القرية قبل الإغتصاب
كانت القرية مبنية على تل قليل الارتفاع، في الركن الجنوبي الغربي من سهل الحولة. وكانت تقع في الجانب الشرقي من طريق عام يفضي إلى صفد وطبرية. وقد لحظ الجغرافي العربي ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) قِدم أبنيتها، وامتدح واحداً منها زعم أنه كان في الأصل هيكلاً، وربما كان بناه سليمان؛ وكان ماء شديد الحرارة، لكنه صاف تماماً وعذب، يتدفق من كل واحدة من كوى البناء الاثنتي عشرة. وكان الماء الدافق من كل منها يشفي، بحسب ما قيل، من داء مخصوص. وقد اعتقد الحموي أن هذا الموضع هو من عجائب الأرض حقاً.
في الأزمنة الحديثة، كان بنو الزبيدات (من البدو) يزرعون الأراضي الممتدة بين القرية وبحيرة الحولة. وكانت الحسينية ذات منازل مبنية بالحجارة، وفيها مدرسة ابتدائية تشاركها فيها قرية تليل المجاورة. أما أراضي القرية، فكانت خصبة وغنية بالمياه الجوفية والسطحية، المستمدة من الينابيع والجداول والآبار الارتوازية. وكان سكانها كلهم من المسلمين، ويعتمدون في تحصيل رزقهم على الزراعة. فكانوا يستنبتون أنواعاً عدة من الفاكهة، فضلاً عن الحبوب والبصل والذرة في الأراضي الواقعة شمالي القرية. في 1944/1945، كان ما مجموعه 3388 دونماً مخصصاً للحبوب، و22 دونماً مروياً أو مستخدماً للبساتين. وكان سكانها يربون المواشي، ولا سيما الجواميس، للحراثة واستدرار الألبان ومشتقاتها واللحم.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
سقطت الحسينية بعد أن واجهت هجومين عنيفين شنتهما كتيبة البلماح الثالثة في آذار/مارس 1948. وذكر المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن البلماح نسف خمسة منازل في الهجوم الأول. كذلك جاء في مقال نشرته ((نيويورك تايمز)) أن فرقة، قوامها 50 شخصاً تقريباً، أغارت على القرية في الساعة 40: 1 من صباح 13 آذار/مارس و((نسفت، تحت غطاء كثيف من النيران، اثني عشر منزلاً قبل أن تنسحب)). وقد قُتل في الاشتباك خمسة عشر عربياً، وجُرح عشرون. وأضافت الصحيفة تقول: إن رجال الشرطة والجيش البريطانيين دخلوا المنطقة لاحقاً، وفرضوا حظر التجول، وأجلوا السكان. وبعد أيام قليلة، في 16-17 آذار/مارس، ((قُتل أكثر من ثلاثين عربياً بالغاً (باستثناء النساء والأطفال) )). في هجوم آخر على الحسينية، بحسب ما جاء في تقرير أعدته إحدى كتائب البلماح. وقدرت مصادر إسرائيلية مجموع عدد القتلى بعدة عشرات، وقالت أن القرية هجرها سكانها الذين ((هربوا عبر الحدود)). وقد زُعم أن المجزرة جاءت انتقاماً لانفجار لغم أرضي كان زُرع لمنع مرور اليهود بالمنطقة. بعد هذين الهجومين، فرض البريطانيون حظر التجول لمدة أسبوع على طرق منطقة الحولة، وهرب سكان العُلمانية (3.5 كلم إلى الشمال) وكِراد الغنّامة (2 كلم إلى الجنوب الشرقي)، وكان هروب بعضهم مؤقتاً.
من الجائز أن يكون بعض السكان الذين نجوا من المجزرة مكث أو عاد في الأيام اللاحقة؛ واستناداً إلى تقارير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، فإن سكان الحسينية لم يغادروا قريتهم إلا في 21 نيسان/أبريل. ويقول موريس أن فرارهم ربما كان نتيجة قصف الهاغاناه للقرية بمدافع الهاون، والغارات المباشرة (التي كانت تشن في سياق عملية يفتاح)، أو نتيجة الخوف من غارات كهذه.
القرية اليوم
لم يبق إلا أكوام الحجارة وشطور الحيطان المقتلعة من المنازل المدمرة. وتغلب على الموقع نفسه الأشواك والحشائش البرية وبضع شجيرات شوك المسيح المبعثرة هنا وهناك، وهو يستعمل مرعى للمواشي. أما الأراضي المحيطة به فمزروعة.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
تقع مستعمرة حولاتا التي أنشئت في سنة 1937، على بعد 3 كلم شرقي الموقع، قريباً من تليل. وتبعد سدي إليعيزر، التي أُسست في سنة 1952، نحو كيلومتر إلى الغرب من الموقع.
المصدر: من كتاب كي لا ننسى للدكتور وليد الخالدي