سعاد ارزيقات.. حكاية أمل بددته العجلات الصهيونية
ما أسرع أن تتبدد الفرحة من عيون الفلسطيني، تتبخر على عجل وكأنها حلم، وتنقلب إلى ألم وحرقة تحرق معها القلوب، عجلات صهيونية مجنونة، كانت كفيلة بأن تحيل أفراح عائلة الأسيرة المحررة سعاد ارزيقات إلى أتراح، فدموع الفرحة بالإفراج عن ابنتهم من سجون الاحتلال وزفافها إلى عريسها تحولت إلى دموع وداع.
أشهر ستة مضت على زفاف محمد ارزيقات إلى عروسه سعاد واليوم يزف مرة أخرى ولكن إلى دار غير هذه الدار، خلف سعاد ومحمد قصة ليست ككل القصص.
في بلدة تفوح غرب مدينة الخليل، خُطبت سعاد (22 عاماً) لابن عمتها محمد (24عاماً) لتستمر خطبتهم ثلاث سنوات منعهم ضيق العيش من إتمام إجراءات الزواج وبعد ثلاث سنوات كانت الفاجعة لمحمد باعتقال الاحتلال لخطيبته سعاد، ولتفرق بينهم السجون والقيود جسداً لا روحاً.
استمر اعتقال سعاد عاماً ونصف العام، وبقي محمد بانتظار عروسه لتخرج من بين براثن المحتل، عمل خلال هذه الفترة جاهداً وأمله في كل يوم يكبر بلقاء سعاد، خارج أسوار السجن، عازما على إتمام الزفاف فور الإفراج عنها وقد كان ذلك.
7/7/2009 كان الخبر الذي انتظره محمد طويلاً، أفرج عن سعاد بعد قضاء 15 شهراً، لتعود إلى حضن أهلها والى حياة زوج المستقبل محمد، وتمّت إجراءات الزفاف، بعد خطبة دامت أربع سنوات نصف، وعمت الفرحة التي ستنسي ال ارزيقات شيئاً من سنوات القهر والحرمان على يد المحتل الغاصب.
وكغيره من آلاف الشباب الفلسطيني كان محمد يخوض غمار معركة لقمة العيش الكريمة، متحدياً مئات الحواجز وإجراءات الاحتلال والإغلاق المحكم للأراضي المحتلة عام 48، وليعمل في البناء داخل الأراضي المحتلة، غير آبه بخطورة الدخول والخروج للعمل دون تصريح كغيره من العمال، ولصعوبة عمله كان لا يعود إلى بيته إلا مره كل ثلاثة أسابيع.
الإثنين 10/5/2010، سعاد على موعد مع عودة محمد من عمله الشاق، في لهفة للقائه وحرقة على حاله، لقد عاد محمد ولكن جثة هامدة، "بينما كنا نقطع الشارع من الممر المخصص للمشاة في طريقنا للعمل في الصباح الباكر في منطقة نتانيا وإذا بسيارة تقودها مجندة صهيونية بسرعة جنونية تدوس قدمي محمد، وعندما هم برفع جسده عن الأرض عادت السيارة للخلف بسرعة وداست رأس محمد، ومر وقت ومحمد ينزف إلى أن حضر الإسعاف وتوفي محمد في المستشفى "، يقول شقيقه.
سعاد الأسيرة المحررة والتي تحملت سنوات الأسر وذاقت مرارة الظلم من المحتل، تلقت الخبر المفجع بذهول سيطر على كل من رآها، ودموع تذيب الصخر، وشهقات تنبئ سامعها بألم دفين قتل آمال عاشت معها لسنوات طويلة، بأن تعيش ومحمد حياة تنسيها مرارة الأسر، ولكن أنى لجراح الشعب الفلسطيني أن تندمل ولا زال على الأرض محتل غاصب.