بات قرار الخروج إلى الطبيعة والاستفادة من خيراتها وثرواتها بمثابة القرار المصيري الذي يفكر به المواطن الفلسطيني مليًّا، كون ذلك جريمة في عرف سلطات الاحتلال التي تسن من القوانين والتشريعات ما يدعم مشاريعها الاستعمارية الرامية إلى حرمان المواطن من حقه في الأرض والانتفاع منها.
وتظفر منطقة الأغوار الشمالية بخصوصية معينة، كونها الأكثر استهدافًا من قبل قوات الاحتلال الصهيونية والمستوطنين الذين يصولون ويجولون في أراضيها مصادرة وتدميرًا واستغلالاً لثرواتها على حساب حرمان السكان الأصليين من الانتفاع بها تحت ذريعة "حماية البيئة والمحافظة عليها"!.
وفي الوقت الذي تحولت فيه الأغوار الشمالية إلى ميدان للرماية والتدريب من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، ومرتع للبؤر الاستيطانية، تقوم ما تسمى بسلطة البيئة في كيان الاحتلال بملاحقة المزارعين وسكان المنطقة الذين يقومون بالانتفاع من خيرات المنطقة الطبيعة وجمع بعض النباتات البرية وفرض غرامات مالية باهظة إلى جانب اعتقالهم في بعض الأحيان.
الناشط في مجال مقاومة الاستيطان ورئيس المجلس القروي في قرى وادي المالح، عارف دراغمة، أكد على أنه، ومنذ زمن الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية بالأغوار، سيطرت على معظم هذه الأراضي بسياسات مختلفة انتهجتها كل المؤسسات الصهيونية ضد الوجود الفلسطيني في المنطقة وعملت متحالفة من أجل هذا الموضوع خلال السنوات الأخيرة.
ويشير دراغمة إلى إن ما تسمى بسلطة حماية الطبيعة الصهيونية قامت بإغلاق أكثر من ثلاثة آلف دونم كمناطق طبيعية وتم حرمان المواطن الفلسطيني من الدخول إليها والرعي فيها حتى قطف العكوب والزعتر ونباتات طبية أخرى تحت ذرائع متعددة.
وتابع "نحن نشاهد أن هذه الأراضي لم تغلق للطبيعة، ونشاهد تدريبات الاحتلال فيها، والتي تحرق كل شيء أخضر وتقتل الحيوانات البرية وبيوض العصافير، حتى إن النباتات تُحرق بتلك التدريبات".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد -أكمل دراغمة قائلاً-: "فقد تم إعطاء هذه الأراضي للمستوطنين للإقامة فيها ورعي ثروتهم الحيوانية، وفي الفترة الأخيرة شن الاحتلال عمليات مبرمجة ضد قاطفي النباتات البريه وخاصة العكوب؛ فخلال شهر واحد تم مصادرة 10 دواب للفلسطينيين بسبب العكوب، وكذلك فرض غرامات باهظة على السكان".
ويشير دراغمة إلى أنه، وفي بعض الأحيان، تجري عمليات كر وفر بين جنود الاحتلال أو ما يعرف بسلطة البيئة، وبين المزارعين والمواطنين الذين يتخذون من قطف النباتات البرية مصدر عيش لهم في منطقة الأغوار تنتهي في كثير من الأحيان بالقبض على هؤلاء المواطنين والتنكيل بهم قبل إيقاع الغرامات ومصادرة دوابهم ووصولاً إلى اعتقالهم في بعض الأحيان، على حد قوله.
ويرى دراغمة أن سياسات الاحتلال تلك وتعامله بازدواجية قائمة على قهر وإذلال المواطن الفلسطيني، ومحاصرته في كافة تفاصيل حياته في مقابل إطلاق العنان للمستوطنين في العيش بحرية يهدف إلى خلق حالة من الخوف واليأس في آن واحد في نفوس المواطنين الذين لا يملكون سوى هم العيش بهدوء ويعملون ليل نهار لتوفير لقمة العيش في ظل غياب أي دعم لهم.
ومن الجدير بالذكر أن منطقة الأغوار عمومًا تشتهر بانتشار النباتات البرية، الأمر الذي جعلها قبلة للباحثين عنها؛ حيث امتلأت جبالها بالمواطنين، سواء من سكان المنطقة أو من المناطق الأخرى باحثين عن نباتات الخبيزة واللسينة والعكوب والزعتر التي تعتبر موسمًا مربحًا للكثير من الأسر والأفراد.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام