أهالي كفربرعم وإقرث يقرعون أجراس العودة
اختتم يوم السبت الماضي مخيم العودة في قرية كفر برعم، وبدأ هذا الأسبوع مخيم العودة في قرية إقرث، غدا السبت سيعلن أهالي برعم عودتهم الفعلية إلى القرية، وقبل بضعة أيام مرت الذكرى السنوية الأولى لعودة مجموعة من شبان إقرث للقرية والسكن فيها وأعلنوا اليوم عن افتتاح ستاد إقرث لكرة القدم.. إصرار ونضال الكبار على العودة يحصده ويبنيه الشباب اليوم ليقرعوا معا أجراسا للعودة.
لم يفقد شعبنا الفلسطيني يوما أمله بالعودة الى وطنه وبيته، إلا أن للأمل في نفوس أهالي قريتي كفر برعم وإقرث طعمًا آخر، اليوم وبعد 65 عامًا من النكبة، قرر أهالي القريتين أخذ خطوة جديدة ومقدامة نحو تحقيق عودتهم الفعلية إلى قراهم، وعدم الإكتفاء بالتواصل المتقطع بل بالعودة الفعلية والسكن في القرية.. هذا ما بدأه مجموعة شبان من قرية إقرث قبل عام إذ أعطت إقرث في هذه السنة نموذجًا جديدًا في النضال وأصبحت تستقطب العديد من الوفود المؤيدة ووسائل الإعلام المحلية والعالمية وإثارة القضية على نطاق أوسع، أما في كفر برعم وبعد انتهاء مخيم العودة الرابع والعشرين السبت الماضي، قرر العديد من الشباب وبالتنسيق مع العديد من أهالي برعم بالعودة هم أيضا إذ سيعلن عن مشروع العودة بشكل رسمي غدا السبت من خلال كاهن الرعية.... بعد القداس الأسبوعي في كنيسة السيدة مريم وتواجد كبير لأهالي برعم.
نجاح هذه الخطوة وتطورها سيعطي دفعة كبيرة لنضال أهالي القريتين، نضال طويل مَرّ بعدة محطات تاريخية على عدة مستويات: قضائيا، سياسيا وشعبيا. وكما يبدو فإن الأخير له الفضل الأكبر في بقاء قضية القريتين حية في نفوس أبنائها خصوصًا من الجيل الجديد، وعدم الإكتفاء بتواصل موسمي وإحياء ذكرى النكبة، ولعل أبرز هذا التواصل هو تنظيم مخيمات العودة الصيفية على مدار الأعوام السابقة التي ربت الأجيال الجديدة التي لم تولد في القرية ولم تعش مرارة التهجير ورؤية قصف منازلهم من على "المبكى"، إلا أن الأطفال والشباب اليوم متحمسون للعودة أكثر من آبائهم كما يصف ذلك بعض الآباء.
قصة كفر برعم وإقرث كباقي قصص قرانا ومدننا الفلسطينية المُهجرة في عام النكبة، وبالرغم من المحاولات المستمرة بعد عام 1948 للعودة بشتى السبل وحتى باستصدار قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بحق العودة إلا أن القرار الأمني في اسرائيل فوق القضاء الذي حدد أن منطقة إقرث وبرعم منطقتان عسكريتان كونهما حدوديتين، لكن نضال اهالي القريتين المتميز والمتقدم أبقى القضية على الأجندة ولم يسمح باندثارها.
اصرار الأجيال
نزيه أبو وردة القاطن اليوم في مدينة عكا وأحد الأشخاص الأوائل الناشطين في حركة العودة لأبناء كفر برعم التقدميين والذي أعلن عودته لبرعم يتحدث عن الإصرار اليوم على العودة، إذ يقول "غالبية أهالي القرية الذين عاشوا التهجير فارقوا الحياة، والغريب والجيد في نفس الوقت بالموضوع أن الأجيال الجديدة كان من المتوقع أن تغرق بهومها وحياتها اليومية، الا أنها تملك إصرارًا أكبر، الجيل الجديد يتعامل مع القرية بأنها له وأن هذا البيت بيته ومتحمس جدا لفكرة العودة والتواجد الدائم، كما أنها أمانة في أعناقنا نحن الجيل الثاني.. أبي الذي توفي وكان التهجير بالنسبة له إذلالا وضربًا لكرامته وشبوبيته.. هذه الأمانة أحملها أنا وأولادي يسألونني عن القضية.. أشعر أن هذه الأمانة يجب أن أنقلها لأولادي".
ويضيف أبو وردة "المخيم على بساطة فكرته جلب أثرا كبيرا جدا لفكرة العودة التي مرت بالعديد من المراحل منها مراحل يأس وإحباط ايضا، أتى المخيم الذي بدأ في المرة الأولى عام 1982 وغير هذه الفكرة، وأعطى تأثيرًا معنويا كبيرًا خصوصًا وأنه في السنوات الأخيرة إذ استلم الجيل الجديد تنظيم وإدارة المخيم".
الرواية تولد مع الأطفال
حنين جريس (18 عاما) تشارك منذ صغرها في المخيم، وهذه السنة كانت أول سنة لها كمرشدة لمجموعة من الأطفال في المرحلة الإبتدائية، تقول إن الانتقال من مشاركة عادية الى مرشدة مسؤولية كبيرة"أشعر أنني أخدم قضيتنا التي ناضل من أجلها آباؤنا وأجدادنا، وأن الدور اليوم علي أنا وبإمكاني المساهمة والإفادة"، ثم تضيف عن تجربتها في الإرشاد وورشات العمل خلال المخيم "تفاجأت جدا من مجموعتي.. أطفال في الصف الخامس والسادس لديهم وعي كبير جدا ويعرفون تفاصيل القضية وكأنها مولودة معهم، الجميل أيضا في هذه السنة مشاركة مجموعة من أهالي القرية لأول مرة وتكوين صداقات جديدة مع أبناء قريتي".
تقول حنين إن قضية برعم لم تعد تؤثر على أهالي برعم فقط، فأولاد صفها في المدرسة في حيفا أصبحوا يعرفون عن القضية ويتحمسون دوما لزيارة برعم.
أما ساهر جريس أحد الشبان المنظمين والناشطين في مشروع "أعلن عودتي" أخبرنا عن التحضيرات الجارية للمشروع، إذ بدأت المبادرة كمبادرة شبابية التف حولها أهالي القرية وتقرر الشروع فيها بعد المخيم مباشرة. "أنشأنا لجنة مركزية للعمل مقسمة لعدة لجان مثل لجنة الورديات ولجنة قانونية ولجنة مالية وغيرها.. نتقاسم فيما بيننا إدارة هذا المشروع، ويوم السبت سوف يتم الإعلان عن المشروع بشكل رسمي من خلال كاهن رعية كفر برعم".
يشير ساهر الى أن العودة لن تكون بهذه السهولة إذ ستتغير ظروف حياته اليومية كونه يسكن في حيفا، لكنه يعتقد أنه آن الأوان لذلك "علينا ترجمة حبنا وحماسنا وعطائنا لبرعم لمشروع حقيقي على أرض الواقع وعدم الاكتفاء بالمشاعر فقط.. علينا ترجمة التفاعل الكبير الذي يحصل في المخيمات الصيفية الى عمل مستمر".
مخيمات صيفية
وشمل المخيم هذا العام العديد من الفعاليات والنشاطات التربوية والوطنية واللامنهجية إذ شارك فيه قرابة 200 شخص، إضافة للمرشدين الذين ناموا في خيمهم على مدار أسبوع كامل في ساحة الكنيسة والمدرسة. وعمل المخيم على ترسيخ الانتماء للأطفال كما انه يعتبر المناسبة السنوية الكبرى بالنسبة لأهالي القرية التي يجتمعون فيها ويتواصلون. اضافة لكونه فرصة للتواصل ايضا مع أهالي كفر برعم في الشتات من خلال احدى الورشات التي نظمت التي كتب فيها الأطفال رسائل موجهة للعديد من أهالي برعم في الخارج التي سيتم ارسالها عبر البريد.
وبالرغم من العديد من التضييقات التي يتعرضون لها من ناحية تصاريح مشددة للمخيم أو هدم أي مبنى (منافع مثلا) يتم بناؤها، إلا أن المسيرة متواصلة.
ويجري في هذا الأسبوع أيضا المخيم السنوي في قرية إقرث بمشاركة كبيرة من أطفال وأهالي القرية ويشمل المخيم أنشطة يومية متنوعة، أبرزها افتتاح استاد إقرث لكرة القدم بالتعاون مع المؤسسة العربية لحقوق الإنسان وحركة حق الشبابية اليوم الجمعة ببرنامج فني.
أجواء مخيمي إقرث وبرعم لمن يزورهما هذه الأيام تجعلك تريد الإنضمام للمشاركة الجماعية في كل شيء، فالتنظيم وتقسيم العمل والسهرات الليلية وحفلات السمر كلها تجعلك ترغب بالمشاركة.
المصدر: عرب 48