جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تعيش عائلة دعنا في وادي الحصن شرق مدينة الخليل ،والتي تحتل المكان الأكبر في امتلاك الأراضي على حدود مستوطنة جريات أربع ، والتي تدفع الضريبة الأكبر في الصمود والتحدي . منزل عائلة دعنا هو كـ حال تسع منازل يقطنها نحو 50 مواطناً ،يفصلها سياج شائك عن المستوطنة . منازل متلاصقة زحفت إليها المستوطنة منذ مايقارب 40عاماً ،فُرض عليها حصاراً منذ مايقرب تسع سنوات. القادم إلى منزل العائلة يتصور كما لو أنه يدخل المستوطنة لكثرة كاميرات المراقبة والبوابات العسكرية التي تحيط بها ،يعتبر منزلهم المحطة الأخيرة للمستوطنة التي لا تبعد سوى 12متراً. معاناة تترقب العائلة على عتبات المنزل ، ينتظر الطفل صفوان دعنا وأشقائه كل يوم الإذن من جنود الإحتلال الإسرائيلي الذين يحرسون المستوطنة للسماح لهم بالخروج من بوابة منزلهم الوحيدة للتوجه للمدرسة. بدأت معاناة العائلة منذ السبعينات مع إقامة الجيش معسكراً بالقرب من منزلهم ،وبعد ذلك بدأ مسلسل السيطرة على الأراضي ، يقول سميح نعمان دعنا أحد سكان المنازل الملاصقة للمستوطنة"صادر الجيش في السبعينيات حوالي عشرة دونمات ووضعوا الأسلاك الشائكة بحجة عمليات تجريبية ،وعادوا عام 2003م لـ مصادرة باقي الأراضي التابعة لعائلتنا تسعة دونمات ونصف ،وبقرار عسكري ينص سنرد هذه الأرض بعد إنهاء الأغراض الأمنية "ولم يعلموا حينها أنها ستكون بداية حياة قاسية رُسمت لهم على حساب رفاهية هؤولاء. تتعثر أقدام سميح بالأسلاك الشائكة التي تحيط منزله،يترقب المكان ،تخترق نظراته للأعلى من بين ثنايا الأسلاك الشائكة نحو المستوطنة في الأعلى يُكمل " عرضت حكومة الإحتلال على والدي وأخي شيكات مفتوحة مقابل هذه الأرض أو ترك منزله". تفاقمت مشكلة هذه العائلة عقب العملية الفدائية التي نفذت في شارع وادي النصاري المجاور للمستوطنة عام 2002 م ، والتي خلفت 12 قتيلاً . عقب العملية أخذ الإحتلال برسم ملامح جديدة للمنطقة ويحكم من قبضته على المنازل القريبة ، لا أحد يستطيع الدخول للمنطقة أو الخروج منها إلا بالمرور من مكعبات اسمنتية شبيهة بالجدار تتوسطها بوابة حديدة صفراء بعرض ستة أمتار في شارع واد النصارى المجاور لمنازل العائلة. تلك البوابة والكتل الإسمنتية الضخمة ، حطمت ملامح الحياة لتخنق أنفاسهم أكثر فأكثر يُكمل سميح "المنزل مراقب من جنود الإحتلال ويتم اقتحام المنزل في حال زيارة أي شخص للعائلة والتحقيق معه". يتحدث دعنا "يومي السبت والجمعة(العطلة الرسمية لليهود) هي أقسى أيام يعيشها أفراد العائلة بمنعهم من الخروج من منزلهم أو فتح النوافذ ويتعرضون للضرب على أيدي المستوطنين ،وأحياناً يسمحون لنا بالسير خلف الجدار في طريق وعرة وطويلة ". فرص يتحينها صفوان أحياناُ تمكنه من الخروج أمام منزله عله يجد هواءً عليلاً ينتفسه بلا تضييق المستوطنين ، لكنها لا تدوم طويلاً "لا يوجد لدينا أماكن للعب ، وكلما خرجنا لنلعب يقذفون الحجارة في وجوهنا ويمنعونا من التوجة إلى أراضينا المجاورة أو اللعب بها ، كل يوم هيك ". يُحرم الأطفال من زيارة أصدقائهم أو اللعب معهم ،أو السير في الشوارع العامة ، بسبب القيود التي يضعها الإحتلال لزيارة منزلهم ، هذا عدا عن الخوف من مشاهد الجنود المدججين بالسلاح واعتداءات المستوطنين الذين يحتمون بالجيش . يتحدث سميح دعنا عن اعتداءات المستوطنين" تتعرض بيوتنا لإطلاق النار وإحراقها من المستوطنين والإعتداء علينا بشكل مباشر ، أخواني أحدهم أصيب بشكل مباشر برصاص المستوطنين بالقدم ويعيش بعجز 25%،والأخر إصابة بالصدر بنسبة عجز 40%". تواجه العائلة مشكلة في حمل المواد التمونية نتيجة تقطيع أوصال الطريق ومنع المركبات الفلسطينية من الدخول ، مما يضطرون لحمل أغراضهم على أكتافهم والسير على الأقدام في الطريق الوعرة . ساعات طويلة من الإنتظار يقضيها أفراد العائلة على البوابات ، خلف الكتل الأسمنتية ، حتى يُسمح لهم بالمرور ، تعرض بعضهم للطرد من العمل بسبب التأخير الخارج عن إرادتهم. يُنهي سميح حديثة، بعدما غرقت عيناه بالدموع "الأرض ثمينة وغالية ،والتفريط فيها لا يأتي بالساهل ، ونحن بكل الأحداث في الأربعين سنة الماضية وصّلنا رسائل لحكومة الإحتلال والمستوطنين أن هذه الأرض ثمنها فقط حياتنا". هذه جزء من حكاية عائلة دعنا ،يعيشون حياة قاسية في ظل حصار مشدد فُرض عليهم ، يُكمل "ذرة من بلدنا بتسوى العالم كله".
المصدر: دنيا الوطن