مشيخة الترابين
بقلم: أحمد بن سليمان بن صباح ابوبكرة الترباني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبعد:
فقد كانت الإمارة والمشيخة تتنقل بين بيوتات القبيلة، فمرة يستلم زمام القبيلة فخذ من بطون القبيلة، ثم تنتقل الى فخذ آخر من بطن آخر من نفس القبيلة... وهكذا.
فيتسلم زمام مشيخة البطن إحدى العوائل ثم تنتقل الى عائلة آخرى وهذا شيء معروف عند من أطلع على كتب الأنساب والتاريخ.
وقبيلة الترابين تنقسم الى خمسة بطون وهم (النبعات، القصار، النجمات، الغوالية، الحسابلة) والحسابلة هم بالأصل نبعات إلا أنهم أستقلوا بمشيخة مستقلة، وكذلك الغوالية فهم من أبناء نجم وأستقلوا بمشيخة مستقلة.
ومن أقدم المصادر التي ذكرت أسماء لشيوخ الترابين، هو كتاب (الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة) للنسابة عبدالقادر الجزيري المتوفى نحو سنة 977 للهجرة.
وجاء عند الجزيري (2/114): (القسم الرابع: لطائفة الترابين من بني عطية أيضاً منهم: سلمان العديسي ومحمد بن عجرمة والأسود وأولاده وونيس ورفقهم...).
قلت: فهؤلاء شيوخ قبيلة الترابين في القرن العاشر، والجزيري يُعد أفضل وأوثق من تكلم على هذه القبائل العربية، كما قال مؤرخ الجزيرة شيخنا العلامة حمد الجاسر في (مجلة العرب ـ العدد الخامس والستون ـ 15/8/1404هـ): (ولا شك أن صاحب كتاب (الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة) أوثق وأعلم من غيره بأنساب القبائل الساكنة فيما بين مصر والمدينة المنورة) أنتهى.
وهؤلاء (العديسي، وابن عجرمة، والأسود، وونيس) كانوا شيوخ قبيلة الترابين في القرن العاشر، وهم من أبناء مساعد جد ترابين (القصار) حيث كانوا هم شيوخ الترابين في ذلك العهد.
وفي القرن الحادي عشر جاء ذكر شيوخ الترابين في وثائق دير سانت كترين ومنهم:
1ـ محمود العديسي.
2ـ أبناء ملاك الترباني وهم (مغنم، غنايم، ساري).
3ـ أبناء عشيش الترباني وهم (هرماس، عياد، زيدان، حميدان).
4ـ حميد الأعمى الترباني.
5ـ بشر بن جلال الترباني.
6ـ حميد بن منجد الترباني.
7ـ سليمان بن سالم الترباني.
8ـ علي بن فريح الترباني.
9ـ عمري بن عمر الترباني.
10ـ محمد بن جهامة الترباني.
وغيرهم الكثير تجد ذلك مفصلاً في كتاب (ذكر قبيلة الترابين في وثائق دير سانت كترين) للأخ أبو تركي شريف الترباني.
وفي مشيخة بطون قبيلة الترابين نفسها، كانت تتنقل بين أبناء العمومة، فمشيخة النجمات كانت في يد السنايمة ثم أنتقلت الى الصوفة ثم أنتقلت الى الشبايبة (1) ثم رجعت للصوفة، قال عارف العارف في (تاريخه) (80) في حديثه عن النجمات: (كانوا قبلا تحت رآسة شيخ واحد وهو (ابو سنيمة) ثم شاخ عليهم حمدان الصوفي ثم عطية ابوشباب ثم حماد باشا الصوفي...).
وكذلك الغوالية فقد كانت تتنقل المشيخة فيهم، مرة يستلمها الزريعي ومرة ابو ستة.. الخ.
ثم أنقسموا ثلاثة أقسام ومشيخة وهم (ابوستة، ابوبكرة، ابومغيصيب).
أما النبعات فكانت أيضاً المشيخة تتنقل بينهم مرة يستلمها ابن جرمي ومرة يستلمها ابن جهامة... الخ، وكذلك القصار والحسابلة.
ومشيخة الترابين عامة كما قلنا آنفاً كانت تتنقل، وفي أواخر الدولة العثمانية تسلم مشيخة الترابين كاملة (أبو ستة و الصوفي).
قال المؤرخ محمد كرد علي في (خطط الشام) (6/ 311): (فالعزازمة يمانيون ومشايخهم أجداد ابن سعيد، وأمراء الترابين عائلة أبي ستة (2) وأمراء التياها الهزيل).
وكذلك مشيخة الترابين أستلمها حماد الصوفي فأصبح شيخاً عليها، كما جاء ذلك عند عارف العارف وغيره، وهناك وثيقة نفيسه من السلطان عبدالحميد للشيخ حماد الصوفي ـ رحمه الله ـ قد ذكرتها في مقالتي (أعلام وفرسان قبيلة الترابين).
ولهذا فإن مشيخة الترابين كانت تتنقل بين أبناءها، كما بينا آنفاً مشايخ الترابين في القرن العاشر ثم في القرن الحادي عشر... الخ.
وقد أطلعت على مقالة منشورة على الشبكة العنكبوتية بعنوان (الصوفي أسم يتردد وثقة تتجدد) لكاتبها سالم الصوفي، حيث أوغل قلمه بالجهل والإفتئات على التاريخ فزعم وبئس ما زعم أن جد الترابين كان يدعى (عطية الصوفي!!) وكذلك إبنه نجم، وأن مشيخة الترابين قديماً من عهد نجم كانت المشيخة بيد الصوفي!!
