شهادة يوسف محمد البربار وكان شاباً في الثامنة عشرة يروي :
استعدت البلد للمقاومة بعد قرب انسحاب الإنجليز، واشترى الشباب البواريد، وكنا منهم وكل عائلة اشترت بارودة وحفرنا خنادق واشترينا شوالات لملئها بالتراب، ولكننا بدأنا متأخرين، وكنا نسمع كل يوم أصوات آليات ودبابات، وكانت تنتشر من حولنا، وهاجموا قرية القبيبة قبلنا، واستولوا عليها، وبعد صلاة الصبح قصفونا بقنابل المدفعية، وصوتها مرعب وضخم، وكان الناس يتحدثون عن قتل العشرات في بيت الغرباوي والقصّاص والشيخ حسن مبروك، وهربنا من بين بيارات عائلتي الحمارنة والغندور باتجاه محطة القطار، والقذائف تلاحقنا، وقد ضربتني واحدة لكن القنبلة لم تنفجر، وانغرزت إحداها في الأرض الطينية الموحلة، ولم ننج حتى قطعنا سكة الحديد في قرية "يبنا" عند أقاربنا من دار النجار، وفي اليوم الرابع لاحقونا إلى "يبنا" وضربونا، فاتجهنا إلى البحر ناحية "اسدود" سيرا على الأقدام، وكانت تسترنا الكثبان الرملية، وكنت أقوم بمساعدة أهلي في نقل فراشنا وبعض متاعنا ، ورأينا هناك ضابطاً مصرياً مع مختار "اسدود"، و قال لنا الضابط: لا تزعلوا فغداً سنتغدى في تل أبيب.
ثم هاجمَنا اليهود من جهة البحر في "اسدود" ، وكنا نقيم في مدرسة في "اسدود" وكان بعض شباب القرى المحتلة مسلحين، وانتشروا على سكة الحديد، وفي أعلى الكثبان، وكنا نسمع صوت إطلاق نار كثيف، والناس يتحدثون عن فظائع ارتكبها اليهود في جامع القرية، وقبة الولي المدبولي، وقتلوا المؤذن ، وقد استطعنا صد هجوم الأرتال اليهودية التي هاجمتنا من جهة البحر، واستولينا على سلاح كثير مكتوب على أخمص البارودة : سنذبح عرب فلسطين ، وقد قتلنا اثنين من اليهود المقاتلين، ووجدنا أحدهما مختبئا تحت دالية عنب وقد أسرناه وهو في حالة رعب في وسط ساحة اسدود، وقد شهدتُ معركة أخرى في "نتساريم" بين "حمامة" و"اسدود" عند البحر وقد شارك الجيش المصري في الاستيلاء عليها بعد أن شاركت هذه المستوطنة في إطلاق النار على الملك فاروق وقد أصدر أوامر مشددة بالاستيلاء على هذه المستوطنة مع أخريين
المصدر: الدكتور اسامة الاشقر
كتاب زرنوقة جنة الليمون والبرتقال