لن نغفر ولن ننسى
بلحية غزاها الشيب وبتجاعيد وجهه التي عكست معاناة السنين، يروي أبو نهاد ذكريات طفولته التي تعلقت بالهجرة . . سنين طويلة مضت ولم تنسه الأيام كيف كان يجري حافي القدمين هرباً من خطر الموت، على ارض جرداء يملؤها الشوك، وكيف كانت قدماه تدمي لكن شعور الخوف كان أقوى من إحساسه بالألم، رحل مع عائلته في العام 1948 من قرية “عراق سويدان” قضاء مدينة المجدل، وكان وقتها طفلاً بعمر 11 عاماً .
تنهد محمد حماد “أبو نهاد” تنهيدة طويلة وشرد بذهنه للحظات يبدو أنها عادت به إلى “عراق سويدان”، وقال: مضى وقت طويل كنت طفلا من مواليد عام ،1937 بدأ القصف الجوي “الإسرائيلي” على القرية والقرى المجاورة، فزع الجميع، بينما والدي ومعه مجموعة من الشبان الشجعان، طلبوا منا جميعا الخروج وصمدوا هم في القرية، وأوصانا والدي بعدم اصطحاب أي شيء غير الطعام والشراب وترك كل شيء في مكانه . كان أمله أن تمر الأيام الطارئة وتعود الحياة كالمعتاد . . رحلنا إلى قرية “الفالوجة” القريبة حيث كان للجيش المصري معسكر في هذه القرية فأقمنا على مقربة منه لفترة بسيطة، وبعد اشتداد المعارك وزحف القوات الصهيونية نحو “الفالوجة” غادرنا القرية مرة أخرى وهذه المرة كان معنا أهالي من قرى مجاورة أخرى . . . فرادا ومجموعات كانت الهجرة من جديد موعدنا نحو المجهول، حيث لا ندري إلى أين المسير .
بزاد بسيط وماء لا يكاد يكفي لتبتل منه عروقنا، وصلنا إلى مخيم البريج وسط قطاع غزة، وهناك توزع الجميع بين الأحراش واتخذ كل منا مكانه رغم صعوبة الاقامة، اختار لنا احد أعمامي شجرة لنستظل تحتها وتكون مكان اقامتنا المؤقت . . كانت تمر علينا قوافل إغاثة توزع الطعام، والكل يأخذ حاجته من الطعام، وبعدها وزعت الأمم المتحدة خياما على المشردين . .
جريدة الخليج 15/05/2010