| المقال |
رشدية السعدي.. ابنة الشهيد الذي رفض مغادرة ترشيحا
حلب – مخيم النيرب
#هوية – فدوى برية
في إطار عمل مشروع هوية على توثيق الذاكرة الفلسطينية، زار فريقه الحاجة رشدية رشدي جمعة السعدي (أم أحمد) في منزلها بمخيم النيرب في حلب، يوم الثلاثاء 26 آب، حيث تسكن قرب السوق مقابل محل الخياط أبو أسعد منصورة.
استقبلتنا الحاجة رشدية بشموخٍ يليق بابنة شهيد، وبقلبٍ مفعمٍ بالإيمان لا تفارقه المسبحة التي ترافقها في ساعات الذكر والدعاء. فهي ابنة الشهيد رشدي جمعة السعدي، وحفيدة جمعة السعدي أحد أولياء الله الصالحين، صاحب طريقة معروفة.
بعد التعريف بعمل منصة هوية في حفظ شجرات العائلات الفلسطينية وتوثيق رواياتها، بدأت الحاجة حديثها بابتسامة فخر قائلة:
«أنا بنت الشهيد البطل رشدي جمعة السعدي، تولدت عام 1939 في ترشيحا، حارة البركة، قضاء عكا».
وتابعت تسرد مشهد استشهاد والدها كما علق في ذاكرتها منذ الطفولة:
«كنا أطفالاً نلعب قرب البركة وجانب الجامع، فمرّ عمي محمد (أبو علي السعدي) وقال: "باطل يا رشدي، قتل وانقتل".
كان والدي عند بركة الجفية حاملاً بندقية أخذها من اليهود، والناس تحييه وتناديه: يا رشدي ارجع.. يا رشدي ارجع. لكنه كان يرد: ما بطلع من فلسطين، بدي أموت فيها. وبعد دقائق حلّقت طيارة وقصفته، فاختاره الله شهيداً».
تضيف بأسى ممزوجٍ بالعزة:
«كان والدي وحيداً، له إخوة من أمه فقط، ولا يعرفهم. الله يرحمه، الناس تذكره بالبطولة والشجاعة. كان موظفاً مع الإنكليز، ولما دخل اليهود أخذ سلاحه وانضمّ للثوار في ترشيحا ودافع عنها حتى استشهد».
وتروي مشهداً مؤثراً من وداعه الأخير:
«عندما أُحضر والدي شهيداً إلى المنزل، خلعت أمي ذهبها وأخفته في جرة زيت على السقيفة لتستقبل الناس الذين جاؤوا يهنئونها باستشهاد زوجها».
واصلت الحاجة حديثها عن رحلة اللجوء من فلسطين بعد عام 1948 حتى استقرار العائلة في مخيم النيرب بحلب، حيث بنت حياة جديدة وربّت أبناءها الذين كبروا وتزوجوا، وأحفادها اليوم يحيطون بها ويرعونها.
تختم الحاجة رشدية حديثها بعبارة تختصر حكاية جيل بأكمله:
«الحديث عن والدي هو الحديث عن فلسطين.. عن وطنٍ سُرق، لكن قلوبنا ما زالت معلّقة به إلى أن تأتي ساعة العودة»

|
| Preview Target CNT Web Content Id |
|