الاحتلال يصادر أراضي الفلسطينيين بريديا
تحت عنوان "وضع اليد" لأغراض عسكرية وخدمة المصالح العامة، تسّلم المواطن نسيم عادل جودة من قرية عراق التايه شرق مدينة نابلس شمال الضفة الغربية بلاغا عسكريا مسجلا عبر دائرة البريد بالمدينة يقضي بمصادرة أرضه لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح جودة (40 عاما) أنه تسلّم البلاغ عبر بريد نابلس أمس الأربعاء، بعد أن وقّع أنه تسلم الطرد الخاص به، مشيرا إلى أنه ظنّ في بداية الأمر أنها إحدى المراسلات التي لطالما اعتاد عليها، لكنه تفاجأ بنص القرار الإسرائيلي.
ويقول إنه لم يصدق الأمر فالخبر وقع عليه كالصاعقة فلم يسبق له أن تعرض لمصادرة بهذه الطريقة عبر البريد المُسجل، كما أنه كان قد ابتاع قطعة الأرض هذه قبل سنوات عديدة بعد أن اقتطع ثمنها من قوت أطفاله.
وأكد جودة أن الأرض التي تبلغ مساحتها نحو 1500 متر مربع مثبتة باسمه بالدوائر الرسمية الفلسطينية وليست أرضا على المشاع.
الأراضي المصادرة لصالح مستوطنة إيتمار شرق مدينة نابلس وتتبع قطعة الأرض هذه للمخطط التنظيمي لأراضي قرية روجيب قرب مستوطنة إيتمار شرق نابلس التي باتت هدفا رئيسيا للاحتلال في ظل عمليات التوسعة المستمرة للمستوطنة، والتي كان آخرها قرارا ببناء 550 وحدة استيطانية جديدة فيها قبل أسبوع.
وإضافة للمتابعات القانونية والحقوقية للوقوف بوجه القرار الإسرائيلي، يُصّر جودة على التواجد بالأرض شخصيا لحمايتها والدفاع عنها، مؤكدا أنه لن يستسلم لإجراءات الاحتلال.
خيار المواجهة
وتعليقا على القرار وصف مسؤول الاستيطان بشمال الضفة غسان دغلس الخطوة بأنها وسيلة جديدة تضاف إلى وسائل الاحتلال في مصادرة الأراضي وسرقتها، ومنها إبلاغ المواطن مباشرة أثناء وجوده بأرضه أو تعليق البلاغ بأشجاره أو إلقائه بالأرض، "أو بالمصادرة بقوة السلاح دون إبلاغه أصلا".
وعدّ دغلس الطريقة بأنها أسلوب جديد في التحايل، إذ إنها تقطع الطريق أمام الاعتراضات المتكررة للمواطنين داخل المحاكم الإسرائيلية على عدم تسلمهم أي بلاغات بالمصادرة، قائلا "فالاحتلال وضعهم تحت الأمر الواقع بتسلم بلاغاتهم والتوقيع أيضا باستلامها".
ورأى المسؤول الفلسطيني أن أفضل حل لمواجهة قرارات الاحتلال "المتصاعدة بصورة كبيرة ولافتة هو التصدي المماثل، بالمسارعة بالبناء في تلك الأراضي المهددة، "كما حال قرية قصرة جنوب نابلس التي أضحت تزاحم مستوطنة ييش كودش بالبناء".
التفاف قانوني
من جهته رأى عصام أبو الحاج من مركز القدس للمساعدة القانونية الذي يتابع هذه الحالات أن الخطر يكمن في أن هذه القرارات تأتي بعد استنفاد وقت مراجعتها والاعتراض عليها من أصحاب الأرض.
وقال إن كل منظومة القوانين المعمول بها إسرائيليا فيما يتعلق بالأراضي تُسهّل إجراءات التحايل وتظهر وكأن الأمور تتم بطريقة قانونية، ولكن في حقيقة الأمر فإن هذه القوانين تخالف كل النظم والأعراف الدولية وما هي إلا إجراءات عسكرية لبسط سيطرة الاحتلال على الأرض".
لكنّ عبد الله حماد -مدير دائرة المناصرة داخل المركز ذاته- يؤكد أن الطريقة التي لجأ إليها الاحتلال بالتبليغ بالمصادرة هي قانونية، لكنها حق أريد به باطل، فالقرار تكمن خطورته بأنه عسكري.
ورغم أن القرار يتيح فترة للاعتراض عليه فإن محاكم الاحتلال عادة لا تستجيب لهذه الاعتراضات -كما يقول حماد- مؤكدا "أنه لم يحدث أن ألغي أي قرار مصادرة للأرض منذ عام 1967، وتم فقط تعديل بعض القرارات وخاصة بالمناطق قرب الجدار".
وأضاف أن مكمن الخطورة أيضا في أن المصادرة بالقرار العسكري تشمل مساحات أكبر من حجم الأرض نفسها، وليس للأهداف التي يتذرع بها الاحتلال وفق القانون والأهداف.
ويقول حماد إن المصادرة إذا كانت للمصالح العامة والأغراض العسكرية وهذا جائز وفق القانون الدولي للدولة المحتلة، فإن إسرائيل تحوّله لخدمة المستوطنات والجيش القائم على حمايتها.
يُشار إلى أن القرار الأخير بالمصادرة عبر البريد شمل نحو 63 دونما من أراضي المواطنين في قرى عورتا وروجيب جنوب نابلس.
المصدر: الجزيرة نت