جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
أطلقت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) بالتعاون مع مؤسسة الغوث الإنساني للتنمية في نقابة الصحافة أمس، ملخصاً لدراسة جديدة حول "واقع واحتياجات المخيمات الفلسطينية في لبنان: المشاكل والحلول"، أظهر، مجدداً، أن نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين مازالوا يعيشون تحت خط الفقر، بسبب ارتفاع نسبة البطالة وندرة فرص العمل ومنع الفلسطينيين من ممارسة الكثير من المهن. وجاءت الدراسة في قسمين، تناول الأول قضايا التربية والصحة والسكن والبنى التحتية، فيما اقترح القسم الثاني بعض الحلول للمشكلات. وفي الشق التربوي، لم تتطرق الدراسة إلى المستوى التعليمي في الأونروا فقط، بل حاولت أن تكون أكثر عمقا وشمولية، فشملت البحث في مرافق المدارس: الأبنية، الصفوف، الملاعب، المكتبات، المختبرات، مياه الشفة، دورات المياه، وسائل النقل وغيرها من المرافق. التربية والصحة وظهر، بحسب الدراسة، أن مدارس الأونروا تفتقر في معظمها إلى الكثير من التجهيزات، فالمكتبات حيث وجدت، لا تتوافر فيها الكتب والإصدارات العلمية الحديثة وأجهزة الحاسوب والأثاث المناسب للمطالعة، والملاعب صغيرة أيضا وغير آمنة لممارسة الرياضة، والمختبرات بدورها لا تحتوي على المواد والتجهيزات الضرورية لشرح التجارب العلمية الموجودة في المناهج الدراسية. أما مياه الشفة، ففي معظمها غير صالحة للشرب، ودورات المياه غير نظيفة وتفتقر إلى الشروط الصحية الضرورية. وبالرغم من محاولة إدخال الأساليب التدريسية الحديثة، إلا أنها لم تطبق على نحو كامل، ولا يزال الاعتماد على أسلوب التلقين هو السائد. ولاحظت الدراسة أن الأونروا تهتم بالمدارس الثانوية أكثر من المدارس الابتدائية والمتوسطة، وهذا يبدو جليا في التفاوت في نتائج الامتحانات الرسمية التي تبدو باهرة للطلاب الثانويين ومخيبة لطلاب المرحلة المتوسطة. واعتبرت الدراسة أن "التراجع في مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط ربما دفع بالأهالي المقتدرين مادياً إلى تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة أو تسجيلهم في دورات دروس الدعم المدرسي (التقوية) التي انتشرت بكثرة في السنوات الأخيرة. ولا تدير الأونروا إلا مدرسة ثانوية واحدة في كل منطقة، ما يعني أن معظم المخيمات لا مدارس ثانوية فيها، ويضطر الطلاب الثانويون إلى التوجه إلى المدرسة الوحيدة المتاحة، علما بأن الأونروا لا توفر لهم وسيلة نقل، بل يذهبون في باصات على نفقتهم الخاصة، فضلاً عن ذلك، ليس هناك برامج تلحظ الطلاب الذين يتسربون قبل الصف التاسع الذين لا يجدون إلا الشوارع مأوى لهم". وبالأرقام، توضح الدراسة أن عدد التلاميذ الفلسطينيين الذين يرتادون مدارس خاصة لا تتجاوز نسبتهم 7% من تلامذة صيدا، و10% من تلامذة الجنوب، و10% من تلامذة الشمال، و5% من تلامذة البقاع. كذلك، شملت الدراسة رياض الأطفال التي تعود في معظمها إلى الفصائل الفلسطينية. ووجدت أن 75% منها في بيروت، و86% منها في الجنوب، و33% منها في الشمال لا يحوي على صفوف كافية. وأن 86% من رياض بيروت و29% من رياض الجنوب تفتقر إلى ملاعب، كما يعاني 50% منها في بيروت و29% منها في الجنوب من تشققات في الجدران. وينقص بعضها المناهج الدراسية ووسائل الإيضاح المناسبة. وشملت الدراسة الواقع الصحي للفلسطينيين، فاعتبرت أنه على الرغم من أن الأونروا تقدم الأدوية المتوافرة لديها مجاناً، يبقى العديد من الأصناف غير متوافر أو غير فعال في علاج الأمراض. ويعتمد الفلسطينيون في استشفائهم بشكل رئيسي على الوكالة وعلى الهلال الأحمر الفلسطيني الذي ضعف دوره في العقدين الماضيين، بحسب الدراسة. ويلي ذلك العيادات الخاصة والمستوصفات والصيدليات التي غالباً ما لا يعمل أهل الاختصاص فيها. بطالة وبنى تحتية وفي الواقع الاقتصادي، تبين