الحسيني، أحمد عارف: (1290-1335ه/ 1873-1917م)
(مفتي غزة حتى سنة 1912 حين اختير عضواً لمجلس المبعوثان العثماني في الآستانة. وكان من نشيطي الحركة القومية العربية فأعدمه الأتراك في القدس مع نجله مصطفى أفندي.)
هو أحمد عارف بن حنفي أفندي الحسيني مفتي غزة. غضبت الدولة على والده لعدم انقياده لها فنفته ونُفي معه إلى ولاية أنقرة سنة 1898. ودرس في غزة على والده، وعلى الشيخ عبد اللطيف الخزندار، والشيخ حامد السقا، والشيخ سليم شعشاعة. وفي مدة نفيه مع والده وعمه أتقن اللغة التركية. ولما صدر العفو عنه، بعد وفاة والده، عاد إلى غزة في صفر 1323ه/ نيسان (أبريل) 1905م. استُقبل في موطنه استقبالاً عظيماً، ومدحه الشيخ محيي الدين عبد الشافي بقصيدة غرّاء. ثم عين عضواً في مجلس الإدارة سنة 1327ه/1909م، واستمال متصرف القدس إليه، وصارت له سطوة وكلمة نافذة، وانتُخب لوظيفة الإفتاء بعدما أُلغيت اثني عشر عاماً، منذ عزل والده عنها. كما عين خطيباً ومدرساً في جامع السيد هاشم، وأناب عنه عثمان الطبّاع في تلك الوظائف. ثم عين عضواً في المجلس العمومي في القدس، وانتخب عضواً في مجلس المبعوثان، وسافر إلى الآستانة يوم السبت 17 جمادى الأولى 1330ه/ 4 أيار (مايو) 1912م، وقد اختاره لذلك حزب «الإتحاد والترقي». وفي الآستانة عمل مثل سائر أعضاء مجلس المبعوثان عن متصرفية القدس في مقارعة الصهيونية ومحاربة مشاريعها الرامية إلى شراء الأراضي والإستيطان في فلسطين. وقد نبه في مقالاته وخطبه إلى أن الصهيونية ليست خطراً على فلسطين فحسب، بل تشكل خطراً على الدولة العثمانية كلها. ولما نشبت الحرب العالمية الأولى اختير عضواً دائماً في المجلس العمومي في القدس عن غزة، فأقام فيها. ثم لاحقته السلطات العثمانية وحكمت عليه بألا يغادر القدس، فصار لا يخرج منها إلا بإذن لبعض مصالحه الضرورية. وفي محرم 1335ه/ تشرين الثاني (نوفمبر) 1916م صدر أمر بنفيه إلى بلاد الأناضول، فخاف أن تفتك الحكومة التركية به فأخذ إذناً وحضر إلى غزة لقضاء بعض مصالحه. وفي غزة رتب محاولة للهرب إلى حدود مصر، حيث يقيم جيش الإنكليز، لكن السلطات العثمانية قبضت عليه وعلى ابنه، وأعادتهما إلى السجن في غزة. وبعد أيام نُقل إلى القدس، ووضع في سجن المسكوبية حتى صدر الحكم عليه شنقاً وعلى ولده رمياً بالرصاص لأن الثاني كان ضابطاً في الجيش العثماني. ونفذ فيهما الحكمان يوم الأربعاء الموافق 23 ربيع الأول 1335ه/ 18 كانون الثاني (يناير) 1917م، ودفنا في القدس خارج باب الأسباط. وقيل إنه تلقى إعدام ابنه أمام عينيه بصبر وثبات، وقال لما قدموه إلى المشنقة «فلتحيى العرب». وفي عيد الفطر سنة 1336ه/ 1918م أقيمت لذكراه حفلة قومية، واتجه جمع الحاكم العسكري الإنكليزي ومعاونه جبرائيل بك حداد. وفي الحفل تلا الشاعر الشيخ علي الريماوي قصيدة جاء فيها:
فديت بروحك الوطن المفدى فليـــت الظـالميـــــــن بـه فــداكــــــــا
فمــا قـتـــلــــوك وقــتـئـــــذ لـذنــــــــب ولكــن مـــا رضخـت إلى عداكا
وإجمالاً، فقد كان أحمد عارف من أعلام عصره البارزين في فلسطين. وامتاز بالذكاء، والجرأة، والإقدام، والسخاء، وكان يحب الشعر والأدب.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع