"سلطية".. ليس اسمًا فنيًا لسيدة تهوى الظهور عبر وسائل الإعلام وتسوق لنفسها الشهرة، وإنما امرأة فلسطينية ذاقت مرّ الحياة وعلقمها في أرجاء المضارب البدوية بمنطقة الأغوار الفلسطينية (شرق القدس المحتلة)، جرّاء انتهاكات واعتداءات الاحتلال الصهيوني لحقها وعائلتها في الحياة والعيش بكرامة.
سلطية العريان، الملقبة بـ "أم الخير"، (40 عامًا)، سيدة فلسطينية تقطن في خربة "بزيق" (شرقي مدينة طوباس) في الأغوار الشمالية ، أمضت عشرات الأعوام وهي في حلٍّ وترحال، اختلطت فيها حبات عرق جبينها مع قطرات الماء وذرات التراب هناك، لا يختلف حالها عن مئات النسوة في الأغوار.
"نحيا في خضم الكثير من المشاكل، وتكاد حياتنا لا تخلو من المشاكل"، بهذه الكلمات وصفت "سلطية" ظروف معيشتها في الأغوار الشمالية.
وتُضيف: "سكنت في خربة بزيق مع زوجي، بعد الانتقال من بردلا (قرية فلسطينية، جميع أراضيها مصنفة "C"، تقع في الشمال الشرقي من فلسطين وتتبع محافظة طوباس)، عام 1996".
وأشارت السيدة سلطية إلى أنها كانت تقطن سابقًا بالقرب من المناطق العسكرية، التابعة لجيش الاحتلال الصهيوني، قائلة: "بدأت معاناتنا قبل 20 عامًا؛ حيث شرع الاحتلال بهدم مساكننا بدعوى أنها في المناطق المصنفة C".
وقالت إنها عاشت بالقرب من المناطق العسكرية الصهيونية عدة شهور في العراء، أعادت خلالها بناء خيمتها عدة مرات عقب هدمها من قبل الاحتلال، قبل أن تُرحل تحت ضغوط صهيونية وتهديدات بالاعتقال.
وأوضحت: "كنت وعائلتي (مكونة من 7 أفراد) ننام تحت شجرة، عقب منعنا من بناء مساكننا المهدمة، واستمر الحال هكذا مدة 6 شهور ونحن في العراء".
واستطردت سلطية: "مع دخول فصل الشتاء اضطررنا للعيش في أحد الكهوف القريبة، لنتقي برد الشتاء وأمطاره، واستمر مكوثنا فيه مدة ثلاثة أعوام". مبينة أن باب الكهف "لم يكن ارتفاعه يصل لمتر واحد".
رحلت "أم الخير" عن منطقتها، لأخرى أبعد نسبيًا عن الاحتلال ومعسكرات تدريبه، لتوفر الأمن لأطفالها وعائلتها، وأشارت إلى أنها تركت المنطقة عقب ارتقاء شقيقها أحمد (44 عامًا) "شهيدًا" خلال محاولته إبعاد مخلفات الاحتلال العسكرية عن منطقة سكنها وأطفالها.
وتُعاني منطقة الأغوار الفلسطينية من "تقصير رسمي" في توفير الخدمات الصحية والخدمات الأساسية (الكهرباء والماء)، إلى جانب سيطرة الاحتلال على أغلب مواد المياه ومصادرة "خزانات" المياه من المواطنين، وهو ما يدفع الكثير من سكان خربة بزيق للرحيل بحثًا عن الماء لهم ولمواشيهم، وفقًا لحديث سلطية.
صعوبة الحياة "واستحالتها تقريبًا" لم تمنع السيدة أم الخير من أن تزرع في نفوس أبنائها حب الحياة والتمسك بالأرض ، وهو ما ظهر جليًا في تطلعات طفلتها ذات الـ 6 سنوات "زينة"، والتي عن أملها في أن تكمل مسيرة حياتها لتصبح "طبيبة" تُقدم المساعدة لسكان "خربة بزيق" وأهلها.
"سلطية".. تواصل حياتها رغم كل الصعوبات التي واجهتها وتواجهها ، لم يمنعها ظلم الاحتلال، ولا تقصير المؤسسة الرسمية الفلسطينية، من أن تترك أرضها، وزادها اختلاط دم شقيقها بتراب خربة بزيق إصرارًا على التمسك بحياتها، لترسم فيما بعد خارطة الصمود في الأغوار الفلسطينية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام