صمت الغياب في ذكرى محمد أبو الغزلان *
هيثم محمد أبو الغزلان
أيُّ كلمات يخُطُّ قلمي؛ وحروف اللغة ما عادت قادرة على الوفاء. ما عاد القلب يقوى على الفعل، وكل ما حولنا ينضح بنار. عام يمرُّ كأن الغياب ما كان؛ فالحضور يتكثّف بثواني عمري، فلكأنه شُبّه لي الموت؟!
حاضر أنت فينا. وحضورك اليوم يقوى ويتجدّد ليعود بي العمر للحظات الوجد، وينسل من خلف ستار، ليتركني هناك: غريباً وحيداً وسط ركام الضياع... أنادي، أصرخ فيرجع الصوت صدى، وأعود خائبا؛ فالموت القادم يسحق المكان، لكنه ما استطاع قهر الأمل.
نمضي إلى آخر العمر مندفعين. لا تُسقط أرواحنا نسيمات العطر في فصل الربيع، بل نمضي متدثّرين بعباءة الخوف من رياح تقتلعنا، وتجعلنا كأعجاز النخل الخاوية: من الروح، والغضب، واندفاع التمرد، وسكون الأولياء...
عرّى الخوف القلوب، واستوطنت المرارة تروي بشواظها الغادر منايا الوجع، تقطف سنابل القمح، تُشعل تضاريس الجسد نابضة بأنّات صامتة تنذر بلحظة الموت القادم وظمأ اشتعال الطهر على حافة انبجاس الفجر.
اتركوا أزهار الجوري والياسمين تنبت عند حواف الشجن، وظلال العمر المنسي. اتركوها تميل إلى حيث العيون الظامئة والأيدي العاشقة لأشواك الورد تلقف بحبها الحقد والشرور. مثلومة هي، وصمتها كلام مبين يمرر حزنها على أجسادنا الباردة معجزة تعطينا الأشياء وتلقف منا الحنين!!
* مهداة للفقيد الوالد محمد أبو الغزلان