القدس - معا - صدر عام 2018 كتاب "تراتيل العشق" للأديبة الفلسطينيّة حنان بكير، عن دار "الميراد للطباعة والنّشر والتّوزيع في العاصمة السّوريّة دمشق. قدّم للكتاب الكاتب اللبناني المونسنيور ميشال فريفر، والنّاقد أيمن دراوشة.
حنان باكير
كاتبة فلسطينيّة من عكا،
لجأت أسرتها إلى لبنان في نكبة الشّعب الفلسطيني عام 1948، عاشت في مخيّم برج البراجنة قرب بيروت، تعيش في النرويج، وتتنقل بين بيروت وأوسلو.
- حائزة على ليسانس في اللغة العربية ودبلوم في التربية.
- من اصداراتها رواية "أجفان عكا"، وجزء من كتاب باللغة النرويجية، حول الفروقات الثقافية، رواية توثيقية عن "قصة الثائر محمد محمود أبو جلدة"، مجموعة قصصية بعنوان "إبحار في الذاكرة الفلسطينية".
-عملت في مجلة الشاهد اللبنانية. وراسلت من بيروت، جريدة الخليج الاماراتية.
- تكتب زاوية أسبوعيّة منذ سنوات في صحيفة "الحياة الجديدة" التي تصدر في مدينة رام الله الفلسطينيّة المحتلة.
واصدارها الأخير"تراتيل العشق" عبارة عن سلسلة مقالات نشرت في غالبيتها إن لم تكن جميعها في صحيفة "الحياة الجديدة"، وهذه المقالات مقالات أدبيّة، اعتمدت فيها الكاتبة أسلوب السّرد القصصيّ والرّوائيّ، معتمدة على ذاكرتها الخصبة، وهي تصف كتابها في المقدّمة بقولها:" "تراتيل عشق"، هي الناطقة باسم البُسطاء، الذين نذروا عشقهم للأرض. وهي هديّتهم للوطن. فليتقبّل تُراب الأرض الطيّبة، قرابينهم وتراتيلهم." لذا لا غرابة أن تهدي كتابها " إلى ذاكرة، صارت مدرسةً تُنشئ أجيالا تتوارث الذاكرة بالطريقة ذاتها، وتتوارث عشقا خرافيّا، ذاكرةٍ تمتلئ أحداثا وشخصيات صَنعت أو ساهمت في صناعة ذلك التاريخ".
وسيلاحظ القارئ للكتاب أنّ الكاتبة مسكونة بمدينتها عكّا وبوطنها فلسطين مع أنّها لم تسكنها، لكن عذابات اللجوء، والحنين إلى الوطن المفقود، ومآسي النّاس البسطاء تؤرّق ذاكرتها، فاعتمدت على تجاربها الشّخصيّة وعلى الذّكريات التي سمعتها من المرحوم والدها، ومن أصدقائه ومجايليه، فأصبحت ذاكرتها مثقلة بهموم وطنها وشعبها، وجزء من هذه المعاناة عاشتها واكتوت بنارها.
ولا تنسى كاتبتنا التي هي كاتبة تنويريّة تجاربها في النرويج حيث تعيش، ومن خلال كتاباتها لا يحتاج القارئ إلى كثير من الذّكاء ليكتشف مدى تأثّرها بالثّقافة والحضارة النرويجيّة، فتلتقط منها بعض الجماليّات وتكتب عنها، لتلفت انتباه أبناء قومها إلى إيجابيّات حضاريّة تفتقدها مجتمعاتهم.
ومن خلال العقليّة المتفتّحة الحاذقة، التي لا ينقصها صدق العاطفة، سيلاحظ القارئ أنّ كاتبتنا التي تعتمد المنهج الواقعيّ في مضامين كتاباتها، أنّ مداد قلمها ينزف عذابات "البسطاء" بلغة انسيابيّة يطغى عليها عنصر التّشويق. وسنرى مدى لوعتها عندما زارت مدينتها عكّا وبعض المدن الفلسطينيّة الأخرى كالقدس وغيرها. وكأنّي بالكاتبة تبحث عن جذورها في "الفردوس المفقود".
وذاكرة الكاتبة التي لا تعرف الملل لا ينقصها اصطياد حكايات وقصص اللجوء لأناس كان لهم شأن في وطنهم، وكيف تغيّرت أحوالهم في أرض اللجوء.
قد تكون الكاتبة محظوظة بأن أتيحت لها فرص التّعليم رغم قساوة اللجوء، ولا عجب في ذلك، فهي ابنة لأبوين متعلّمَين، فحرصا على تعليم أبنائهما رغم ضنك حياة اللجوء، وفقدان الوطن الذي لم يفارق ذاكرتهم رغم بعدهم مكرهين عنها. وتعليمها هذا فتح لها أفاقا حياتيّة فتّحت عينيها على كثير من الأمور التي لم ينتبه لها البسطاء، أو لم يكن باستطاعتهم تدوينها كما فعلت الكاتبة، مع أنّهم ضحايا لها.
وهذا الكتاب يعطي صاحبته لقب "حارسة الذّاكرة" بجدارة، وهذا يعني أيضا أنّ الكتاب يشكّل إضافة نوعيّة للمكتبة الفلسطينيّة بشكل خاص، والمكتبة العربيّة بشكل عام، كما أنّه سيشكّل رسالة اعلاميّة لقضيّتنا إذا ما ترجم إلى لغات أخرى، لذا لا غنى عن قراءته من الغلاف إلى الغلاف، لأنّ الكتابة عنه لا تغني عن قراءته.