أنه على الرغم من أن مجلس النواب اللبناني عدّل مواد تتعلق بحق العمل، إلا أن تأثير ذلك لا يزال غير ملموس. وجاء التعديل القانوني ليشرعن للفلسطيني العمل في بعض المهن التي كان يمارسها سابقاً مع إبقاء التمييز قائما لجهة عدم الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي، وما زالت المهن الحرة محظورة على الفلسطينيين. كما ساهم في تردي الأوضاع الاقتصادية اضطرار الأونروا لتقليص خدماتها في مختلف المجالات، فضلا عن الارتفاع المجنون للأسعار العالمية، وخاصة السلع الغذائية. وضمن باب الواقع الاجتماعي، لفتت الدراسة إلى انه لا يخلو مخيم من وجود عشرات المنازل غير الصالحة للسكن، لكون سقوفها لا تزال من الزنك، أو بسبب وجود تشققات فيها، ما يسبب خطراً على حياة ساكنيها. كما أن المنازل صغيرة ومكتظة لبقاء مساحات المخيمات على حالها. وتقوم الأونروا حالياً بإعادة بناء بعض المنازل المتآكلة في بعض المخيمات. ولا توجد مقابر في بعض المخيمات ما يضطر أهلها إلى دفن موتاهم في مقابر مخيمات أخرى أو خارج المخيمات مقابل مبالغ باهظة. في حين يدفن أهل بعض المخيمات موتاهم فوق جثث أقرباء لهم لعدم اتساع المدافن. ويعاني الفلسطينيون من النفايات التي تتراكم بين المنازل بسبب عدم توزيع مستوعبات كافية لها، ووضعها في أماكن حساسة، أي بالقرب من المدارس أو مقابل العيادات والمستوصفات... واعتبرت الدراسة أن شبكات الصرف الصحي في المخيمات جيّدة إلا أن رمي النفايات فيها يؤدي إلى انسدادها في بعض الأحيان وطوافانها. والى ما تعانيه شبكة الكهرباء في لبنان من مشاكل لناحية ضعف التغذية ونظام التقنين، فان المخيمات تضيف إلى تلك المشاكل إهتراء الأسلاك وتشابكها وقيام البعض بتمديد خطوط من أكثر من محول، ما يجعلها غير قادرة على تحمل الضغط وتعطلها. أما مياه الشفة، فغير صالحة للشرب والطرقات ضيقة ومليئة بالحفر. الثقافة والشباب ولاحظت الدراسة "أن الحركة الثقافية في المخيمات بدأت بالركود، وانخفضت وتيرتها، حيث تغيب الأنشطة الثقافية ومعارض الكتب والمحاضرات العامة، وتشكو المكتبات العامة، على قلتها، من غياب زائريها. أما الشباب، فبالرغم من حال اليأس التي يعيشونها في لبنان نتيجة التضييق والبطالة وقانون منع التملك، إلا أنهم يجدون مساحة للتنفيس عن احتقانهم في الأندية الرياضية والكشفية التي تنشط في المخيمات. غير أن الأندية تشكو غياب الملاعب المجهزة وضعف التمويل، وبالتالي القدرة على الاستمرار. وهناك فئة أخرى في المجتمع الفلسطيني تفتقر إلى الاهتمام اللازم وهناك ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يعانون النقص في الخدمات وقلة المراكز المتخصصة لرعايتهم. اقتراحات حلول وتقدّم المؤسستان في القسم الثاني من الدراسة حولاً للمشاكل التي أظهرها القسم الأول، فتقترحان فحص المياه في المدارس دورياً وإنشاء المختبرات والمكتبات... وفي ما خصّ أساليب التدريس تبرز توصية بإلغاء نظام الترفيع الآلي، وتزويد المدارس بوسائل الإيضاح السمعية والبصرية...وإدخال مادتي تاريخ وجغرافية فلسطين ضمن المناهج. كما توصي الدراسة بإنشاء مستشفى مناطقي مركزي في كل منطقة من مناطق انتشار اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والحاجة إلى توافر سيارات للإسعاف مجهزة... مطالبة الدولة اللبنانية بالسماح للأطباء والممرضين الفلسطينيين بمزاولة مهنهم، والسماح للفلسطينيين بالحصول على تأمين صحي من صندوق الضمان الاجتماعي وتقديم العلاج المجاني لهم في المستشفيات الحكومية. أمّا على الصعيد الاجتماعي فتوصي الدراسة بتأهيل المساكن والسماح بإدخال مواد البناء إلى المخيمات، وتكرير مياه الشفة وإخضاعها للفحوصات دورياً، وصيانة شبكات الصرف الصحي ومراقبة التعديات على الكهرباء....بالإضافة إلى إنشاء النوادي الثقافية والاجتماعية والرياضية والمراكز الخاصة بتأهيل المعوّقين.
8/4/2011