علي يونس - الزوق التحتاني
أنا علي محمد اليونس، مواليد فلسطين الزوق التحتاني/ الحولة.
أنا خرجت من فلسطين وعمري سبع سنوات، أي مواليد 1948، ولكن سمعت بعض القصص عن فلسطين، مثلاً جاءت قافلة دمرت عبَارة إسرائيلية، فجاء اليهود لإصلاح هذه العبَارة ليكملوا طريقهم، وكان الفلسطينيين من القافلة سرقوا بعض الجزمات والكبابيت من اليهود ولبسوها.
وعندما جاء اليهود لإصلاح العبارة رأوا الناس ترتدي هذه الملابس فأدركوا أنها لهم وأنهم هم الفاعلون.. فطلب اليهود من الرجال أن يساعدوهم في الإصلاح، فهناك رجل يرتدي الجزمة رفض أن يساعدهم، فتركوه وجاء رجل آخر، وبعد الإنتهاء تركوا الرجل الذي ساعدهم وأطلقوا النار على الرجل الآخر لأنه كان سارقا لملابسهم.
بيتنا من حجر باطون، مكون من غرفة واحدة، وهناك غرفة للجمل والبقر والجاموس، فقط لم يكن عنا جامع وكانت للناس تصلي بالبيت. ويوجد مدرسة قيد الإنشاء، ولم ينتهوا من بنائها عندما خرجنا من فلسطين وكان الأولاد يتعلموا عند شيخ القرآن الكريم، أنا لم أدخل مدرسة في فلسطين.
من عائلات القرية، الحمادنة، الحنايفة، والعابسية. ومن وجهاء القرية، كانت كل حمولة لها تابعيتها وشيخها.
وكان كل بيت يستقبل ضيوفه بالبيت ولم يكن هناك مضافة كبيرة، ولم يكن هناك مقاهي للدواوين.
كنا نعمل حلو في العيد، الكعك والزلابية، والناس تذهب تعايد بعضها، وفي صبيحة أول يوم يذهب الناس لزيارة المقبرة.
كان جدي، ويهودي (وطني) يتحدث العربي، قال لجدي أبو محمد، خليك عندنا ولا تخرج من فلسطين، ونحن مسؤولين عنكم، ولكن جدي لم يقبل وخرج، هناك قرية أخرى فيها الزعيم كامل الحسين، قال لأهل الحَولة، نبقى نحن هنا ولا حاجة لأن نخرج من الحولة، فقالوا له أنت خائن.. فقال لهم لست خاين ولذلك سأخرج معكم، حتى لا تعتقدوا أني خائن..
يا ريت بقينا بفلسطين..
لم يكن هناك سلاح قوي، مجرد بنادق، أبي باع القمح الذي ناكله واشترى بارودة من دون ذخيرة (فشك).. فهي كانت قليلة جداً. والتجار كانوا يأتون ونبيع السلاح الخربان.. فهذا ما جعلنا نخرج.
في إحدى المرات مرّت قافلة يهود، فجاء رجل من عنّا (أبو الشيخ داوود) ومعه سلاح فرش القافلة بالسلاح ومات عدد منهم.. فعرف اليهود من قام بذلك وأين بيته، فتاني مرّة أحضروا لغم ووضعوه عند البيت ونسفوه.
من القرى التي تحدّ الذوق، الخالصة، الناعمة، القطية، الخصاص.
الزوق كانت على تلة مرتفعة عن الأرض. ولم يكن عندنا آثار.
ومن زراعتها الخضار وتباع السوق الخالصة.. أنا كنت أدعى الطرش. ليس معنا أوراق ملكية، فهي مع شخص بسورية قريب لجدي.. عندنا أراضي وأملاك.. كنا نزرع الرمان والصبير والتفاح واللوبية والنقوس.
عند المرض كان المريض يذهب عند اليهود للحكمة، وعندنا مجبر عربي..
مرة كنت صغيراً وأرعى مع راعي تحت الجسر، وكانت هناك شاحنة تريد العبور، فمسكت حفنة رمل ورميتها بوجه السائق، فتعركست قيادته. فنزل السائق وحاول الهجوم عليه، ولكن الراعي حماني.. وأبعد السائق عني.
مرة رعيان البلد في شمال البلد، كانوا ينيشنوا بالعصي على الكبانية، والعصي السنديان أهم من البارودة، فجاء اليهود وطوقوا الرعيان وكان عددهم 40 راعي، في راعي إنهزم (تراجع) وكنت معهم، فطوقونا وكانوا يريدون قتلنا، فقلت لهم أريد أن أنادي للراعي الذي انهزم، ولكن كنت أريد أن أهرب، فقال لي إذهب.. ولكنهم لم يطلقوا النار عليهم.
الإنجليز هم من خرّبوا بيتنا.. والله لو قبر بفلسطين يسوى ملايين الدولارات..
لا أريد تعويض، وعندي بيت عمّرته أنا وأخوتي فوقنا، ولكن لو تسنح لي الفرصة لأذهب الى فلسطين لأترك كل شيء ورائي وأذهب. من ليس له وطن ليس له دين، دينك هو وطنك.
يفدي وطنه بدمه وكل ما يملك.. وطننا فلسطين، أقول لأولادي وأولاد أولادي أننا لاجئين هنا، ونريد وطننا فلسطين.
عندي 6 أولاد وأنا، إذا مُتنا لنسترد فلسطين وندافع عنها، لا نقصر ولا أشعر بالحزن على اولادي إذا ماتوا فداء فلسطين.
والله العظيم، غداً يقولوا في حرب لإسترجاع فلسطين لأذهب ولكن يجب أن تخلص الناس نيتها.