المصدر: السفير