يقول يعقوب عودة، وهو ناشط فلسطيني يعيش في القدس الشرقية، إنه لا يزال يحتفظ بذكريات حيَّة عن طفولته المثالية التي كان قد أمضاها في لفتا، وهو الآن يرافق مجموعات سياحية يأخذها في جولات لكي تزور القرية.
يقف عودة وسط قريته القديمة، ويشير بيده إلى المسجد القديم وإلى معصرة الزيتون والباحة التي كانت تشكِّل ذات يوم أمرا أساسيا بالنسبة لحياة مجتمع القرية التقليدي.
يقول عودة: "لقد وُلدت في لفتا عام 1940، وبالتالي فقد كان عمري ثماني سنوات عندما رحلنا، إلاََّ أنني لن أنسى ذلك أبدا. إنه تاريخي وكل جوارحي وأحاسيسي".
ذكريات الطفولة
يأخذ عودة المجموعات السياحية في جولات حول لفتا، وذلك لكي يشرح لهم عن التاريخ الفلسطيني، إذ يقول: "أذكر عندما كنت صغيرا ألهو وألعب في مياه النبع وفي الحدائق، وأجمع كل أنواع النباتات الطبيعية".
ويمضي عودة بسرد حديث الذكريات والحنين، فيقول: "أتذكَّر أمِّي وكيف كانت تعد لنا الخبز الشهيَّ بزيت الزيتون والزعتر".
ويضيف: "كانت القرية كأسرة واحدة. ففي موسم الحصاد، وعندما كان أحدهم يقوم بإصلاح بيته أو بترميمه، كان جميع الشبَّان يتبرَّعون للعون والمساعدة. وحتى وقتنا هذا، نذهب جميعنا لأداء واجب العزاء عندما توافي المنية أحدا أبناء لفتا".
لقد كان سكَّان لفتا من بين ما يُقدَّر عددهم بـ 700 ألف فلسطيني فرّوا من منازلهم وأُجبروا على النزوح عن قريتهم خلال ما يصفه الإسرائيليون بـ "حرب الاستقلال".
"خراب ودمار"
وبينما نرى أن بعض البلدات والقرى الفلسطينية السابقة الواقعة في الأراضي التي تُسمَّى اليوم إسرائيل وقد أتى عليها الخراب والدمار، أو أُعيد تطويرها أو تم الاستيلاء عليها، تقف لفتا خالية مهجورة، ولكنها في الوقت نفسه "سليمة لم تمسسها بعد أي يدٍ بأذى".
إلاَّ أنك تلاحظ أنَّ الحشائش والأزهار والورود البرّية قد غطَّت المنازل والبيوت التي تزيِّن جدرانها خربشات وكتابات، وإن العديد منها لا يزال يحتفظ بأرضياته المزيَّنة بالفسيفساء والزخارف البديعة الجذَّابة.
وعلى الرغم من أنَّ المنطقة أضحت الآن محاطة بالطرق السريعة، ورغم أنَّ أعمال الإنشاءات والبناء جارية على قدم وساق في منطقة التلال المجاورة، وذلك لشقِّ نفق لبناء خطٍّ جديد للسكك الحديدية، إلاَّ أنَّ الموقع يظلُّ هادئا إلى حد كبير.
صحيفةBBC الشرق الاوسط