وننقل كلامه بخصوص مشيخة الترابين ونعلق عليه أما ما ذكره من تقسيمات النجمات والغوالية بعد مقتل جدنا إبن نجم فلا يحتاج منا تعليق لهشاشة وخلو كلامه من التوثيق والمصدر إنما هي (خراريف) فلا نريد أن نذكر شيء منها هنا، إنما نريد أن نعلق على خرافاته في مسألة مشيخة الترابين لأنها في صلب موضوع مقالتنا.
قال سالم الصوفي في مقالته المنشورة على موقع (هوية) بتاريخ 12/6/2011 بعنوان (الصوفي اسم يتردد وثقة تتجدد)!!: (تسلسل الشيخة في الترابين (عشيرة الصوفي): 1ـ عطية جد الترابين وقد أكتسب لقب الصوفي من أجداده الأولين.
2ـ نجم بن عطية الصوفي....... الخ).
قلت: قال السمعاني في (القواطع) (243): (فكان الأولى به عفا الله عنه أن يترك الخوض في هذا الفن ويحيله على أهله فإن من خاض فيما ليس من شأنه فأقل ما يصيبه أفتضاحه عند أهله).
فالكاتب سالم الصوفي يرفع من عشيرته الكريمة التي نُجلها ونعزها بالجهل والحماقات، مما يدل على أنانيته المقيته، فكأنه يحصر الترابين في عائلته الصوفي!! وهذا صدقاً مما يندى له الجبين ويدل على جهل الكاتب وفقره المطقع في هذا العلم.
فمن ذكر أن عطية جد الترابين كان يُلقب بالصوفي؟! ومن ذكر أن نجم جد (النجمات والغوالية) كان يلقب بالصوفي؟! فهذه كتب الأنساب والتاريخ التي تكلمت على قبيلة الترابين قديماً وحديثاً موجودة فمن أين لك بهذه الخرافات المضحكة! أم أنها خراريف أهل القمرا التي يذاع سوقها في الأخصاص؟!!
فهذا كلام فيه إفتئات على كل المؤرخين والنسابين الذين دونوا تاريخ الترابين، بل على ابناء الترابين أنفسهم فلم يسمعوا بهذا الكلام لا من قريب ولا من بعيد!!
وعائلة الصوفي الكريمة ظهر منها الشيخ حماد الصوفي صاحب الصولة والجولة الذي قد دونّ تاريخه أهل العلم، ومن المعلوم أن لقب (الصوفي) مُحدث وليس إسم قديم، حيث كانوا يسمون قديماً بالسنايمة وقد ذكر المستشرق جوسان في (العادات العربية) (363): (النجمات: يشكلون تكتلاً قوياً يعد ما بين 3500 ـ4،000 من العرب وهم من أربعة فصائل:
1ـ السنيمات: عياد الصوفي...).
فكان الصوفي قديماً يسمون السنايمة ثم خرج منه بطن يسمى الصوفه وبرز منهم حماد باشا الصوفي، فهو إسم حديث وليس قديم كما يزعم المدعو سالم الصوفي بأن جد الترابين (عطية وإبنه نجم) كانوا يعرفون بإسم (الصوفي!!!) فمن أين لك هذه الخرافات؟! أم أنك على طريقة (خرافة الجهني) الذي ذكره الأدباء والمؤرخون أن الجنّ خطفته ثم عاد إلى قبيلته بعد عام، فكان يحدثهم حديثاً غريباً عجيباً، فكان العرب إذا سمعوا حديثاً غريباً يمجه العقل والقلب ينسبونه الى خرافة الجهني، فيقولون: (حديث خرافة) فكلام المدعو سالم الصوفي من نفس معدن حديث خرافة بل خرافة قد قبله بعض العرب فقالوا: (وعند جهينة الخبر اليقين) أما أنت فنقول في حقك: (لقد رأيت النعامة في قلة الجبل)!!
وعائلة الصوفي عائلة كريمة وهم أبناء عمومتنا ولكن لولا هذان الشاذان (سالم الصوفي و حميد الصوفي ـ نزيل اليمن ـ) (3) هما اللذان دفعاني إلى تسطير هذه المقالة دفاعاً عن الترابين، فإني أنتمي إلى هذه القبيلة وحقي وحق كل ترباني أن يدافع عن هذه القبيلة الكريمة التي أساء لها المدعوان (سالم وحميد)!
ولهذا فإن كل عشائر الترابين لها أمجاد وصولات دونها أهل التاريخ والنسب من زمن عبدالقادر الجزيري الى زمن وثائق دير سانت كترين وإلى وقتنا هذا.
وكتبه:
أحمد بن سليمان بن صباح ابوبكرة الترباني
ـــــــــــــــ
1ـ الشبايبة من أبناء ولد نجم المقتول وهم أبناء عمومة الغوالية وأبناء خالات، وقد تسلم مشيخة النجمات قديماً.
2ـ عائلة أبو ستة من غوالي الترابين، وقد خرج منهم أعلام سطروا تاريخهم بالمجد، وتاريخ القضية الفلسطينة شاهدة على ذلك، لكن هناك من يلمز فيهم فلا يضر العقاب قرص الجراد!!
3ـ وهو حميد الصوفي (نزيل اليمن) له كتاب يسمى (تاريخ قبيلة الترابين في جنوب فلسطين وسيناء) أساء فيه الى قبيلته الترابين، وجمع في كتابه الجهل والخزعبلات والخرافات، فهو كاتب جاهل في علم الأنساب والتاريخ ولا يُعرف عند علماء النسب إنما هو (مجهول) لديهم، فقد أوغل قلمه بالجهل حتى فضح نفسه بنفسه!.