جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
لم يترك المستوطنون قرية "قصرة" الريفية الهادئة وشأنها، بل قاموا بالاستيلاء على أراضيها وإقامة مستوطنة "مجدوليم" والبؤرة الاستيطانية "ياش آد" التي لا تدع قصرة تنام إلا على ألحان وابل من الرصاص الحي على أهلها.. قرية قصرة، إلى الجنوب من مدينة نابلس هي أحد الأمثلة الصارخة على ما يعانيه المواطنون هناك من اعتداءات المستوطنين. في جو ربيعي هادئ دخلت "فلسطين" القرية، كان مسجدها يصدح بنداء أذان العصر.. وعلى أعتاب أزقتها الضيقة تجمع بعض الصبية يلعبون "الجلة". نظرات "العجائز" المجتمعات في حلقات صغيرة أمام بعض المنازل كانت تتفحص مراسلنا بدقة، سألته إحداهن إن كان يقصد بيت أبي سعيد، كان كل أهل البلدة- تقريبا- يعرفون أن الرجل الذي أصيب برصاص المستوطنين قبل عشرة أيام تقريبا ينتظر صحفيا ليحدثه عن ما تعرض له من اعتداء. وفي بيته الريفي الجميل، كانت دالية "مريد القصراوي" تظلل الجلسة وتضفي عليها جوا فلسطينيا ريفيا في غاية السكينة والجمال.. تناولنا كوب الشاي ولم نتطرق لحديث السياسة، إلا أن صوت الرصاص أقحمنا فيه عنوة. قال القصراوي:" إن هذه القرية لم تعد بأمان من اعتداءات المستوطنين، وصارت تعيش حالة استنفار على مدار الساعة؛ لأن أحدا لا يعرف متى يقع الهجوم التالي على قريتنا المسالمة". ويعدد القصراوي سلسلة من الاعتداءات التي يحفظها الأهالي عن ظهر قلب، مضيفا:" قبل أقل من أسبوعين جرح المستوطنون عشرة من شباب القرية بالرصاص الحي، وقبل فترة أقدم المستوطنون على ذبح أربعة خراف للسكان، كما أقدموا على اقتلاع 100 شتلة زيتون، وأقدم عشرات المستوطنين من مستوطنات عدة على الاعتداء على سكان البلدة وأراضيها أكثر من مرة". ويرصد المجلس القروي في القرية محاولة من عشرات المستوطنين للاستيلاء على أراضي منطقة "باسلطة" التابعة للبلدة، موضحة أن بعضهم كان مسلحا بالأسلحة النارية، واعتدوا على مزارعين كانوا يفلحون أرضهم، بينما هرع المواطنون- رجالا ونساء- للدفاع عن أراضيهم. سرقة وضح النهار وتعود معاناة البلدة من قبل الاحتلال والمستوطنين في بداية السبعينيات من القرن الماضي كما يقول محمد الغول، أحد وجوه القرية، مشيرا إلى أنه تم الاستيلاء على جبل "باطنت رزة" الشمالي الشرقي في القرية من قبل الاحتلال، وتم بناء مستوطنة "مجدوليم" عليه، الأمر الذي أتاح للاحتلال الفرصة لمصادرة المزيد من الأراضي المشجرة في تلك المنطقة، وتعيين حدود للقرية لا يمكن تجاوزها بالتوسع العمراني. ويؤكد الغول أن سلطات الاحتلال سلمت عدة منازل ومنشآت قريبة من هذه المستوطنة إخطارات بالهدم، كان من بينها مسجد الصحابة، موضحا أنه تم الهدم الفعلي لبقالة ومحطة محروقات صغيرة على مدخل القرية بحجة عدم وجود ترخيص. وأتاح إنشاء المستوطنة للاحتلال فرصة الاستيلاء على كافة مصادر المياه في القرية، وقيام المستوطنين بالاعتداء على عدة منازل في الأعوام الماضية، وتجريف أراض عدة في مناطق الوعاء و"خلة عتاب" و"أبو جربة". الموقع وجماله الخلاب وتقول المراجع التوثيقية:" إن القرية سميت بهذا الاسم نسبة لـ"القُصرى"، وهي نوع من الأفاعي". وتتصف قرية "قصرة" بالجمال الخلاب الطبيعي كما سائر بلدات فلسطين، حيث تحيط بها قرى جوريش وقبلان وعقربا ومجدل بني فاضل وقريوت وتلفيت وجالود وترتفع عن سطح البحر ما يقارب 700 متر. تبلغ مساحة قرية قصرة العمرانية حوالي 400 دونم، ومساحة أراضيها ما يقارب 8900 دونم، وأغلب مزروعاتها من اللوزيات والزيتون والعنب والحمضيات، ويبلغ عدد سكانها 6000 نسمة، كما أنه يوجد فيها أربع مدارس. وتؤكد المراجع التوثيقية أن للبلدة نبع ماء يقع غربها، وجرت مياهه بالأنابيب إلى خزان خاص يوزع على البلدة، سيطر عليه الاحتلال بالكامل فيما بعد ليحرم المواطنين من المياه لفترات طويلة. ولحل مشكلة المياه في القرية، أنهى المجلس القروي في نهاية العام 2009 الجزء الأول من مشروع تزويد البلدة بالمياه القطرية، ويتمثل المشروع في بناء الخزان، حيث باشر المجلس القروي العمل على تمديد الأنابيب التي تنقل المياه لبيوت القرية من هذا الخزان وقُدرت فترة الانتهاء من التمديدات بعامين. وفي قصرة "خرب" أثرية عدة، منها خربة (الكرك) أو (خربة القريق) وتقع في غرب القرية، وخربة (نبّوح) وتقع في جنوبي شرق القرية، بالإضافة إلى "جبل القعدة" وهو جبل القرية الشمالي ويحتوي على آثار عديدة منها الآبار والمغارات الرومانية القديمة.
المصدر: فلسطين أون لاين