رغم المخاوف التي كانت تُقلق المواطنين الفلسطينيين من عزل مؤبّد لأراضيهم خلف الجدار غرب محافظة الخليل عقب استبدال السياج الحديدي بجدران إسمنتية، إلا أن مخطّطات الكيان الإسرائيلي الاستيطانية كانت أبعد مما يتصورون.
فبعد أيّام قليلة من إعلان سلطات الاحتلال اكتمال أعمال بناء الجدار الاسمنتي بالخليل، كان سكّان بلدة الظاهرية جنوب المحافظة على موعد مع عمليات مصادرة لعشرات الدّونمات من أراضيهم، الواقعة خارج الجدار والملاصقة للجدران الجديدة في منطقة وادي الخليل، بجوار معبر "ميتار" المؤدّي إلى مدينة بئر السّبع.
وبينما يتذرّع الاحتلال أنّ مصادراته تأتي لأغراض أمنية، يعرب أصحاب الأراضي عن خوفهم من استباحة الأراضي كاملة لتوسعة المعبر القريب، وبالتالي التمدّد خارج حدود الجدار.
ويقول المواطن أحمد شاهين أبو علان- أحد أصحاب الأراضي التي جرى مصادرتها قرب معبر الظاهرية- إنّ سلطات الاحتلال قرّرت مصادرة نحو 47 دونمًا تعتاش منها 12 أسرة من عائلته في منطقة وادي الخليل القريبة من المعبر المؤدّي إلى مدينة بئر السبع.
ويشير أبو علان إلى أنه جرى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية من أجل مقاضاة الاحتلال على هذه المصادرة، عبر جمعية نرويجية مهتمة بالدّفاع عن حقوق أصحاب الأراضي القاطنين في المناطق المصنّفة (ج) وفق اتفاقية "أوسلو" والخاضعة للسيطرة الأمنية والمدنية الفلسطينية.
ويأمل أبو علّان أن يجني السّكان استفادة من المتابعة القانونية، وأن يحصلوا على قرارات قضائية توقف إجراءات الاحتلال وتعدّياته على الأراضي في المنطقة، خاصّة وأنّها باتت واقعة خارج أعمال الجدار.
أمّا رئيس بلدية الظاهرية راتب الصّبار فيقول إنّ سلطات الاحتلال تعكف على مصادرة هذه المساحات من الأراضي لصالح توسعة المعبر القريب، وتدعي محاولتها إيجاد مواقف لمركبات العمّال الفلسطينيين التي تُعدّ بالعشرات وتتوقف في محيط المعبر.
ويضيف، "في أوقات سابقة أبلغت سلطات الاحتلال بلدية الظاهرية نيّتها استخدام الأراضي المحيطة بالمعبر مواقف للمركبات في المنطقة بذريعة تنظيم حركة المرور".
وأوضح أنّ البلدية والأهالي تقدّموا بشكاوى ترفض أيّ نوع من السيطرة على ما تبقّى من أراضيهم لصالح أنشطة الاحتلال في المكان.
من جانبه، يشير خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش إلى أنّ سلطات الاحتلال- قبل أن تنهي إقامة الجدار- صادرت خارجه نحو أربعة دونمات تتبع أراضي بلدة الظاهرية جنوب الخليل.
ويستبعد حنتش أن تكون سلطات الاحتلال تعتبر الجدار حدودًا للضّفة الغربية، مشيرًا إلى أنّ ما يجري يعبّر عن تبنّي "إسرائيل" نهجًا جديدًا في العمل الاستيطاني والعسكري بالضّفة.
وذكر أن الاحتلال يُحكم عزل نحو 3% من حدود الضّفة الغربية إلى الغرب منه، ويحاول في خطوة جديدة عزل مساحات من الأراضي الواقعة إلى الشرق منه.
ويعتقد حنتش أنّ هذا التوجّه يرشّح مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية للعزل والوقوع تحت السّيطرة العسكرية الإسرائيلية، لصالح أغراض مختلفة، الأمر الذي يحمل تهديدًا مباشرًا بالسيطرة على مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية المحيطة بالجدار، إذا تكرّر هذا السيناريو من العزل للأراضي الفلسطينية المتاخمة للجدار.
ويرى أنّ هذه الإجراءات تعبّر عن ردود فعل غاضبة بعد إعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني، مشدّدًا على أنّ هذا التوجّه مخالف لكل الاتفاقيات والأعراف الدولية، ولاسيما ما حدث من إقامة برج عسكري في منطقة واقعة تحت السيادة الفلسطينية، في خرسا بدورا وفي جبل التكرروي بمدينة الخليل.
ويقول حنتش: "هذه إشارات تحدٍّ إسرائيلية تعلن فيها تنصلها الكامل من كلّ الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة مع السلطة الفلسطينية وفي المحافل الدّولية".
المصدر: وكالة صفا