قصـتي مع قـولة قصة خاصـة وطويـلة. فمنـذ عام وأنا أمـر على بعـد أمتار منها في مخيلتي, لقد شعرت بأني أهملها وأجافيها دون حق, وفجأة قلت في نفسي: "تخيل أن قولة بكل روعتها وأسـاها هي فتاة غارقة في حبك وتتمنى لقاءك منـذ عام، وتتـحرق شوقا إلـيك كل أسبوع، وما أن يأتي يوم حتى تحضر نفسها للقائك وتجلس على قمة التلة تنتظر قدومك، وما أن تلمحك قادم من بعيد حتى يقفز قلبها فرحا، وحين تمر بقربها تحمر وجنتاها خجلا وحبا، وحين تقترب من المفرق الصاعد إليها يكاد قلبها يتوقف من شـدة الانفعال" ...تخيل ما هو شعورها حين تراك ا؟!" كان الجـو رائعا، وكان معي الكثير من القهوة، وكانت قولة في انتظاري فقضيت معها كثيرا من الوقت وزرت كل تينة وصبرة وحجر فيها، وشاهدنا معا روعة الشفق حين نزلت الشمس لتسـتحم في بحر يافا... وعدت أنا إلى بيتي تحت جنح الظلام، وعادت قولة لتنام بصمت في جرح الوطن.
تقع قولة حوالي 5 كم (خط هوائي) داخل الخط الأخضر، في منتصف الطريق تقريبا بين رام الله شرقا ويافا غربا، وعلى بعد حوالي 15 كم إلى الشمال الشرقي من اللد والرملة. وأقرب بلدة فلسطينية مأهولة إلى قـولة هي رنتيـس التي تقع على قمم الجبال في الضفة الغربية.
عشية التهجير في نهاية عام 1948 كان في قولة 1172 نسمة، وعام 1998 وصـل عـدد اللاجئـين من قولة إلى حوالي 7200.
تقع قـولة على قمة تلـة بعلو حوالي 120 متر عن سطح البحر، وهذه التلة تشكل نقطة التقاء جبال رنتيس ورام الله بمنطقة السهل الساحلي حيث تقع يافا واللد والرملة .
في 10/7/1948 سقطت قـولة في أيدي القوات اليهودية بعد قصـفها بشكل متواصل لعدة أيام. وفي 16/7/1948 قام الجيش العربي (من شرق الأردن) ومقاتلين من أهل القرية باستعادتها وإخراج القوات اليهودية منها، ولكن بعد يومين عادت قوات يهودية معززة واحتلت القرية.
في 13 كان الأول عام 1948 قام الجيش الإسرائيلي بهدم القرية كليا وتسويـة بيوتها بالأرض. وفي الأعوام القليلة بعد ذلك تم تفريغ القرية من حجارة بيوتها لبناء بيوت القادمين الجدد في مستوطنة روش هعاين (راس العين) المجاورة .
قولة تحظى بشرف كونـها مسـقط رأس المجاهد الشهيد حسن سلامة "أبو علي"، أحد أبرز قادة النضال الفلسطيني من عام 1936 إلى عام 1948، وكان القائد الأعلى للقـوات العربية المـدافعة عن اللـد والرمـلة عام 1948. اسـتشـهد أبو علي بتـاريخ 31/5/1948 متأثراً بالجراح التي أصيب بها في معركة راس العين.
الكهـوف الكثـيرة المنتـشـرة في موقـع قـولة تدل على أن تاريخ هذا المكان يعـود إلى آلاف السـنين قبل الميلاد، فالمبنى الحجري لفتحات الكهوف والطلاء المستعمل لتغطية جدرانها تذكرنا بكهوف الفلسطينيين القدماء التي اكتشـفت على سـفوح جبل الكرمل وحول مدينة القدس.
تحتضن قوله (قوليه) قاعدة القلعـة الصليبـية التي لا يزال جـزء منها قائما حتى الآن. كان الصليبيون يدعونها قلعة "كولة" أو "خـولة"، وأغلب الظن أن اسم القرية مأخوذ من اسم القلعة ولكـن كما حدث في العديد من مناطق فلسطين، فإن الصليبـيين كانوا يسـتقون أسماء قلاعهم ومستوطناتهم من الأسماء الكنعانية القديمة، ومن المعتقد أن اللفظة اللاتينية "كولة" مأخـذة من "كـول إيله" (أي "صـوت الإله") الكنعانية.