المقال |
ولد شاعرنا الأستاذ المرحوم عبدالدايم بن محمد بن حامد ابن عاشور في أسرة أبو عبدا لله ليحمل رقم خمسة فى ترتيب الأسرة حيث عبدا لله , محبوبة , فاطمة , محمد , عبدالدايم , حامد , عبدالسلام , عبدا لرحمن ثم مريم وكان ذلك فى يوم الخميس الموافق 29/8/1935 م حيث ترعرع آنذاك في كنف والده المرحوم محمد حامد عبدالدايم اسعودى عاشور ولم يخفى على من حوله فى حينه نبوغ شاعرنا , حيث كانت تصرفاته في طفولته ليست كباقي من في سنه وحيث أن والده كان من أعيان مدينة خان يونس ومن الذين لهم كلمة فيها فانعكس ذلك على سلوكه مما جعله يعتز بنفسه .
دخل المدرسة الأبتدائية وكان من بداية دراسته نابغة حيث ظهر ذلك جليا خصوصاً فى اللغة العربية وانتقل بعدها إلى المدرسة الأعدادية وبدا عليه فى حينها ميوله الوطنيه حيث كانت نكبة " 1948 م " وما نتج عنها من تهجير لأبناء فلسطين , وفى العام الدراسى 1950 -1951 م عندما كان شاعرنا فى الصف الأول الثانوي ظهرت لديه من الميول والنشاطات ما ينم عن وجود ملكة شعرية فى طريقها للظهور وفى العام 1951- 1952م تأججت عنده العاطفه الوطنيه وتفتقت ملكة الشعر لديه , وفى العام الدراسى 1952- 1953 م ظهرت إنظلاقته الأدبية والفكرية والنزوع الثوري وفيض من القصائد الوطنية وفى العام الدراسي 1953- 1954 م تأججت لديه النزعة الثورية وكان أولها مظاهرة الطلاب التي قادها على أثر العدوان الأسرائيلي على محطة "غزة " , " وبئر الصفا " , ومقتل 27 شهيدا عسكرياً حرقاً في السيارة التي أقلتهم من خان يونس إلي غزة للتجنيد هذا من جهه.
ومن جهه أُخري صدور قرار من مجلس هيئة الأمم يطالب بتوطين اللاجيئين الفلسطينيين في شمال سيناء وصمت مصري علي هذا القرار مما جعلها مظاهره عارمه حيث لبي ندائها جميع مدارس القطاع بما فيها مدارس الوكاله وكانت شرارتها من خان يونس وأُحرق فيها مركز التموين الرئيسى فى خان يونس وكان المطلب الرئيسى للمظاهرة هو رفض قرار هيئة الأمم وفتح باب التطوع للجيش وفعلاً قامت مصر بمعارضة هذا القرار بشده مما أدي إلي إلغائه من أروقة هيئة الأمم و على أثر ذلك صدر قرار فصل شاعرنا من المدرسه بسبب قيادته لتلك المظاهره ثم التحق بالجيش , وفى العام 1956 م أصر على البقاء فى خان يونس لمقاومة الاحتلال الأسرائيلى وعدم الالتحاق بكتيبة الأشاره التي يتبع لها الأمر الذي أدي لفصله من الخدمة العسكريه بقرار صدر عن القياده الشرقيه والذي اعتبر فيه كل المتخلفين عن الخدمه مرفوضين , و بهذا فقد شاعرنا المكتسبات والميزات العسكريه ومن ضمنها رتبة الملازم التي رُفع إليها في أواخر العدوان الثلاثي وخلاله , ومن هنا بدأ يجول فى خياله بعض القصائد وبدأ يشعر من حوله بميوله للشعر ولمقارعة المحتل , كما وكانت للراحل المرحوم عبدالدايم كثيراً من المواقف الشجاعة فى العديد من المجالات نذكر البعض منها على سبيل العلم بالشيء فمنها مثلاً قصيدته التي نظمها عام 1953م و المتعلقه بدفع الرسوم المدرسيه التي فرضتها إدارة المعارف المصرية على الطلاب وهم فى حاله لا تسمح لهم بدفع أي رسوم حتى ولو كانت زهيده لتنطلق قصيدة شاعرنا و علي أثرها تُلغي الرسوم عن الطلبه الغير قادرين علي تسديدها و التي يقول في مطلعها :
سمعنا كلاماً كحز المُدى ................. فأدمى من الجُرح ما ضُمدا
وبهذه القصيده تم إعفاء من لم يستطيع دفع الرسوم كما وله قصائد ألقاها في مهرجان الشعر بمدينة خان يونس في 6/4/1967م وقصيدته أيضاً " غابة القصطل " التي نظمها في الاحتفال الذي أقامته بلدية خان يونس لغرس غابة القصطل بأحراش المدينة , وقصيدته " ضموا الصفوف " التي نظمها عام 1951 م للحث على التضامن والكفاح من أجل الوحدة العربية , وقد أشار فيها إلى ما حصل فى حرب فلسطين , وقصيدته التي نظمها عام 1954 م بعنوان " بقية أرضنا نموت فيها " للمطالبة بتجنيد الشباب الفلسطينى والغاء مشروع سيناء لإسكان وتوطين اللاجئين فيها .
بعد ذلك تم تعينه في الصحة المدرسية بتاريخ 12/4/1961 م وقد شارك فى تضميد جراح الأخوه اللذين سقطوا جرحى فى حرب حيزيران 1967 م حيث كان متطوعاً في حينه بمستشفى ناصر بخان يونس , ثم بعد ذلك تم تعينه مدرس بمدرسة " أحمد عبدالعزيز الأبتدائية " وتدرج فى السلم التعليمى حتى عام 1982 م إلي أن تم فصله من قبل ضابط الركن الأسرائيلي في الإداره المدنيه زمن الاحتلال الصهيوني بسبب مواقفه المشرفة حيث أنه رفض أن يطأطئ الرأس أمام ضابط الركن للمنطقة التعليمية ورفض أن يمتدحه ببعض أبيات من الشعر إلى أن اندحر الاحتلال وجاءت السلطة الوطنية الفلسطينية ولم يعد شاعرنا إلى الخدمة في التدريس , وله بعض القصائد في ذلك و أخري مدح في قدوم السلطة ورحيل الاحتلال ولنا لقاء اخر فى السيرة الذاتية لشاعرنا الفذ عبدالدايم رحمه الله تعالى وذلك بعد أن ننشر له ديوان شعره حيث أننا لا نستطيع أن ننشر بعضاً من قصائده قبل أن نوثقها في ديوان له حفاظاً عليها من السرقةوهكذا عاش شاعرنا مدة 68 عاماً من العطاء , خلف وراءه زوجته سهام عبدا لوهاب بقداش سورية الأصل و من الأبناء محمد , هند , عبدا لله , أحمد , علي , محمود , مصطفي , هدي , و عُرف عنه بأنه الأب الحنون , والمُربي الفاضل , وخير صديق , وأجود الكرام , وصاحب الرأي السديد , ومن صانعي القرارات في العائله - وبالجمله فقد كان رحمه الله من خيرة أبناء العائله اللذين تركوا خلفهم فراغاً كبيرا , ولقد توفاه الله إلى رحمته يوم السبت 8/11/2003 م الموافق الرابع عشر من شهر رمضان لعام 1424 هـ تغمد الله فقيدنا بواسع رحمته وأسكنه الفردوس الأعلى .
بقلم محمد أسعد عاشور
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|